استطلاع/ عبدالرحمن الشيباني - بعض المستشفيات الخاصة تأخذ رسوم حفظ المتوفين فى الثلاجات دون أن يكون هناك ثلاجات لديها أصلاً!!
الطب من المهن التى لها قدسية نظراً لارتباطها بحياة الإنسان ارتباطاً وثيقاً، ويجب على من يعمل فى هذه المهنة أن يراعي الشروط الأخلاقية ويوفي بالقسم الذي اقسمه عند تخرحه، خصوصاً فى ظل التركيز على حقوق المريض والاهتمام المتزايد بحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، وتطور المفاهيم القانونية التى تحددها التشريعات والقوانين كما أن هناك ركيزة أساسية ينبغى الأخذ بها بحيث لا تتحول هذه المهنة إلى تجارة وهي المسؤولية الأخلاقية التى تكون ثابتة ولا تتغير وهي اشمل من دائرة القانون لخصوصية علاقتها بالإنسان نفسه وبغيره وهي علاقة ذاتية أمام ضميره وهي سلطته الأولى..
للأسف هناك اليوم من يخون ضميره وبدلاً من أن يقوم بتطبيب المرضى ويعطيهم الشفاء، يكون سبباً فى شقائهم بل وموتهم فى أحيانا كثيرة، إما نتيجة لخطأ طبى او إهمال وثالث الأثافى أن يتم حجزه فى ثلاجة الموتى لأشهر وسنوات تحت حجة عدم دفع ما عليه من مستحقات مالية خاصة بعلاجه لتدخل القضية فصولاً أخرى من المعاناة يتجرعها ذوو المريض الذين يكونون فى أغلب الأحوال معدميين وفقراء خصوصاً ونحن نعيش فى ظروف اسثنائية..
الاسبوع الماضى أعلنت وزارة الصحة العامة والسكان انها اغلقت إحدى المستشفيات الخاصة بأمانة العاصمة، بناء على البلاغات بشأن خروج إدارتها عن القيم الأخلاقية لمهنة الطب إلى الأسلوب التجاري المحض في التعامل مع ذوي جثامين المتوفين بحسب المصدر الذي أشار إلى أن القرارات جاءت بناء على تقرير اللجنة الفنية المشكَّلة من الوزارة والمكونة من وكيلي قطاعي الوزارة لشئون السكان والطب العلاجي ومدير عام مكتب الصحة بأمانة العاصمة، بشأن احتجاز المستشفى جثامين المتوفين على خلفية مطالبات مالية، متجاوزاً بذلك معايير الكرامة الإنسانية الواجب اتباعها وأخلاقيات مهنة الطب التي تعلو على أي اعتبار .
واضاف المصدر: أن الوزارة أحالت إدارة المستشفى إلى المجلس التأديبي بشكل فوري، وملفات جثامين المتوفين إلى المجلس الطبي للتحقيق عن كل حالة، وتم إغلاق المستشفى حتى استكمال إجراءات التحقيقات بعد إحالة القضية إلى مكتب النائب العام.
تكاليف باهظة
المصدر شدد على وجوب إعلاء قيم وأخلاق مهنة الطب من قبل المؤسسات الطبية العامة والخاصة، وأن تسهم بفعالية في تعزيز حالة الصمود الوطني وتجاوز تبعات الحصار القاسي على الشعب اليمني..
يأتى ذلك بعد شكاوى العديد من المواطنين للمستشفيات الخاصة بحجز ذويهم فى ثلاجاتها لعدم قدرتهم على دفع التكاليف الباهظة التى تقرها تلك المستشفيات، متهمين أصحابها باستغلال أوضاعهم وحاجاتهم للخدمات الصحية في رفع رسومها بشكل جنوني في ظل تردي الخدمات المقدمة في المستشفيات الحكومية إذ يبقى المتوفين في ثلاجات الموتى لشهور وسنوات لعدم قدرة أهل المريض على دفع ما تبقى من أموال عليهم لتلك المستشفيات..
