إبراهيم العشماوي - في اليمن رمزان أدبيان شامخان هما الدكتور عبدالعزيز المقالح وعبد الله البردوني ، كلاهما قامة شعرية وأدبية ومدرسة متفردة وإن اختلفا في المنهج والأسلوب ، فالدكتور المقالح من رموز النضال في اليمن وأحد المذيعين الذين أشعلوا حماس الجماهير في راديو صنعاء أثناء ثورة 26 سبتمبر 1962م، وخلال سبعينيات القرن الماضي هاجر المقالح إلى القاهرة لدراسة الأدب وحصل على الدكتوراة في الشعر الشعبي اليمني قبل أن يعود للتدريس بجامعة صنعاء ويتولى رئاستها لسنوات طويلة ثم رئيساً لمركز الدراسات والبحوث اليمني فمستشاراً ثقافياً لرئيس الجمهورية.. فضل المقالح أن يكون قريباً من السلطة متمتعاً ببريقها ومستفيداً من ضوئها الأخَّاذ دون أن ينقص ذلك من شاعريته أو مواقفه السياسية . عرفتُ الدكتور المقالح لأول مرة عام 1990م بعد أن اقترح علي بعض الأصدقاء أن يشفع لي في العمل بجريدة الثورة ، وحينما زرته في مكتبه بجامعة صنعاء قلت له أنه معروف لدينا في مصر منذ زمن طويل وذكَّرته بقصيدة العبور عن نصر أكتوبر العظيم عام 1973م التي درسناها في الثانوية العامة بمصر والتي يقول مطلعها :
لا الليل في الضفة الأخرى ولا النُذرُ
ولا الدمــاءُ- كمـا الأنهارِ- تنهمرُ
وصولاً إلى قوله :
أبطالنـــا عبروا مـــأســـاة أمتهم
ونحـــــن في كفـــنِ الألفــــاظ نحتضر
سيناءُ مـن قلب مصر كيف يفصلها
جان؟ وعـن روحها تنبو وتختصرُ؟
وختمها بقوله :
وددتُ لو كنتُ يومــاً في مواكبهم
أو ليتني كنــــت جسراً حينمـــا عبروا
ويتميز المقالح بصوت هادئ وإيقاع رزين وهو عروبي وقومي جداً له مقالات يومية وأسبوعية في أغلب الصحف اليمنية ، لم يكن صدامياً مع السلطة أو الرئيس علي عبدالله صالح بل كان يرسل إعتراضاته في صورة برقيات أو أبيات من الشعر وكان ينحو باتجاه ترجمة أوجاع المواطن العربي ويهاجم الفرقة والتشتت، وفضَّل المقالح البقاء في صنعاء لا يغادرها ، وهو المعروف عنه خوفه من السفر والترحال وركوب البحر أو الجو حتى عندما يفوز بجائزة عالمية لا يتسلمها شخصياً، وله يوم الأربعاء صالون أدبي واسع يشارك فيه رموز الأدب والفن والثقافة في اليمن .
رحم الله الشاعر الكبير وأسكنه فسيح جناته.. وخالص العزاء للشعب اليمني كله ومجتمع الإبداع الشعري في الوطن العربي .
»إنا لله وإنا إليه راجعون«
|