موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


مواطنون لـ"الميثاق": مَنْ يدعون للانفصال يمثلون أنفسهم وأسيادهم - تربويون لـ "الميثاق": الأختبارات تسير بشكل جيد وهناك توجُّس من بعض المواد - المانجو اليمني.. بين شائعات الإنترنت وتحديات الزراعة - إلى بنكي المركزي في عدن وصنعاء: تعالوا إلى كلمة سواء - المساح يكتب عن حياته من بيع (التمباك والصحف) إلى صناعة وإبداع الدهشة "2-2" - شرف يحيي موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية - النواب يندد باستمرار الإجراءات التعسفية ضد المتظاهرين بالجامعات الغربية - ارتفاع عدد شهداء غزة إلى 34 ألفاً و683 - مجيديع يعزي بوفاة الشيخ شعلان الأبيض - تحذيرات أممية من "حمّام دم" في رفح -
مقالات
الميثاق نت -

الإثنين, 26-سبتمبر-2022
د‮. ‬طه‮ ‬حسين‮ ‬الهمداني‮ -
كثيرة هي نسخ الثورات العربية التي أحدثت تغييرات جذرية في لحظة من لحظات التاريخ الحديث، وأسست لمنعطف جديد، فكانت فاتحة لمسار غيّر ملامح المجتمع. في العراق وسوريا ومصر والجزائر وليبيا، غير أن ثورة 26 سبتمبر 1962م في اليمن لها خصوصية واستثناء فريد، يدركهما من‮ ‬عاش‮ ‬العقود‮ ‬التي‮ ‬سبقتها،‮ ‬وهناك‮ ‬الكثير‮ ‬من‮ ‬المؤرخين‮ ‬اليمنيين‮ ‬والعرب‮ ‬قد‮ ‬بلغوا‮ ‬بأقلامهم‮ ‬درجة‮ ‬كبيرة‮ ‬من‮ ‬التعريف‮ ‬وتوصيف‮ ‬الحالة‮ ‬اليمنية‮ ‬قبل‮ ‬وبعد‮ ‬وبصورة‮ ‬دقيقة‮.‬
هي‮ ‬ثورة‮ ‬لا‮ ‬تشبه‮ ‬كل‮ ‬الثورات،‮ ‬إذا‮ ‬كانت‮ ‬الثورات‮ ‬قامت‮ ‬ضد‮ ‬سلطة‮ ‬أو‮ ‬حكم‮ ‬جائر‮ ‬أو‮ ‬فساد‮ ‬أو‮ ‬إصلاح‮ ‬فإن‮ ‬سبتمبر‮ ‬مشروع‮ ‬نبيل‮ ‬وكبير‮ ‬قام‮ ‬من‮ ‬اجل‮ ‬الحياة‮ ‬التي‮ ‬كانت‮ ‬غائبة‮ ‬عن‮ ‬اليمنيين‮.‬
قامت من أجل أن يصبح المواطن اليمني، انساناً يتمتع بكامل الحرية وابسط الحقوق التي تؤهله للعيش كما يجب، فاليمن التي حكمها الأئمة كانت خارج التاريخ، تعيش في دياجير الظلام والظلم، تم عزلها من قبل النظام الإمامي عن العالم الخارجي، فلم يكن ساكن صنعاء يعلم عن أمر‮ ‬خارج‮ ‬باب‮ ‬شعوب‮ ‬أو‮ ‬باب‮ ‬اليمن،‮ ‬هذا‮ ‬على‮ ‬مستوى‮ ‬مدينة‮ ‬صغيرة،‮ ‬حيث‮ ‬تم‮ ‬وضع‮ ‬ما‮ ‬يشبه‮ ‬الحدود‮ ‬السياسية‮ ‬والفوارق‮ ‬التي‮ ‬مزقت‮ ‬نسيج‮ ‬اليمنيين‮.‬
وقد‮ ‬صدق‮ ‬شاعر‮ ‬اليمن‮ ‬الكبير‮ ‬ومناضلها‮ ‬الجَسور‮ ‬أبو‮ ‬الأحرار‮ ‬محمد‮ ‬محمود‮ ‬الزبيري‮ ‬عندما‮ ‬انشد‮ ‬قصيدته‮ ‬الخالدة‮: "‬يومٌ‮ ‬من‮ ‬الدهر‮ ‬لم‮ ‬تصنع‮ ‬اشعته‮ ‬شمس‮ ‬الضحى‮ ‬بل‮ ‬صنعناه‮ ‬بأيدينا‮". ‬
لقد‮ ‬جاء‮ ‬انبثاق‮ ‬ثورة‮ ‬26‮ ‬سبتمبر‮ ‬الخالدة‮ ‬بمثابة‮ ‬إعلان‮ ‬نهاية‮ ‬نظام‮ ‬حكم،‮ ‬كانت‮ ‬أدواته‮ ‬قائمة‮ ‬على‮ ‬الاستبداد‮ ‬والظلم؛‮ ‬الذي‮ ‬اذاق‮ ‬شعبنا‮ ‬اليمني‮ ‬مرارة‮ ‬الحياة‮ ‬وجرعها‮ ‬أنواع‮ ‬السموم‮.‬
أتى سبتمبر ليكون بمثابة نقطة ضوء وبداية تحول من النظام التقليدي المتخلف والبائس إلى تأسيس للنظام الجمهوري في شمال اليمن والذي قام على قواعد راسخة، أساساتها العدالة والمساواة والحرية، ومن رحم ثورة سبتمبر المباركة ولدت ثورة الـ14 من أكتوبر 1963 المجيدة، التي‮ ‬أنجزت‮ ‬تحرير‮ ‬جنوب‮ ‬اليمن‮ ‬من‮ ‬الاستعمار‮ ‬البريطاني‮.‬
