عبدالجليل أحمد ناجي - - المثقفون هم رواد التحول والتطور في أي مجتمع من المجتمعات ، وصناع الحياة العصرية ، والوعاء الذي يستوعب التجارب والانجازات البشرية ويسوقها من مجتمع الى آخر، والعقل الذي يفكر ويبدع ويبتكر، وهم من يفتح نوافذ النور ، ويمدون جسور التواصل بين الشعوب لعبور العلوم والثقافات ، وبدون مثقفين لايمكن أن يكون هنالك نهضة أو مجتمع متطور، وسيكون المجتمع فريسة للقطيعة والعزلة والتخلف، فالتواصل الثقافي يشبه جدول المياه الجاري العذب ، اذا استمر في جريانه صفا ونفع وانتعشت الحياة بالخضرة والثمار والجمال، واذا ركد فسد وحل الجدب.. ونحن في مجتمعنا اليمني وبعض المجتمعات العربية مصابون بعلتي الرفض والخوف ، نرفض الجديد ونخافه ولانستسيغه ولا نستحسنه إلا بعد أمد، لإننا نركن الى مبررات سطحية آنية، ومفاهيم وتفسيرات مغلوطة، ولانعتمد على تحليلات عميقة ، وقراءات متأنية لمتطلباتنا الحياتية، بعيداً عن التعصب والغلو، فالبعض يرى أن كل معرفة أو فكرة وافدة غزو فكري، او فيها تعارض قيمي أو عقدي مع ان حقيقتها قد تكون غير ذلك فهنالك فرق كبير بين التواصل الثقافي بين الشعوب وبين الغزو الفكري.
التواصل الفكري و الثقافي حركة تنويرية عقلية راقية ومنظمة ذات تأثير ايجابي تبادلي يستفيد منها الفرد و المجتمع في تنمية معارفة ومهاراته اخذا وعطاءً، مثل تبادل العلوم التطبيقية، والعلوم الانسانية والآداب والفنون الراقية والتجارب والخبرات النافعة ، أما الغزو الفكري فهو صنف من الهيمنة الفكرية والعقلية موجه من قبل الشعوب القوية ضد المجتمعات والشعوب الضعيفة بغرض تحقيق اهداف تخدم مصالحها الاستعمارية ، وهي عبارة عن نموذج متطور للاستعمار والهيمنة العسكرية ..
والفارق الجوهري بينهما أن التواصل الثقافي يحتاج الى سياسات وبرامج وجهد وإمكانات، فيما الغزو الفكري يأتي موجه عبر وسائل وامكانات حديثة وضخمة يمتلكها المصدر، وتصل إلينا غالباً في قوالب جاهزة، ومغلفة بغلافات جميلة مخادعة لكي تقبلها العقول الساذجة وتتجرعها كالسم في العسل بدون مقاومة..
|