بلا خدمات
ويرى الكثيرون أن الحل هو العمل على رفع مستوى تقديم الخدمة الصحية في المستشفيات الحكومية التى تتعرض للاهمال ، ويقول (ناشر.ر) وهو أحد المرضى التقيناه فى إحدى المستشفيات الخاصة أن الأجهزة الطبية غالبا ما تتعرض للأعطال ولا يتم إصلاحها وأن اللامبالاة والإهمال هو السائد فى هذه المشافي وعدم تعاطى الطبيب والممرض بشكل انساني مع المرضى في المستشفيات الحكومية.. ويقول ناشر لـ»الميثاق« - محافظة اب: إنه يئس من الحصول على خدمة جيدة فلجأ إلى المستشفى الخاص مبيناً ان تكاليف الاقامة فى صنعاء والمصروفات تفوق قدرته المالية، داعياً الجهات المعنية الى تحسين الخدمة ،وعن احتجاز الجثث المتوفاة فى الثلاجات فى بعض المشافي الخاصة أكد ناشر أن القطاع الخاص لايراعي الجانب الإنساني وهمه الوحيد هو الربح وليس فى قاموسة الخسارة ابداً وأضاف: اننا امام وحوش بشرية لا تعرف من أبجديات المهنة الإنسانية شيئاً، احتجاز الأموات بتلك الطريقة هو إبقاء احزان الناس مستمرة ولا تراعي أي قيم وأخلاق.
قصص محزنة
(منصر .ع) من محافظة حجة أحد ضحايا احتجاز تلك المستشفيات قال لـ»الميثاق«: إن احد اقربائه ظل فى ثلاجة المستشفى لخمسة أيام قبل رهن سيارة لدى إدارة المستشفى تتبع أحد الميسورين وهو أحد أبناء المنطقة، للإسراع فى عملية الدفن ثم البحث عن طريقة لدفع المبلغ المتبقي على المريض.. وأكد أن هذه المستشفيات لا يهمها سوى الربح، واتهم منصر المشافى الخاص بعدم وضع اى اعتبار للجانب الإنساني بالرغم اننا قدمنا سلاحاً بهدف الاسراع بالدفع.. وأضاف: قدمنا سلاح (كلاشينكوف) كبادرة لحسن النية إلا أنهم رفضوا إخراج المتوفى من الثلاجة وواجهنا تهكم البعض من موظفي ذلك المستشفى الكبير بقولهم اذا كنتم لا تمتلكون مالاً لماذا جئتم الينا ،هذا المستشفى للذي معه "زلط "بس".. هناك حالات إنسانية كثيرة تزخر بها سجلات تلك المستشفيات الخاصة وهناك قصص مأساوية فى الشأن ليصل الأمر إلى أن هذه المستشفيات تأخذ رسوماً باهظة مقابل حفظ الجثث دون أن تكون هناك ثلاجات أصلاً في تلك المستشفيات وهذه قضية نصب واحتيال واضحة يتعرض لها المواطنون الذين لا حول لهم ولا قوة.
تجنُّب المشاكل
لكن هناك من له وجهة نظر أخرى حيث يقول د.اسامة الشاطر مدير المستشفى اليمني الفرنسي إن المستشفى يتعامل مع المرضى باريحية من خلال التخفيضات التى يقدمها المستشفى التى تصل من 50٪ إلى 20٪ إذا تأكد أن الحالة تستحق، أما إذا كان لديها إمكانات فإننا نأخذ رهناً وأكد الشاطر " أن المستشفى لا يوجد بها ثلاجة ولا نريد فتح ثلاجة في المستشفى حتى لا ندخل في اشكاليات مع الناس وقال الشاطر: إن المريض اذا وافاه الأجل فإنه لا يبقى فى المستشفى أكثر من 4ساعات حتى يتم نقله مشيراً الى أن الجانب الإنساني يجب أن يكون فى صميم من ينخرط في القطاع الصحي..
