د. طه حسين الهمداني - تلقينا ببالغ الحزن نبأ وفاة الأستاذ والمناضل السبتمبري الكبير الدكتور الوالد عبدالعزيز صالح المقالح، قدوتنا الذي تتلمذ علي يديه الآلاف من الدارسين والباحثين والمهتمين بالعلوم والمعرفة في اليمن، والمربي الذي حمل على عاتقه أجيالاً من النشء والشباب وحملة الدراسات العليا.
برحيل الدكتور عبدالعزيز انطفأت منارة كبرى من منارات اليمن والعروبة كانت ترسل لنا شعاع خير وعطاء وابداع يضئ لنا طريق الأمل ويرفع لدينا الطاقة الإيجابية ويمنحنا فسحة من المحبة والألفة والمكانة المرموقة في المحيط والعالم.
كنت وستبقى يا سيدي ركن هذه البلاد وعمودها إلى السماء تفاخر بنا كأمة ونفاخر بك كربان الهم أجيالا معاني الثورة والتحرر وزرع الإنسانية في كل مفترق.
بقيت على العهد محافظًا وعلى الوعد حارسًا، ولمبادئ الجمهورية والثورة السبتمبرية مخلصا طيلة أعوام حياتك، كنت صمام أمان على قيمها وتراثها المجيد، اسهمت في إعلاء شأنها بين الأمة العربية والإسلامية والعالم.
اليوم تتركنا وتغادر إلى عالم العدل السماوي واليمن تتقاذفه أمواج الفتنة واصرار البعض على العودة للماضي البغيض الماضي الذي كرس في ابجدياته ومشاريعه الجهل والفقر والمرض.
لقد اعليت مكانة اليمن وعاصمتها صنعاء التاريخ صنعاء الروح كما كنت تسميها، نافحت عنها ودافعت؛ بشعرك وعقلك المستنير وفكرك الراقي وهدوءك اللافت وعلاقاتك الواسعة التي حولت اليمن إلى مزار لافضل العقول في الأدب والتاريخ والجغرافيا والاجتماع والفلسفة وجميع العلوم الإنسانية، والمفكرين والنقاد والشعراء والرواة ورواد الفنون.
لم تكن يا سيدي عابر سبيل في مشهد اليمن بل كنت رجلا استثنائيا بكل المقاييس، قدِم إلينا من عهد بلقيس وحضارات اليمن ليبشر بالمستقبل ويرسم حاضرنا نورا وعلما واجيالا وضعتها على اعتاب العلم والتقدم والبناء.
لا نبالغ ان قلنا بأنك واحد من أعظم من أنجبت البلاد في تاريخها القديم والوسيط والمعاصر والحاضر وفي القرن العشرين، فقد استطعت الحضور والحفر في الجدار من أجل بقعة ضوء سنفتقدها مثلما افتقدناك في هذه المرحلة العصيبة.
كنت فيلسوف الثورة اليمنية وفكرها الجسور وبوابة اليمن الثقافية، وكان لك الفضل الكبير في تطوير الجامعة الأم جامعة صنعاء والجامعات اليمنية.
ابتعثت آلاف الدارسين إلى الخارج للحصول على درجة الماجستير والدكتوراه ليعودوا لليمن لنهضة الجامعات اليمنية وتطوير المجتمع ثقافيًا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيًا وكنت بالنسبة لكثير من الطلاب والمبدعين الأستاذ والأب والصديق والأخ.
كان شخصكم الرزين والوقور مثالاً للقيم والأخلاق والنزاهة، تحكمه المبادئ والقيم التي تربي عليها العظماء من أمثاله في التاريخ اليمني والعربي والإسلامي والعالمي.
لذا ستظل رقما صعبا وقيمة لا يمكن تجاوزها بأي حال فأنت من جيل الكبار والعظماء ونبراس اليمن والأمة في الثقافة والادب والشعر واللغة.
تعازينا الحارة لكل أبناء اليمن والعالم العربي والإسلامي ولأسرته الكريمة وأولاده، نسأل الله ان يتغمده بواسع رحمته وان يسكنه فسيح جناته وان يلهمنا جميعا وأهله ومحبيه وطلابه والشعب اليمني والعربي والإسلامي الصبر والسلوان.
»إنا لله وإنا إليه راجعون«
|