صادق بن أمين أبوراس- رئيس المؤتمر الشعبي العام - الثورة اليمنية »26 سبتمبر و14 أكتوبر« والتي يحتفل شعبنا بعيديهما الـ60 والـ59، في ظل صعوبات وتحديات وأخطار تستوجب إعادة قراءة التاريخ النضالي والوطني انطلاقاً من الأوضاع والظروف التي كان يرزح تحتها في ظل حكم الإمامة الظالم ونير جبروت الاستعمار الذي فرض على شعبنا الفرقة والتمزق ليسهل تأبيد سيطرته غير مدركٍ أن شعباً حضارياً عريق لا يمكن أن يستكين أو يستسلم لغازٍ يدنس أرضه ويصادر كرامته فكانت العلاقة بين سبتمبر وأكتوبر متلازمة فالانعتاق من الطغيان والتخلف والعزلة والتحرر من الاستعمار تأكيد أن وحدة الإرادة الثورية الوطنية تصنع النصر وأن الاختلاف والصراع والتناحر يولد الضعف ويسهل لأعداء اليمن ومخططاتهم التآمرية النيل من هذا الشعب العظيم.
هذا هو الدرس الأهم الذي ينبغي أن نستحضره اليوم لمعرفة الطريق الصحيح التي تخرجنا مما نحن فيه، كما أنه يصوب وعينا باتجاه الفهم الصحيح لتاريخنا المعاصر واستيعاب أن قيام الثورة اليمنية لم يكن عملاً مرتبطاً بانفعالات آنية وإنما حدث فرضته معطيات موضوعية لا يمكن النظر إليها إلا في سياق زمانها ومكانها والظروف الجغرافية والسياسية المحيطة بها وفي فضائها العربي والإسلامي والعالمي.
ما نريد قوله هنا أن فترة قيام الثورة اليمنية لا تفسر انطلاقاً من الحاضر الذي تشكل في مسار تفاعلات ايجابية وسلبية تُحسب ليس على الثورة ولا على من ناضلوا وضحوا في سبيل الوصول إلى لحظة قيامها والدفاع عنها وانتصار نظامها الجمهوري ونيل الاستقلال الناجز والتحرر من الاستعمار البريطاني البغيض.
وهكذا علينا إدراك أن الثورة اليمنية مثل أي ظاهرة إنسانية لها ايجابياتها وانجازاتها ولها سلبياتها وعثراتها وإخفاقاتها وأن الأولى تُحسب على الثورة والثانية على من حملوا لواءها ولكن تعاطوا معها انطلاقاً من الأهواء والمصالح والطموحات الشخصية والحزبية الضيقة، وهذا سيجعلنا نفكر بطريقة علمية تساعدنا على ما يفترض أن نقوم به اليوم من رص الصفوف وتوحيد جبهتنا الداخلية ضد أولئك الذين انحرفوا بالمسار وعلى أعداء اليمن الذين لم تتوقف مشاريعهم التآمرية العدوانية قبل وبعد الثورة اليمنية واليوم، وقبل هذا الانتصار على أمراضنا النفسية وإدراك أن لا بديل لحل قضايانا ومشاكلنا وخلافاتنا إلا بالتلاقي والحوار والتصالح لما فيه خير هذا الوطن وشعبه العظيم.
الثورة اليمنية »سبتمبر وأكتوبر« واحدةً من أنبل وأعظم الثورات الوطنية التحررية الإنسانية، واحتفال شعبنا بأعيادها يجسد عودة الوعي الوطني الصحيح.. والانقسام حولها اعتساف للتاريخ وضياعاً للحاضر والمستقبل وخيانة لشهدائها أولئك العظماء الذين قدموا أرواحهم فداءً في سبيل الحرية والتحرر الوطني، ومن تضحياتهم نستلهم ما ينبغي علينا القيام به من أجل الانتصار لسيادتنا ووحدتنا واستقلالنا وحرية وكرامة شعبنا.. وهكذا تكون الثورة اليمنية وهجاً وتوهجاً لا ينطفئ. |