أ.د أحمد مطهر عقبات* - مناسباتان جديرتان بالاحتفاء هذا العام ، الأولى في شهر أغسطس الفائت بمناسبة الذكرى الأربعين لتأسيس المؤتمر الشعبي العام وإقرار ميثاقه الوطني كدليل تنظيمي وتوجه دولة، والثانية الذكرى الستين لثورة السادس العشرون من سبتمبر المجيدة في ظل منعطفات تحتاج الى مواقف مسئولة لمواجهة التحديات.
ستون عاما من عمر الثورة اليمنية المباركة ، التي شكلت تحولا جذريا في تأريخ اليمن المعاصر ، حيث أرست قواعد النظام الجمهوري بأهداف واضحة المعالم تلبي طموح المجتمع المعاصر وخطط طموحة لأهداف تنموية ووحدوية تمكن البلد من النهوض في كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والصحية والتعليمية والتنموية المختلفة، وفتح الباب على مصراعيه أمام العالم الخارجي لتكوين علاقات سلام وتعاون في جميع المجالات .
لقد مثلت ثورة 26 سبتمبر 1962 منعطفا مهما في تأريخ اليمن المعاصر، لأن أهدافها الستة رسمت خارطة متكاملة لخطوات طموحة نحو بناء دولة قادرة على تشخيص المشكلات الموروثة والقائمة ومعالجتها بتقييم واقعي لمجريات الأحداث لتحقيق أكبر قدر من المصداقية إزاء المجتمع الذي عانى ردحا من الزمن من الحرمان وتلبية احتياجاته الملحة في مجالات الصحة والتعليم والطرقات وغيرها ، الأمر الذي شجع المواطنين على الإنخراط تحت لواء الثورة الوليدة .
ولاشك أن العقود السابقة قد شهدت منجزات تنموية في مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والخدمية وغيرها مكنت المواطن من الاستفادة من خيرات المرحلة الجديدة .
وللأسف أن أهم السلبيات اللاحقة تمثلت في صراعات مركز القوى السياسية التي عرقلت تنفيذ أهداف الثورة كما ينبغي ، بالولوج بين فترة وأخرى في دهاليز خلافات أثرت سلبا في تشويه بعض معالم الإستراتيجيات الموضوعة، ومع ذلك كان السعي إلى استقراء الواقع المعاش قائما باستدراك الأخطاء عن طريق عقد المؤتمرات والندوات والاستعانة بالخبراء والمختصين الذين يزخر بهم المؤتمر الشعبي العام والجهات الأخرى لوضع برامج تساهم في إصلاح مالي وإداري شامل .
إن مرحلة مابعد الوحدة ولأهمية استيعاب كافة القوى السياسية ذات التوجهات المختلفة قد مكن من الدخول في معمعة تجربة جديدة في نظام الحكم تمثلت بالنهج الديموقراطي والتعددية السياسية التي أفرزت تباين الآراء في أمور كثيرة وظهور إعلام حزبي عزز الاعتراف بوجود الآخر بقوة انعكس في الانتخابات الرئاسية والنيابية والسلطة المحلية والسعي نحو انتخابات المحافظين.
وهذا يعني أن ثورة 26 سبتمبر قد فتحت الباب على مصراعيه بالانفتاح على الجميع داخليا وخارجيا ومكنت القوى السياسية من المشاركة في الحكم والإدارة بمواطنة متساوية نسبية الأمر الذي خلط أوراق الولاءات الذي انعكس تأثيرها في مرحلة لاحقة.
إن خصوصية الاحتفال في هذه الظروف الاستثنائية تقتضي مراجعة المواقف المسئولة أمام أبرز التحديات التي تواجه ديمومتها بالحفاظ على هذا المنجز التأريخي العظيم الذي يمثل باكورة الإنطلاق نحو البناء والتحديث في مختلف المجالات وتوحيد اليمن أرضانا وإنسانا وكفالة الحقوق المتساوية في ظل دولة النظام والقانون والمؤسسات.
وبصفة عامة فإن الذكرى 60 من عمر الثورة جديرة بالاحتفاء لأنها جامعة لليمنيين في بلد يزخر بالخيرات ويتوق للسلام والاستقرار ، ولعل الجهود الخيرة لإنهاء الحرب ووضع مداميك الأمن ، كفيلة بفتح آفاق رحبة للسعي نحو تحقيق كافة تطلعات الثورة وحصد نتائج أهدافها.
* عميد معهد الميثاق
|