حظ عاثر
يعلّق الأستاذ الحسين السراجي على بيان الوزارة أنه بداية لاجراءات التصحيح الإنسانية إزاء ما تقوم به المستشفيات الخاصة حيث يقول: "قبل حوالي أسبوعين أنزل "يوني ماكس " إعلاناً في صحيفة الثورة الرسمية بأكثر من عشرين جثة محتجزة لديه وجميعهم أطفال خُدَّج ولا يزال التهديد بمقاضاة ذويهم !!
هذا المشفى واحد من عشرات المستشفيات الخاصة التي تستغل المواطنين وحاجتهم !!ملايين خلال أيام يدفعها المواطن البائس الذي يدفعه حظه العاثر لدخول هذه المسالخ !!ملايين يدفعها المواطن المطحون، وفي الكثير من الأحيان يتم احتجاز الجثة على ذمة ملايين لا تستحق.. وقال السراجى: انه "يتم إدخال المرضى العنايات المركزة دون حاجة لذلك كي يستغلوا أهاليهم !! فحوصات وأشعات يومية وغير مطلوبة لتشغيل أجهزتهم، وعلاجات بعشرات الآلاف يومياً بدون داعٍ لذلك.. وأضاف: " قد يكون »يوني ماكس« من أكثر المجازر استغلالاً للمرضى بحكم معرفتي بالكثير من ضحاياه والشكاوى التي تصلني منه وقد كتبت عن ذلك كثيراً وحذرت من الاستغلال الذي تقوم به المستشفيات، فاحتجاز الجثث والمرضى المستشفيات على ذمة المال نتيجة الإعسار جريمة وكارثة ومنافٍ لكل الشرائع والأخلاق الإنسانية.. الخطوات التي قامت بها وزارة الصحة العامة جيدة وإن أتت متأخرة والمهم عدم الرضوخ للضغوطات والوساطات واستمرار الوتيرة على الدوام .
محاكم مستعجلة
بدوره يرى الصحفى ماهر المتوكل أن هذه القضية ماسأة ومؤلمة وستستمر الي ما لانهاية لأن للمستشفيات الخاصة غرضها وهو الربح والاكتساب الخالص بالاضافة إلى عدم وجود قوانين ضابطة ووزارة مشغولة بآلاف التعقيدات بسبب العدوان وقال ان الحل يكون بإيجاد بدائل مؤقتة ومنها أن تتبنى هيئة الزكاة الدفع للمستشفيات الخاصة وتفعيلها وتطويرها ودفع مستحقات العاملين والضرب بيد من جديد من قِبَل وزارة الصحة والداخلية والقضاء بمحاكم مستعجلة للحد من هذه الظاهرة.
تحرُّك جيد
»إكرام الميت دفنه« أكبر شيء يمكن للاحياء أن يقدموه لموتاهم، لكن هذه الأيام أصبح مكلفاً ويحتاج لاموال لإتمام الدفن بعد ان جعل البعض من ذلك اشبه بحلم بالنسبة للبسطاء والمعوزين ،اننا أمام مسئولية أخلاقية وقبل ذلك كله إنسانية يجب أن تراعى ،لكن للأسف الشديد هناك من ينظر لها بمنظور آخر هو الربح والخسارة، يجب أن تتحرك وزارة الصحة العامة إزاء ما يحدث فى هذه المشافي من استغلال، وأن تولت هذه القضية اهتمامها، وقد بدأتها فى إحدى هذه المستشفيات ونرجو أن تستمر وتطبق الإجراءات على البقية ، وكل من تسول له نفسه المتاجرة بآلام الناس واستغلال حاجاتهم بهدف الربح، وأن ترفع هذه المستشفيات جودة الخدمة شعاراً لها بدلاً من أن تهتم بالجانب المادى أكثر من شيء آخر ،وأن كان من حقها أن تكون لهذه المستشفيات ارباح للايفاء بالتزاماتها لكن ليس على حساب الناس ومعاناتهم..
|