عبدالجليل أحمد ناجي - إن المؤامرات الخارجية التي صنعت سيناريوهات أحداث الربيع العربي في عدد من الدول العربية ومنها اليمن ، وبمشاركة قوى وتيارات يمنية ، دفعتها شهوة الوصول إلى السلطة إلى مد يدها للخارج مقابل حفنة من المال وقليل من الأماني بإيصالها إلى كرسي الحكم على صهوة الفوضى الخلاقه ، والتي اتضح فيما بعد أنها لم تقدم لهم كرسي السلطة على طبق من ذهب كما وعدت ولكنها أوصلت البلد والشعب إلى الهاوية وأنتجت كل هذا الكم من الصراعات السياسية والعنف والحروب ، والدمار ، والتمزيق الممنهج للنسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية والجغرافيا...
وعقب استشهاد رئيس المؤتمر الشعبي العام السابق الزعيم علي عبدالله صالح ..بعد تفاقم وتسارع دراماتيكي للصراعات إلى درجة العنف وحدث ما حدث انتظرنا المصير المجهول للتنظيم وللوطن فمصير المؤتمر مرتبط بمصير الوطن وأمنه واستقراره، في هذه المرحلة الفارقة ظهر الأستاذ صادق بن أمين ابوراس منبعثاً من عمق الجراحات المثخنه ، قابضا على الجمر ، ومتحملا مسئولية مواصلة قيادة سفينة المؤتمر الشعبي العام، وأقول قابضا على الجمر،لأنه كان عليه كشخصية مؤتمرية ووطنية ، وصاحب تجربة سياسية وادارية عميقة أن يختار القرار الصائب وان كان صعبا، ومنافيا حينه لرغبات شريحة واسعة من قيادات وأعضاء المؤتمر، كانت ماتزال متوترة ومتأثرة بمجريات الاحداث ، غضبنا منه رغم اننا كنا نثق أن الرجل صاحب إرث نضالي وتأريخي وسياسي ، وصفحة بيضاء ناصعة، ويمتلك تجارب سياسية وادارية كبيرة أهَّلته لأن يكون رقماً صعباً في كل المراحل السابقة ولم يكن من السهل الاستغناء عنه، ولهذا فقد انصعنا جميعا لقراراته والإجراءات التي اتخذها ، ولم نرضخ لقناعاتنا الشخصية ، ثم اتضح لنا فيما بعد من خلال مجريات وتوالي الأحداث والمواقف الداخلية والخارجية أن الرجل اتخذ القرار الصائب والمناسب في الوقت المناسب ، حافظ على المؤتمر وعلى تأريخ المؤتمر السياسي ووجوده الحزبي والوطني كعامل توازن في الساحة اليمنية ، وتنظيم يحمل مشروعاً سياسياً كبيراً، يستمد منهجه الميثاقي من الثوابت الوطنية وفي مقدمتها شريعتنا الغراء المبنية على الوسطية والاعتدال واهداف الثورة والنظام الجمهوري والدولة المدنية الحديثة القائمة على التعددية السياسية والعدالة والمساواة والحريات ، والمشاركة الشعبية ، وهو تنظيم يقدس الحوار والتفاهمات السياسية ، ويرفض العنف والحروب بين ابناء الوطن ، وهو يرى أنه طالما أن الصراعات الدموية حتماً سيعقبها حوارات وتفاهمات وتسويات سياسية فالأولى أن نتحاور قبل أن نتقاتل ، ولذلك يجب أن نتعايش ونقدم التنازلات لبعضنا قبل أن تفرض علينا حلول وتنازلات من الخارج تحت ضفوط وشروط مجحفة تكسر أعناقنا..
لقد اختار ابوراس في مرحلة صعبة التسامي فوق الجراح والانحياز إلى الوطن والتمسك بالثوابت الوطنية ..
خرج أبو راس من بين ركام الأحداث الدامية رافعاً راية الحوار والتفاهم والتسامح واستطاع أن يمسك بناصية الأحداث وعمل مع الرئيس الشهيد صالح الصمَّاد من أجل دَمْل الجراح ووقف نزبف الدم وحمى الانتقامات وإعادة عربة الحياة السياسية إلى مسارها الطبيعي والصحيح ..
لقد اختار ابوراس منذ تولية مسئولية قيادة المؤتمر سياسة مغايرة وحكيمة مناسبة لواقع الحال وما تعانيه البلاد من عدوان وحروب ، عمل على ترميم الجراح ومعالجة الأمور بهدوء وطول أناة فحافظ على وجود المؤتمر كتنظيم سياسي فاعل وشريك في الحياة السياسية وفي الحكومة وفي ادارة مؤسسات الدولة، رغم ما يعتور هذه الشراكة من عقبات ومنغصات كثيرة إلا ان ذلك أفضل مما كانت ستؤول إليه الامور على الصعيدين التنظيم والسياسي والوطني..
نحن المؤتمريين كغيرنا من التنظيمات السياسية فُتحت لنا احضان كثيرة، أرادت أن تحتوينا وتمنحنا الحب والحنان والأمان، لكننا كنا ندرك بحكم تجاربنا السياسية وتعاملاتنا لعقود سالفة انها أحضان غير دافئة، ولن نجد فيها غير الشر لنا وللوطن، وأنه لا بديل عن حضن الوطن الأم مهما كانت الظروف والمتاعب والصعوبات والمعاناة والتضييق لكنه الخيار الأفضل.. |