تحقيق/ بليغ الحطابي -
مستلقية على ظهرها، تعد قطرات محلول الكيماوي التي تتسلل الى جسدها المنهك عبر أنبوب بلاستيكي مشبوك، فهي تعاني من سرطان قاتل ، افترس روحها دون رأفة او أدنى شفقة،". سميرة حسن 32 عاماً مصابة بمرض السرطان في معظم انحاء جسدها، متواجدة منذ 17 يوماً في مركز الاورام ، ازدادت حالتها الصحية سوءاً نتيجة لاهمال متواصل لحالتها، وللبعد الذي تعانيه حيث تسكن بمحافظة الحديدة والتي تبعد عن صنعاء"270" كلم .
والظروف المادية التي لاتسمح لها بالبقاء في صنعاء لتلقي العلاج وهذه الاسباب اعطت الفرصة لمرض السرطان ان يتغول في جسدها الضعيف ، فهي بحاجة لمسح ذري واشعاعي للقضاء ولو على جزء بسيط من المرض .
فتاة اخرى تدعى حسناء تقول لـ "الميثاق": اعاني من مرض السكر والضغط والقلب، انا بحاجة كبيرة للسفر، بالأمس دخلت في غيبوبة استمرت لثلاث ساعات بعدما تلقيت جرعة من الكيماوي، فأنا مريضة بالقلب لا استطيع تحمل الكيماوي لشدة ألمه وهو يسري في جسدي المريض "احنا بنموت يوم بعد يوم بنرجع لورا مش بنتقدم.. حسبي الله ونعم الوكيل.
أطفال اللوكيميا
قبل شهرين تقريباً تعالت الاصوات لناشطين وحقوقيين تندد وتطالب بفتح تخقيق دولي حول مقتل 18طفلاً مصابين يمرض اللوكيميا بمستشفى الكويت وحدة سرطان اللوكيميا"سرطان الدم".
المعلومات اكدت انهم تلقوا جرعاً ملوثة ورغم فداحة الجريمة الا ان السلطات الصحية في صنعاء تجاهلت ذلك وسارعت الى تعزية اسر الضحايا.. ومجلس النواب لتغطية الجريمة امر بصرف تعويضات،واي المبالغ تكفي لشراء فلذة كبد انسان حتى وان كان مريضاً بهذا الداء،،الجميع التزم الصمت وبلع لسانه واخذ ماتقرر ورحل ودموعه لم تجف ويداه مرفوعة لرب السماء..
سارعتان الوزارة بعقد مؤتمر صحفي لم تجد ماتبرر به فعلتها سوى القول انه دواء مهرب لاحدى الصيدليات الخاصة،لكنها لم تحل الصيدلية او اصحابها للنيابة .
مهرب"الميثروتريكسات".
بحثنا عبر جوجل سريعاً عن هذا الدواء وتوصلنا ألى ان الدواء يستخدم كعلاج للاورام السرطانية ولايعطى الا عبر اطباء مختصين،وتحت اشرافهم ويجب مراقبة المريض بعد تناوله باستمرار،.
لكن لماذا اهمل الاطفال بعد تناولهم له..واين الرقابة السريعة؟!
وكيف سُمح باستخدامه دون فحص وووالخ؟!
شبكة مافيا متورطة في هذه القضية وقضية مرضى السرطان بشكل عام..
فعلى اثر تلك الكارثة والجريمة الشنعاء التي مرت دون عقاب واسكتت الاصوات، تم عقاب اكثر من " 15" الف مريض بالسرطان يستخدمون ادوية يقوم بتوفيرها صندوق مكافحة السرطان عبر شرائها من الصديدليات وشركات الادوية ،وطبعاً لايتم السماح للمواطن باستخدامها الا بعد فحصها بحسب مسؤولين في الصندوق..
اغلق الصندوق ابوابه امام المرضى الذين يتلقون علاجهم منه ، والباهظة الثمن..
هذا الامر ازعج الاطباء المعالجبن وقالوا بأنها مهزلة قذرة لقتل الابرياء وصراع بين اطراف متعددة ينبغي ان ينتهي من اجل مصلحة المرضى لكن لااحد يعير مصلحة المرضى اهتماماً..
