طه العامري - قال تعالى (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) صدق الله العظيم..
كوكب الأرض جزء أصيل من الأمانة التي وضعها الله سبحانه وتعالى في عهدة الإنسان الذي منحه الله مكانة رفيعة وجعله خليفة في الأرض ليعمرها، كما جعل الله الأرض مرتعاً للبشر يتنقلون بين تضاريسها سهولها وجبالها وصحاراها وبحارها ومحيطاتها ليستكشف مآثر الله سبحانه، ويتأمل في قدرة واقتدار الخالق الذي أوجد الكثير من المعالم الجغرافية التي تحفز الإنسان للتأمل والتفكر في قدرة الله سبحانه »أفلا يتفكرون في خلق السماوات والأرض وفي أنفسهم« وقوله تعالى »والجبال اوتاداً« فالله لم يخلق الجبال عبثاً ولا الصحاري والأدوية والسهول - فكل شيء خلقه بميزان - والتنوع البيئي والبيولوجي من الحشرات الضارة مروراً بالزاحفة وصول لكل المخلوقات الحيوانية كل هذه المخلوقات أوجدها الله سبحانه وتعالى لحكمة وهي جزء أصيل من توازن الأرض واستقرار الحياة فيها..
غير أن الإنسان وهو (الظالم والجاهل) كما وصفه خالقه أوجد بما منحه الله من القدرات العلمية والمعرفية كل ما يتسبب بأذيته ويضر بوجوده واستقرار حياته رغم أن هذا الإنسان لم يحصل من مقومات العلم والمعرفة الا القليل لقوله تعالى (وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً) ومع ذلك فإن السلوك الإنساني الخاطئ وغير المسؤول أوصله إلى مرحلة صار يخشى فيها على وجوده فوق كوكب الأرض بفعل التغيرات المناخية التي تسبب بها الإنسان الذي عمل جاهداً على امتلاك أدوات التطور والتقدم دون إدراك مؤثراتها الحتمية على وجوده بدءاً من استغلال الأقوياء للضعفاء واستغلال الأغنياء للفقراء دون تطبيق المعايير العدلية في هذه العلاقة ،فالضعف والفقر ليست عيوباً يجب الخجل منها لكن العيب أن يستغل الأقوياء والاغنياء ضعف الضعيف وفقر الفقير لتحقيق المزيد من المكاسب ،كما هو حاصل حيث أصبح القلق طاغياً على الوجود البشري بسبب المتغيرات المناخية التي تسببت بها الدول الغنية والقوية وقد يدفع ثمنها الضعفاء والفقراء وهذا أكيد، إذ أن 20 دولة صناعية تسببت بما نسبته 80? من التلوث المناخي فيما الـ 20? المتبقية موزعة بين بقية الشعوب والطبيعة ،مع العلم ان نسبة الـ 80? أنتجتها دول صناعية كبرى وقوية لا يتجاوز عدد سكانها ما نسبته 15? من تعداد سكان الكون..
لقد أوجدت الثورة الصناعية جشعا وتنمراً وهيمنة وتسلطاً ومظاهر استعمارية سعى خلالها الأقوياء والاغنياء للسيطرة على الضعفاء والفقراء وسرقة المواد الخام التي بها دارت عجلة المصانع العملاقة في الدول الكبرى ،التي نهبت ثروات الفقراء والضعفاء وسخرتها لخدمة أهدافها في التطور والتقدم..!
يقال الإنسان عدو نفسه وهذا أكيد ويتجسد اليوم فيما يجري على سطح كوكبنا من أحداث وتداعيات منها طبيعية كظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي ومنها ما يتمثل بالحروب والنزاعات المسلحة، ومنها ما يتصل بالصراعات الاقتصادية والتنافسات التجارية وكل هذه الظواهر أوجدت حياة إنسانية أكثر توحشاً ودموية من حياة (الأسماك) في البحار والمحيطات التي يفترس فيها الكبير الصغير ويعيش فيها القوى بلحم الضعيف..
ومع تطور الحياة الإنسانية ذهب هذا الإنسان بعيداً في تفسير وتحليل الظواهر الحياتية معتمداً على التخيلات العلمية التي أوجدها الإنسان بمعزل عن (الدين) الذي علمنا مبكراً بكل ما يتعلق بشئوننا الحياتية وحدد لنا النواميس وقوانين التطور، محذراً من تجاهلها أو تجاوزها إذا ما رغبنا بحياة إنسانية مستقرة على هذا الكوكب ،وهو ما تجاهلناه وتجاوزنا نواميسه فكانت النتيجة ما نحن فيه اليوم من (هلع) قد لا يكون له وجود إلا في مخيلة بعضنا، لأن هذا الكون مرهون بإرادة خالقه ،ومع احترامنا للعلم الإنساني إلا أن الإنسان لا يعلم الغيب ولا يدري بما لدى الخالق الذي أوجد هذا الكون بما فيه.
|