هاتان الثورتان كانتا بمثابة الانتقال الأول من البنى والنظم التقليدية إلى البنى والتطور الحديث، ومن الوصاية الأجنبية إلى الاستقلال الوطني الناجز، بل شكلتا بداية الانعتاق والتحرر وشكلتا علامة ونقطة فارقة في تاريخ اليمن المعاصر؛ لتجسيد قيم العدالة والمساواة، وازالة‮ ‬الفوارق‮ ‬الاجتماعية‮ ‬بين‮ ‬اليمنيين،‮ ‬وبناء‮ ‬جيش‮ ‬وطني‮ ‬قوي‮ ‬يحمي‮ ‬الكرامة‮ ‬ويعمل‮ ‬على‮ ‬إرساء‮ ‬دعائم‮ ‬مجتمع‮ ‬ديمقراطي‮ ‬عادل،‮ ‬يحقق‮ ‬المساواة‮ ‬والغاء‮ ‬التمييز‮ ‬والفوارق‮ ‬الطبقية‮.‬
لقد كان من الأهداف العظيمة السامية للثورة المباركة، العمل على إحداث نقلة سياسية واجتماعية واقتصادية، باعتبارها ثورة انسانية لجميع اليمنيين بمختلف مناطقهم واتجاهاتهم، مدنيين وعسكريين في الداخل والخارج، اجتمع رجال الثورة على تأسيس عقد اجتماعي تمثل بمبادئ الثورة‮ ‬الخالدة‮ ‬ونقاطها‮ ‬الستة‮.‬
لقد‮ ‬واجهت‮ ‬الثورة‮ ‬منذ‮ ‬انطلاقها‮ ‬تحديات‮ ‬عدة،‮ ‬كما‮ ‬جابهتها‮ ‬صعوبات‮ ‬جمة،‮ ‬سواء‮ ‬أكان‮ ‬ذلك‮ ‬على‮ ‬الصعيد‮ ‬الداخلي‮ ‬أو‮ ‬الفضاء‮ ‬الخارجي،‮ ‬حتى‮ ‬تمكنت‮ ‬من‮ ‬تثبيت‮ ‬دعائم‮ ‬النظام‮ ‬الجمهوري‮ ‬وتأمين‮ ‬سلامته‮.‬
ومع‮ ‬ذلك‮ ‬تحققت‮ ‬الكثير‮ ‬من‮ ‬الانجازات‮ ‬العظيمة‮ ‬في‮ ‬مختلف‮ ‬المجالات،‮ ‬أبرزها‮ ‬إعادة‮ ‬تحقيق‮ ‬الوحدة‮ ‬المباركة‮ ‬في‮ ‬22‮ ‬مايو‮ ‬1990م‮ ‬والتي‮ ‬كانت‮ ‬بمثابة‮ ‬التحول‮ ‬الثاني‮ ‬الذي‮ ‬أسس‮ ‬لعقد‮ ‬اجتماعي‮ ‬جديد‮.‬
وترافق مع إعادة تحقيق الوحدة، السعي لإرساء التعددية السياسية والحزبية، وافساح المجال لمنظمات المجتمع المدني، وتوسيع قاعدة المشاركة واشراك المراة في مختلف الأنشطة، ومساواتها بأخيها الرجل والاهتمام بحقوق الإنسان والحريات العامة.
وتم‮ ‬إجراء‮ ‬عديد‮ ‬من‮ ‬الدورات‮ ‬الانتخابية،‮ ‬سواء‮ ‬أكانت‮ ‬رئاسية‮ ‬أو‮ ‬برلمانية‮ ‬ومحلية؛‮ ‬لتكريس‮ ‬مفهوم؛‮ ‬أن‮ ‬الشعب‮ ‬مصدر‮ ‬السلطة،‮ ‬وله‮ ‬الحق‮ ‬في‮ ‬اختيار‮ ‬حكامه‮ ‬عبر‮ ‬صناديق‮ ‬الاقتراع‮ ‬الحر‮.‬
على أرض الواقع مارس الشعب حقه في الترشح والانتخاب وتطور النظام الانتخابي في كل الدورات الانتخابية، وكان هناك اشادات واسعة وعديدة من المنظمات المحلية والدولية المعنية بالديمقراطية والرقابة على العملية الانتخابية، وضمان الشفافية، ونزاهة الانتخابات، واعتبار اليمن‮ ‬من‮ ‬دول‮ ‬الديمقراطية‮ ‬الناشئة‮.‬
كما‮ ‬كان‮ ‬لمنظمات‮ ‬المجتمع‮ ‬المدني‮ ‬أدوار‮ ‬فاعلة‮ ‬في‮ ‬الشراكة‮ ‬مع‮ ‬الدولة‮ ‬في‮ ‬عملية‮ ‬التنمية‮.‬
وحققت الثورة خلال ستة عقود عدداً كبيراً من الانجازات، أهمها بناء الإنسان والمشاريع التنموية، في مجالات التعليم والصحة والخدمات، وخلق علاقات متميزة مع الدول الشقيقة والصديقة، واحترام المواثيق الدولية.
كما‮ ‬تبنت‮ ‬الدولة‮ ‬إصلاحات‮ ‬إدارية‮ ‬ومالية‮ ‬شاملة‮ ‬واقتصادية،‮ ‬بهدف‮ ‬إصلاح‮ ‬الاختلالات‮ ‬ومكافحة‮ ‬الفساد،‮ ‬وتحسين‮ ‬نظام‮ ‬الحكم،‮ ‬ومواكبة‮ ‬التحولات‮ ‬الدولية‮.‬
صاحب تلك التحولات العديد من الصعوبات على الصعيد المحلي، كما رافقها الكثير من المطالب الدولية؛ التي شكلت ضغوطا على النظام السياسي، ومثلت تحديات حقيقية أمام جهود الحكومات المتعاقبة الرامية لبلوغ الحكم الرشيد.
