استطلاع/ صفوان القرشي: - لعبت المبادرات الأهلية في كثير من المحافظات والمديريات الريفية دوراً بارزاً ومهماً في ربط العزل والقرى بعضها ببعض من خلال شق الطرق ورصفها بالأحجار وخصوصاً في القرى والمديريات ذات الطبيعة الجبلية الوعرة والبعيدة عن عواصم المحافظات والمدن الثانوية مما كان له الأثر الكبير في فك العزلة عن هذه القرى وتسهيل وصول الأهالي إلى المدن ونقل المرضى عن طريق السيارات والتي كانت من الصعب وصولها لولا تلك المبادرات الأهلية والجهود الشعبية لأهالي تلك القرى والمديريات .
قبل أن تأخذ تلك المبادرات طابعها الرسمي من خلال إنشاء هيئات التطوير التعاوني وبعد ذلك عبر المجالس المحلية التي حصلت على دعم حكومي والذي تمثل بتزويد المجالس بوحدات شق ساهمت في تعزيز دور تلك المبادرات وانتشارها بشكل أكبر .
وتعتبر مديريات الشمايتين والمقاطرة وجبل حبشي من أبرز المديريات التي نشطت فيها المبادرات الأهلية بشكل كبير ليس في مجال الطرقات فقط وانما في مجالات التعليم والصحة والمياه وغيرها .
حول هذه المبادرات وضرورة استمرار دعمها من قبل الحكومة.. كان لنا هذا الاستطلاع..
*الحاج محمد العقاري -عضو هيئة التطوير التعاوني بالشمايتين سابقاً- تحدث قائلاً: كان العمل التعاوني ينطلق من رغبة حقيقية في تقديم خدمة للناس , وكان الناس متعاونين بشكل كبير إما بجمع التبرعات أو العمل بالأيدي.. اواخر السبعينيات كانت الطرق شبه منعدمة والموجود منها ترابي ووعر وبدأنا بعمل مبادرات وشارك فيها طلاب المدارس وتم تأسيس هيئة التطوير التعاوني برئاسة المناضل المرحوم عبدالرحمن الصريمي وبمبادرات الأهالي تم شق نقيل عليافه قدس ونقيل مصير التي تربط قرى من المقاطرة بالتربة وطريق حيب الاصابح وطريق نقيل الشرجة ولا أنسى أن اذكر الشيخ سيعد الزكري الذي ساهم برصف كثير من الطرق الجبلية بمساعدة الأهالي , ومنه طريق نقيل الهجمة زريقة ونقيل المقارمة والزعزاع والمساحين وهي طرق جبلية تم رصفها بالأحجار وكانت شريان حياة لأهالي تلك القرى الذين كانوا يعانون الويلات وكما ساعدت في وصول الخدمات مثل المدارس والمستشفيات.
وبعد قيام المجالس المحلية استمرت تلك المبادرات وتم شق طرق كثيرة منها طريق نقيل الصحى قريشة وهيجة العبد وتعتبر من الطرق الرئيسية اليوم والتي نرجو أن تتم صيانتها والحفاظ عليها فهي من المكاسب الوطنية .
ويعود نجاح تلك المبادرات إلى تعاون الأهالي وثقة التجار بمن يقف وراءها واستجابتهم في تقديم التبرعات سوى للطرق أو لحفر الآبار وبناء المدارس والمستوصفات.. حب الخير موجود بطبيعة الإنسان اليمني المهم وجود من يستثمر هذا الخير لصالح الناس جميعاً.. والحقيقة الحزبية والسياسة خربت كل شيء .
دعم المبادرات الأهلية أمر مهم وضروري
*الشيخ سعيد السلامي -عضو المجلس المحلي لمديرية الشمايتين والمقاطرة سابقاً- قال: صعوبة الحياة ووعورة المنطقة حرمت الناس من كثير من الخدمات كما كانت عائقاً كبيراً زاد من معاناة المواطنين الذين كانوا يحلمون بوصول السيارة إلى قراهم لنقل أغراضهم واسعاف المرضى بدلاً من الحمير، وهناك مناطق كان حتى وصول الحمير صعباً مثل كربة ومنطيق في الاكاحلة والذين استخدموا البيبات البلاستيكية من رأس الجبل إلى أسفله حيث يتم سكب الدقيق أو الحبوب من خلال هذه البيبات وهكذا.. ومن خلال المبادرات تم شق كثير من الطرق في أكثر المناطق وعورة وفي عرض الجبال وفي الوديان .