مليارات الريالات والى حين نشر هذا التحقيق لم يرجع الصندوق عن قراره بإيقاف توفير العلاج الموجه ويقوم المركز بعلاج الحالات التي تستخدم نوعيات معينة توفرها منظمة الصحة العالمية ومنظمات اخرى..
تزاحم الموت والحياة
في مركز الاورام بالعاصمة صنعاء تزاحم للموت والحياة بقدر تزاحم الساسة على تحقيق انتصارات وهمية هنا وهناك، يعبدون من خلالها طريق الموت البطيئ والسريع امام كل من شاءت له اقداره ان يتألم "مرضاً وقهراً وعنفاً وسياسة".
"المسرطنون" في صنعاء،والقادمون من عدة محافظات، وحصارهم المتعدد الاطراف هم ضحايا السياسة والجغرافيا القاهرة بامتياز.. يناشدون الله دائما ووسائله وخلفاءه على الارض للتدخل ولكنهم الآن تشخص ابصارهم بعيداً الى خالقهم وموجدهم بأن يرحمهم بعد "لا حياة ولا دنيا" عاشوها في حزام القهر والفقر والحروب المصطنعة. .
"الميثاق" التقت مدير مركز الاورام الدكتور عبدالله ثوابه والذي أكد على أن مرضي السرطان يعانون الامرَّين في هذه الايام لعدة أسباب أهمها النقص الحاد في الادوية، نتيجة الحصار والعدوان منذ ثمان سنوات .موضحاً ان هناك اصنافاً من ادوية السرطان غير متوافرة في المركز ، وهذه الادوية تدخل في جميع العلاجات البروتوكولية لجميع المرضى
خذلان برلماني
وكوضعية البرلمان في صنعاء ،الذي يعد في حكم الطارئ، لعدم تجديد ثقة الشعب له، منذ اكثر من 12عاماً، فهو لم يتعامل مع القضية بمسؤولية كبيرة باعتبارها جريمة مكتملة الاركان..حيث تعامل بتهاون وشكل لجنة لم تبت في القضية الى اليوم..
وفيما حمَّل برلمانيون المسؤولية وزير الصحة باعتباره المسؤول الاول وسحب الثقة منه،الا انه لم يتم من ذلك شيء..وزير الصحة بدوره لم يخجل من ذلك فسارع الى القاء التهمة تارة على اولياء الضحايا ،واخرى على مدير هيئة الادوية وقام بإيقافه عن العمل وتكليف آخر الا انه لم يمكنه من صلاحياته ومسؤوليته وتوضح ذلك رسالة للمكلف بمدير عام الادوية وتأكيده ان هناك مافيا تدير سوق الدواء وحيتان كبيرة تفسد بحياة الابرياء. بينما السلطات غائبة تماماً عن هذا الوضع المنهار والذي يتسبب بتهديد حياة المئات نتيجة الادوية المهربة او الملوثة.
التعويض ليس حلاً..
وكنوع من تميبع الفضية تحت يافطة "التخفيف من الاضرار النفسية والصحية لاسر ضحايا اللوكيميا "أوصت لجنة برلمانية حكومية مشتركة وزارة الصحة العامة والسكان بتعويض أسر ضحايا كارثة "الحقنة المهربة وغير المطابقة" التي تسببت بمضاعفات حادة لـ 29 طفلاً من المتعايشين مع سرطان الدم " اللوكيميا" ووفاة 10 أطفال منهم.. وتعويضها بمبالغ مالية لا تقل عن 10 ملايين ريال لكل حالة وفاة وخمسة ملايين ريال لكل حالة في العناية المركزة.. وبما لا يخل بالحقوق القانونية..،وذلك بحسب مارآه مراقبون، هروب من مسئولية احالة الجناة للعدالة، واخفاء معالم الجريمة وتسجيلها ضد مجهول،بشكل رسمي وقانوني.