إن الأحرار الذين عمدوا هويتنا الجامعة بدمائهم الزكية، لم يكونوا أصحاب هويات ومشاريع صغيرة، بل كانت أنظارهم ورؤاهم تهدف إلى خلق حياة كريمة ومشاريع وطنية كبرى تعيد الاعتبار لتاريخ ومجد الإنسان اليمني، وتنتشله من ركام الرجعية وحياة الجهل.
لقد دافع اليمنيون عن ثورتهم ومكتسباتهم، ومازالوا مستعدين للتضحية بدمائهم واموالهم في سبيل انتصار تلك القيم والمبادئ التي ناضل من أجلها الآباء والأجداد، ولا بد من العودة إلى طاولة الحوار وايقاف الاقتتال، والايمان بأنه لن يتمكن فصيل سياسي منفردًا من حكم اليمن،‮ ‬ولن‮ ‬يسمح‮ ‬لأي‮ ‬كان‮ ‬من‮ ‬إعادة‮ ‬عجلة‮ ‬التاريخ‮ ‬للوراء؛‮ ‬سواء‮ ‬بعودة‮ ‬الإمامة،‮ ‬أو‮ ‬التراجع‮ ‬عن‮ ‬الوحدة‮ ‬ومكتسبات‮ ‬الثورة‮ ‬والجمهورية‮.‬
من الواجب على اليمنيين اليوم وفي هذه اللحظة الراهنة، ادراك أن الحرب الدائرة ليست لمصلحتهم، وان استمرارها يضاعف من معاناتهم وتدمير مكتسباتهم، وقد أصبح واضحا وجليًا انها حرب بالوكالة، وهناك من يستخدم اليمنيين كأدوات لتحقيق أهدافه التخريبية، فكل سنة حرب تمر، تعود باليمن إلى الوراء خمس سنوات على الأقل من التنمية، ولا بد من تقديم التنازلات من الجميع لإحلال السلام والاستقرار. السلام العادل والشامل الذي يؤسس لدولة المواطنة والدولة المدنية، على قاعدة الشراكة والتوافق وتكريس الاستقلال والسيادة الوطنية، وعدم التبعية‮.‬
وهي‮ ‬الأهداف‮ ‬العظيمة‮ ‬التي‮ ‬قامت‮ ‬عليها‮ ‬الثورة‮ ‬والتي‮ ‬كانت‮ ‬اليمن‮ ‬تخطو‮ ‬بخطوات‮ ‬حديثة‮ ‬نحو‮ ‬التقدم‮ ‬والازدهار‮ ‬والتنمية‮ ‬في‮ ‬مختلف‮ ‬المجالات‮.‬
في الأخير مهما كانت التحديات فإن ثورتي (سبتمبر وأكتوبر) المجيدتين، ستظل أهدافهما بمثابة النور الذي يضيئ طريق اليمنيين والاجيال الشابة، نحو ترسيخ مفهوم الدولة المدنية، والمواطنة المتساوية القائمة على العدالة والمساواة والديمقراطية التي تعد صمام الأمان للسلام‮ ‬والاستقرار‮ ‬والتنمية‮.‬
سبتمبر‮ ‬مسار‮ ‬عظيم‮ ‬لا‮ ‬يمكن‮ ‬تجاوزه‮ ‬أو‮ ‬التخلي‮ ‬عنه‮ ‬بأي‮ ‬شكل،‮ ‬أو‮ ‬حتى‮ ‬مرورها‮ ‬دون‮ ‬الكتابة‮ ‬عنه‮ ‬أو‮ ‬التذكير‮ ‬به‮.‬
هو حدث كبير يليق بكفاح اليمنيين، ونواة فعل نهضوي، قال فيه الشعب كلمته أمام الرجعية التي ما تزال تطل برأسها من وقت لآخر، وتمارس هواية الانجرار نحو الزمن السحيق بأشكال متعددة، عبر اجندة مرفوضة تمامًا، تتصادم مع مجريات الأحداث والتاريخ والتطور الذي وصل مكانة مذهلة؛ في العلوم عمومًا وعلاقات الأمم والشعوب، في التكنولوجيا والأبحاث والحفريات والطب، ومن المستحيل القبول بالوضع الحالي الذي تعمل على تكريسه قوى، شعارها الموت وهدفها السيطرة المطلقة على ذهنية الإنسان وتصرفاته وفطرته الطبيعية التي جُبل عليها.
رحم الله شهداء ومناضلي الثورة اليمنية الذين قدموا حياتهم من أجل الحرية والمساواة والتحرر الوطني، وأطال عمر من تبقى منهم.. وجعلنا سائرين على دربهم في الحفاظ على الثورة المجيدة ومكاسبها العظيمة وأهدافها النبيلة.

