د. عبدالوهاب الروحاني - كل عام يأتينا سبتمر ويجلب معه الذكرى الجميلة والحدث الذي أفقنا به على صبح ليس لإشراقه مثيل.
سبتمبر (26) يأخدنا معه إلى عام (62) الذكرى والحدث، والموقف الأهم والاعظم في تاريخ بلادنا، التي ما فتئت تعيش انتكاساسات متتالية منذ أن "خرب الفأر سد مأرب" وحتى خرب فئران اليوم كل شيء ينتمي لليمن.. الانسان، والأرض، والبحر، والحكمة التي نزعم (فشخرة) أننا نمتلكها.
ستون عاما من الثورة التي مزقت الظلام.. وأخذت بأيدينا إلى شاطئ نور تخترقه زوابع موسمية مفزعة لا تدوم.. ذلك لأن المستقبل لن يكون الا بسبتمبر، والأمل يجب ان يظل بسبتمبر.. أتعرفون لماذا؟!
نقول ببساطة ويُسْر ودون عناء أو تكلف ان سبتمبر (62) جاء من أجل كل اليمنيين.. من أجل كل الناس:
* جاء من أجل الفقير والغني، العامل والفلاح، وجاء من أجل كل الفئات والاعراق.. ولم يقل بحسب أو نسب، او كبير او صغير.
* ألغى الفوارق والامتيازات، وقال بتحقيق العدالة، وان الناس متساوون في الحقوق والواجبات، ولا فرق بين علان أو فلتان، ولا بين "زلعاط" أو "ملعاط" تماماً كما جاء به ديننا الاسلامي الحنيف.
* فتح أبواب التعليم المجاني لكل ابناء المجتمع، وبنى المدارس ووفر المدرس ومنحه أجره، والكتاب الذي يمجد الوطن ويصون المواطن.. وأنا ممن تعلم وابتعث للتعليم على نفقة سبتمبر الثورة والجمهورية، التي أحببتُ وعشقتُ وما أزال.
* بنى سبتمبر المستشفى في المدينة، ووفر المستوصف في العزلة والقرية، واهتم - وإنْ بامكانات شحيحة ومتواضعة - بتطبيب المواطن البسيط.
* فتح سبتمبر (62) الوظيفة للمسابقة والتنافس، وأنا أحد من نافس على الوظيفة وحصل عليها في أكثر من موقع ومؤسسة، وتدرجت بعملي دون وساطة أو رشوة.
* وفر سبتمبر -الذي نحييه كحدث وذكرى- فرص الحياة والمعيشة لكل الناس، ولم يضيق على المواطن في عيشه ومصدر رزقه..
قواعد تحكمنا
هذه هي ابسط القواعد التي تحكم بها المجتمعات، وهي التي اسس لها سبتمبر (62) في يمننا الذي يعاني.. وبالمناسبة هي قواعد أو متطلبات اساسية وبسيطة يجب ان تحكمنا ويعيشها الناس في العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين في أي مكان أو مجتمع في العالم، حتى المتخلفة منها.
من هنا، لم يعد مهماً من يحكم.. بل المهم هو كيف يحكم ؟!.. ومن يريد أن يحكم اليمن اليوم يجب أن يسير وفق أبسط قواعد وشروط الحياة المعاصرة، التي تحفظ للوطن سيادته، وللمواطن كرامته.. نعم وللمواطن كرامته.
وصدّقوني سيكون من الصعب على أي حزب أو جماعة سياسية أو دينية أو قبلية أو جهوية ان تحكم بالحديد والنار.. فزمن القهر والظلم والاستبداد قد ولَّى، ولا يمكن له أن يعيش في زمن غير زمنه..
زمن اليوم هو زمن العالم "القرية" الصغيرة.. زمن الحرية التي تشع من بين اصابع الأطفال وتنتشر بدموع الثكالى من ضحايا الحرب والجوع والموت..
كل عام وسبتمبر يذكّرنا بما يجب ان نكون ويكون عليه وطننا الحبيب..
كل عام وأنتم بألف خير..
|