وعندما بدأت مجالس التطوير التعاوني بالعمل تم تأسيس أول هذه المجالس على يد العم المناضل المرحوم عبدالرحمن الصريمي والشهيد الشيخ درهم نعمان رحمة الله تغشاهما وفعلاً تم توفير دعم ومعدات مازالت موجودة منذ عهد الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي والرئيس صالح . لكن هذه المعدات اصبحت اليوم واقفة منها مرمي في الطرق ولم تتم صيانتها أو الحفاظ عليها .
وبهذه المعدات تم شق طرق كثير في المقاطرة والمواسط والشمايتين وحتى طريق الأحكوم وصولاً إلى معبق وطور الباحة .
ومن ابرز هذه المبادرات كان النفق الجبلي الذي يربط غرب المقاطرة بشرقها والذي تم حفره من قبل الأهالي وهو شاهد حي على إرادة الإنسان اليمني .
إلا أن قيام الوحدة اليمنية المباركة ساهم أيضاً في وجود شبكة من الطرقات والوصول إلى مناطق وقرى كانت تعيش في حالة من العزلة ومنها منطقة الحيار نهاية سلسلة جبل منيف .
دعم المبادرات الأهلية أمر مهم وضروري , وما كنا نقوم في السابق بشكل مجاني وبدافع حب العمل التعاوني وخدمة الناس , تقوم به اليوم بعض المنظمات الدولية تحت بند النقد مقابل العمل وهذا وان كان فيه خدمة للناس، إلا انه يقتل روح المبادرة والتعاون عند الناس ويصبح تعاونهم مع أنفسهم مشروطاً بحصولهم على مقابل مادي وهذا سيكون له انعكاس سلبي على روح التعاون والمبادرات الذاتية .
معظم الطرق في جبل حبشي تمت بمبادرات أهلية
*المهندس محمد السفياني، تحدث قائلاً: معظم الطرق في جبل حبشي تمت بمبادرات أهلية آخرها قبل أشهر وهو رصف وتوسيع نقيل حجرمين بلاد الوافي وهذا النقيل يمتد لأكثر من 5 كلم وطريق وعر وجبلي . قدمنا مطالبات للمنظمات ولكن لم يتم التجاوب معنا فقمنا بعمل مبادرة لاقت كثيراً من التجاوب حتى من المغتربين الذين تبرعوا لصالح الطريق والحمد لله أصبح أكثر أمناً من السابق .
الحقيقة الناس عندهم رغبة واستعداد للمشاركة بالعمل أو تقديم تبرعات نقدية لمثل هذه المبادرات لأنها أولاً واخيراً لصالحهم وخصوصاً الطرق التي تعتبر شريان الحياة وضرورة للتواصل، لكن ما يهم الناس أن يروا حاجة ملموسة وواقعاً أمامهم بعد أن كذب عليهم كثيراً وحتى نعيد الثقة إلى نفوسهم تم تشكيل لجان مجتمعية من القرى المستفيدة ومن شخصيات موثوق بها وهذا هو اساس النجاح لأي عمل تعاوني .
صعوبة الطرق ووعرتها تمثل خطورة ويروح ضحيتها كثير من الناس , ومع ذلك لا يمكن أن تكون هذه المبادرات هي البديل لدور الدولة فوجود الدولة وحضورها والقيام بمهامها وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين من طرق ومدارس ومستشفيات ومياه هو من صميم واجباتها وعليها القيام به وما يقوم به المواطنون هو من باب التعاون والمساعدة وعلى الدولة أن ترعى وتدعم مثل هذه المبادرات لتخفيف معاناة المواطنين في مختلف المديريات والعزل والقرى .
لكن ما نراه على الواقع تخلٍّ تام من قبل الدولة التي حتى لم تقم بصيانة الطريق الرئيسي الرابط بين تعز والتربة والذي اصبح غير صالح وكلها حفر رغم ملايين الريالات عائدات هذا الطريق .