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
ذكرى الصمود التاسعة..و صوابية مواقف المؤتمر
فريق ركن دكتور/ قاسم لبوزة- نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام

حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
تحوُّلات كبرى تصنعها اليمن لصالح القضية الفلسطينية
يحيى علي نوري

عبدالباري طاهر.. رجل أحدثَ فارقاً في حياتنا
منال الشيباني

الوحدة اليمنية مكسب تاريخي عظيم
محمد سالم با رماده

مرحلة التصعيد الرابعة رَدٌّ على العدو الصهيوني الأمريكي
عبدالله صالح الحاج

مرحلة التصعيد الرابعة.. نُصْرَةً لغَزَّة
أحمد الزبيري

اليوم العالمي للعُمال.. تذكير بالتنمية والسلام
* عبدالسلام الدباء

التعايش أو الصدام ولا خيار ثالث
المستشار المحامي/ محمد علي الشاوش

عيد العمال.. حقيقة وفكرة في طريق الأجيال
المستشار/ جمال عبدالرحمن الحضرمي

هل تنجح الضغوط في تغيير السياسة الأمريكية إزاء القضية الفلسطينية؟
د. طه حسين الهمداني

"إسرائيل" فوق القانون الدولي.. لماذا ؟!
طه العامري

صباحات لا تُنسى
شوقي شاهر

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)