وبعد شهر تقريباً من كارثة وفاة "أطفال اللوكيميا" في مستشفى الكويت بالعاصمة صنعاء،ذهبت السلطات بعيداً،كنوع من ذر الرماد على العيون عن الجريمة المرتكبة، حيث ذهبت لتنفيذ، وعبر مكاتبها الخاضعة لسيطرتها- بتنفيذ حملات تفتيش للمنشآت الصحية والصيدلانية وتقييم للمستشفيات والمراكز الصحية.
ومن تطورات النزول أعلن مكتب الصحة العامة في أمانة العاصمة عن إغلاق معمل لتصنيع المستحضرات الصيدلانية في مديرية الصافية، وإغلاق أقسام العناية والعمليات والحضانة في مستشفيين خاصين، لعدم توافر الشروط والمعايير الطبية اللازمة.
وتمت مداهمة معمل في أحد منازل أمانة العاصمة يقوم بتعبئة العلب بالماء وتغليفها وتوزيعها على الصيدليات باعتبارها علاجاً للعيون "قطرات".
وبحسب مدير مركز الاورام تقوم منظمة الصحة بتغطية جزء من الادوية واحتياجات المركز..لكنها لاتفي نتيجة تزايد اعداد المرضى المصابين.
ويعاني مركز الاورام بصنعاء من ضغط شديد في اعداد المرضى ونقص الادوية وبالذات بعد تخلي صندوق مكافحة السرطان عن مهمة توفير الادوية الموجهة والداعمة ..
ويوضح احد الاطباء في المركز ، ان اعداد مرضى السرطان تزداد بشكل كبير ، فهناك انواع جديدة لمرضى السرطان قمنا بإكتشافها في الآونة الاخيرة لم نعهدها في السنوات العشر الماضية، كسرطان الغدة النخامية الذي يصيب الاطفال والنساء، وأصبحنا نكتشف شهرياً من 80 الى 100 حالة سرطان.
وفيما يتعلق بموضوع التحويلات الطبية لمرضى السرطان ، قال ابو سلمية: "في الآونة الاخيرة وزارة الصحة،عبر صندوق مكافحة السرطان، اوقفت التحويلات الطبية لهؤلاء المرضى، وهم يعانون الامرَّين نتيجة عدم توافر الدواء اللازم لهم ، نتيجة الاغلاقات والمنع ، فمرضانا يموتون ببطء ، لان الكل يعلم ان تأخير العلاج الكيماوي له تأثيرات وخيمة على المرضى".
وتابع": هناك بروتوكولات عالمية تنص على أن يأخذ المريض جرعة السرطان من إسبوعين الى ثلاثة أسابيع، وبالتالي فإن تأخير تلقي جرعة الكيماوي لمريض السرطان يمكن أن تسهم في بانتشار المرض بشكل كبير، وليس فقط على الجزء المصاب بل تسهم في بانتشاره في أماكن غير مصابة ،هناك حالات توفيت خلال الشهرين الماضيين نتيجة قطع العلاجات عنهم.
تحذير
وحذر مدير مركز الاورام بصنعاء ، من استمرار الوضع، والنقص الحاد في الادوية والمنع ، كذلك ايقاف التغطية المالية من صندوق مكافحة السرطان " .. نحن امام كارثة انسانية حقيقية حذرنا منها مراراً وتكراراً، وللاسف نحن لا نستطيع تقديم أي شيء للمرضى المتألمين، لابد من وقفة جادة ، فنحن مقبلون على وضع كارثي وخطير لمرضى السرطان في اليمن، مع العلم اننا في وزارة الصحة استنفدنا كل طاقاتنا، وخاطبنا كل المؤسسات الحقوقية والانسانية والدولية لحماية المرضى من الموت المحقق بحقهم وتوفير العلاجات اللازمة لهم."
واضاف: " عدد الوفيات سيكون في تزايد اكثر، لان هؤلاء المرضى بحاجة للعلاج واهمية نجاح علاجهم هو استمرار المرضى في تلقى العلاج الكيماوي، لان علاج المسح الذري غير متوافر في اليمن والمرضى بحاجة ماسة لتلك العلاجات ، فنحن كاطباء لا نستطيع ان نتخذ قراراً باستكمال المريض للعلاج أم لا ".
| 
المسرطنون في اليمن.. يتوجهون إلى الله: إلى من تكلنا..؟