فمن المسؤول وهل ينتظر المجلس المحلي بتعز مبادرة من الأهالي لصيانة هذه الطريق ؟
كانت تعز بمديرياتها المختلفة رائدة بالعمل التعاوني
*الشيخ سلطان الأصبحي، قال: ما يهمنا اليوم الحفاظ على الطرق الموجودة وصيانتها لأنها اصبحت عرضة للإهمال بشكل كبير وهذا بسبب غياب الدولة ومؤسساتها ومن يرى حال الطرق داخل مدينة تعز ومدينة التربة يدرك أن من نسميهم مسؤولين لا يعنيهم من المسؤولية الا ما يعود عليهم من أموال فقط وما تشهده مدينة التربة من اهمال وبالذات في شوارعها هو خير دليل على الاهمال المتعمد من قبل مجلسها المحلي المسيطر عليه من قبل حزب الاصلاح رغم العائدات المالية الضخمة التي يجنونها .
واشير هنا إلى أن تفاعل المواطنين ورجال الأعمال مع المبادرات الأهلية رغم أهميتها لم يعد كما كان لأن تفاعلهم في السابق كان مكملاً لدور الحكومة والعكس. أما اليوم فالمواطن يرى اهمال الحكومة رغم امكانتها فيتعمد الاهمال وحتى التعدي على الطرقات والممتلكات العامة الاخرى .
نحن بحاجة إلى اعادة الثقة للمواطنين وأن هذه الطرقات ليست ملكاً لمسؤول فاسد ولا حزب معين وعليه أن يقوم بدوره كما يجب ويحافظ على طرقاته ومدارسه وآباره ومستشفياته .
وخلال عملي بالمجلس المحلي كنا لا نطلب من الناس أن يقوموا بالمبادرة وانما نحن من يبادر أولاً والناس عندما يرون ما نقوم به يبادرون بكل عزيمة حتى التبرعات من رجال الأعمال والتجار كانت تصل بشكل دوري مما ساعد في إنشاء مئات المشاريع التنموية من طرق ومدارس ومشاريع مياه ووحدات صحية .
كانت تعز بمديرياتها المختلفة رائدة بالعمل التعاوني والمبادرات الأهلية وهو ما دفع الدولة إلى دعمها وتعزيزها عبر المجالس المحلية .
والمطلوب اليوم أن توجد حكومة ومجالس محلية فاعلة قبل ايجاد المبادرات الأهلية , وما تقوم به عدد من المنظمات الدولية في مشاريع النقد مقابل العمل هو استهداف لروح المبادرة لدى الناس رغم أن ما تقوم به له جانب ايجابي نظراً للوضع المعيشي للمواطن وحاجته للعمل .
وضع الطرق متدهور
*الشيخ عادل بجاش، تحدث قائلاً: ابي الله يرحمه كان عضو التطوير التعاوني بالمديرية وكان دوره جمع التبرعات في جيبوتي وارسالها إلى المجلس المحلي لإقامة المشاريع في عدد من القرى منها قرية القريشة والزريقة وغيرها، الجميع كان يبادر ويسهم في دعم التعاونيات إما من خلال العمل المباشر بالأيدي أو بالدعم المادي.. كثير من المشاريع بالمديرية كانت بمبادرات أهلية قبل أن تكمل الدولة دورها في انجاز ما تبقى من تلك المشاريع الخدمية.
فرق كبير بين روح التعاون عند الناس قبل سنوات واليوم.. بالماضي كان الناس لديهم رغبة في عمل المبادرات والتعاون في تنفيذ عدد من المشاريع وبالذات الطرق التي تعتبر شريان الحياة وحلقة التواصل بين الناس بمختلف القرى .
وضع الطرق في المديرية متدهور وبحاجة للصيانة خصوصاً الطرق المرصوفة بالأحجار في المناطق الوعرة والجبلية.. والمجالس المحلية لا تقوم بدورها كما يجب وتتعمد اهمال الطرق التي اصبحت في حالة يرثى لها .
في السابق لم تكن هناك إمكانات كبيرة ومع ذلك وجدت الكثير من المشاريع الخدمية بدعم من التجار ومبادرات الأهالي إلى جانب الدعم الحكومي.. اليوم امكانات كبيرة ومع ذلك لم يتم ايجاد حتى مشروع واحد جديد كما لم يتم الحفاظ على المشاريع الموجودة، وتعتبر مدينة التربة نموذجاً للإهمال الحكومي بينما ملايين الريالات تذهب لجيوب المسؤولين من حزب الاصلاح .
دعم المبادرات وإحياء روح التعاون بين المواطنين ضرورة حتى تستمر المبادرات ويتم تفعيلها .
|