د. عبدالوهاب الروحاني - ما يجر ي في حضرموت اليوم من استدعاء للقديم الغابر، واستحضار للعلم والدولة الحضرمية القديمة لم تصنعه الصدفة، ولا هو مجرد مقاومة للانتقالي ورفض مشروعة الانفصالى فقط.. فذلك ما يبدو في ظاهره، أما الأصل فهو مخطط كبير مدروس ضمن ترتيب دقيق ومحكم لتقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، وهو تعبير فاضح عن تراخي سلطات الحرب.
ملخص القصة يا رفاق وببساطة شديدة كالتالي:
المجلس الانتقالي مدفوع بقوة التكوين والولاء للإمارات لتكريس التقسيم والسيطرة العسكرية على حضرموت والمهرة لاستكمال حلقات حلم تحقيق استعادة "دولة الجنوب" المفقودة.
بالمقابل قوى سياسية وشخصيات اجتماعية حضرمية تدفع برفض مشروع الانفصال، ويقولون بصوت عالٍ: "إما اقليم مستقل في ظل الوحدة، أو دولة حضرمية مستقلة تضم المهرة، وشبوة، وسقطرى، في ظل الانفصال".
الانفصال هو المشروع الذي تلعب عليه الامارات والسعودية معاً، ولكن الانفصال الذي يخدم اجندتهما، وليس الانفصال الذي يفكر فيه الانتقالي أو البسطاء المغرر بهم من ابناء حضرموت وشبوة، والمهرة، وسقطرى.. انفصال يريدونه على ايقاع خطوات ترسم مناطق نفوذ تحقق مصالح قوى دولية واقليمية.
مجرد أدوات
وكلا المجلس الانتقالي، والمنادون بدولة حضرمية مجرد أدوات في اللعبة لتنفيذ مخطط كبير لا يهمهم شكله ولا لونه، ولا مضمونه؛ فالانتقالي يريد استعادة "دولة الجنوب" قبل 22 مايو 1990م، بينما المنادون بـ"دولة حضرمية" يصرخون هروباً من انفصال يذكرهم بزمن القهر وانتفاضات الايام السبع، وزمن الملاحقات بالهوية وسحل وقتل العلماء، ولذلك هم يهربون الى الخلف، وكثيرون لا يدركون ان من ورائهم مخططاً كبيراً..
السعودية تضغط من وقت مبكر على حضارم مجنسين (سعودياً) وتشجع على اقامة الدولة الحضرمية في إطار تبادل الادوار بين استخبارات الرياض وابوظبي لتنفيذ المخطط، الذي ترتب له منذ ماقبل الاستقلال 1967م، فهي تسعى لسلخ حضرموت والمهرة عن الجسد اليمني.. ولها محاولات كثيرة أهمها:
الاولى: بتوقيع وثيقة "الاتحاد الشرقي في مايو 1965م مع السلطنات الكثيرية، والقعيطية والمهرية"، ودمج الاتحاد بوحدة كونفيدرالية مع السعودية.
الثانية: سيطرة السعودية بالقوة العسكرية على منطقتي الوديعة والشرورة في نوفمبر 1969م، ثم بتاسيس ما سمي بـ"جيش انقاذ حضرموت والمهرة" في الفترة ما بين (1970 - 1972م) ضمن مخطط تفكيك جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية حينها..
واللعبة مستمرة:
وتواصلت المحاولات بعد قيام تحالف 2015م بعدد من الخطوات:
- قضم المزيد من الاراضي في حضرموت، واستحداث المعسكرات، وتشكيل "قوات التحالف الحضرمية".
- دفع وتشجيع مشائخ ووجهاء ومستثمرين حضارم مجنسين سعودياً للتوقيع على طلب بضم اراضي حضرموت إلى أراضي السعودية.
- مضايقة الشركات النفطية، وطردها بعد السيطرة على الكثير من المواقع ذات المخزون النفطي الكبير.
- القيام بحملة تجنيس واسعة في شبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى.
حضرموت مخزون كبير من النفط والثروات الطبيعية، والارض الخصبة والجغرافيا الواسعة والمتنوعة، وفوق هذا وذاك، تمتلك شريطا ساحليا طويلاً على البحر العربي، وذلك احد أهم الاطماع السعودية.. والغاية هو فصلها عن الجسد اليمني، واعلان "دولة حضرموت الكبرى" وضمها لمجلس التعاون الخليجي.
أطماع وتجويع
كل هذا التآمر، وكل هذه الاطماع، التي اصبحت معلنة ومكشوفة لليمنيين في الداخل والخارج، بينما سلطات الحرب عندنا مشغولة بملاحقة المواطن اليمني البسيط، واختطاف لقمة عيشه من فمه.
وهكذا، يمارسون سلطاتهم على شعبنا المكلوم .. فقط يجوعونهم، ويتقاتلون على ظهره، وعلى توزيع المناصب.. والمكاسب..
ووالله والله لا حضرموت ولا المهرة تهمهم، ولا تعز تعنيهم، ولا سقطرى ولا ميون في بالهم، ولا جوع الناس، ولا مرتبات الموظفين، ولا حال الوطن، ولا سيادته، ولا وحدته.. ولادولته..
كل ما تعنيهم هي المكاسب والمناصب، و"يمدد أبو حنيفة ولا يبالي".
|