يحيى علي نوري - يُعقد المؤتمر الوطني للأمن البحري الذي يقف أمام العديد من القضايا الاستراتيجية والأمنية التي تهم اليمن حاضراً ومستقبلاً بل والأمن القومي العربي عموماً..
وتأتي أهمية انعقاد هذا المؤتمر في كونه يمثل استجابة منطقية وموضوعية لأهم قضية تؤرق اليمنيين وتضاعف من تخوفهم على مصير أمنهم البحري في ظل تعاظم التنافس الدولي الهادف إلى السيطرة على البحر الأحمر وتسخيره لخدمة أجندة المصالح الدولية.
كما أن هذا المؤتمر يمثل الفرصة التي يعبر اليمنييون من خلالها عن تخوفاتهم وتطلعاتهم الآنية والمستقبلية الهادفة إلى ترسيخ استقلاليتهم على مستوى المياه الاقليمية بل والتراب الوطني عموماً..
حيث نتوقع ان يشهد هذا المؤتمر حالة إثراء لمختلف القضايا التي سيقف أمامها تحليلاً وعرضاً وفي البحث العلمي والمهني الذي يمكن الدبلوماسية اليمنية من لعب دور أكثر فاعلية في الدفاع عن المياه اليمنية وتسخيرها في خدمة المصالح والأجندة الوطنية وفي مواجهة كافة التفاعلات والحراكات الدولية ذات الصلة بالبحر الأحمر خاصةً من قبل القوى الكبرى التي تحاول عبثاً الاستغلال الرخيص والانتهازي للاوضاع التي يعيشها اليمن حالياً كنتيجة لما خططت له من أجل انقضاضها على المصالح والثروات اليمنية في البر والبحر بالاضافة إلى استغلال المنفذ الدولي والمتمثل في البحر الأحمر وبكل ما يحمله من جدوى اقتصادية تهم الاقتصاد العالمي وبل تؤثر فيه سلباً وإيجاباً ..
إن المؤتمر ومن خلال ما سيبديه المشاركون فيه من تفاعل كبير سواءً أكان ذلك على صعيد الوثائق البحثية السياسية التي سيقف أمامها أو على صعيد المداخلات والمناقشات المتعمقة التي ستصب جميعها في بوتقة واحدة ، هو التشخيص الدقيق للواقع الراهن الذي تعيشه منطقة البحر الأحمر وما تمثله من تحديات كبرى تهدد الأمن القومي والعربي عموماً .. كما ان النتائج التي سيخلص إليها المؤتمر تمثل سلاحاً جديداً للدبلوماسية اليمنية يعزز من توجهاتها وتفاعلاتها المختلفة المتصلة بالحفاظ على سيادة المياه اليمنية وبرؤية ثاقبة تستوعب مختلف القضايا التي تهم اليمن وينبغي الدفاع عنها كواحدة من أبرز مهامه الوطنية والقومية باعتبارها قضايا غير قابلة للإرجاء والترحيل، كون ما يشهده البحر الأحمر اليوم من تواجد لافت للقوى الكبرى بهدف السيطرة عليه يمثل تهديداً لابد ان يكون في صدارة اهتمام القيادة السياسية اليمنية لمواجهة كل ذلك خاصة وأن ما تشهده بلادنا من عدوان وحصار قد أُعد له مبكراً بهدف تمكن الدول الكبرى من بلوغ اهدافها الاستراتيجية باليمن واستغلال كل مقوماتها الأمنية والاقتصادية ..
وإزاء هذه الأهمية التي يمثلها انعقاد المؤتمر فإنه ليس من الغريب ان يكون حدثاً مهماً يشد إليه مختلف المراقبين والمهتمين والقنوات السياسية الدولية والاقليمية وكذا مراكز البحوث والدراسات فالجميع لا شك يترقبون النتائج التي سيتمخض عنها هذا المؤتمر وما سيمثله من قراءة سياسية للقيادة اليمنية وكذا الوقوف من خلاله أمام تفاعلاتها مع هذا الملف الحيوي وذلك بحد ذاته يمثل قيمة سياسية ودبلوماسية تسجلها صنعاء ورسالة مهمة لكافة القوى الكبرى بأنها ستواجه كل التفاعلات الدولية المتصلة بالبحر الأحمر في إطار من الآليات والوسائل المتاحة التي من شأنها الحفاظ على الأمن القومي اليمني..
وهذا بحد ذاته مؤشر مهم ينبغي على هذه القوى رصده باهتمام ومسؤولية يتطلب منها المزيد من التعامل مع اليمن بتجرد من اجندتها الاستعمارية الجديدة..
كما سيمثل هذا المؤتمر وبنتائحه قوة سياسية لصنعاء تضاف إلى قوتها العسكرية التي بآت العدو يدركها تماماً ومدى قدرتها على التأثير الكبير في منطقة البحر الأحمر ..
وانطلاقاً من أهمية المؤتمر والوثائق التي سيقف أمامها فإننا ندرك أن هذه الوثائق- التي سيقف أمامها واخذت وقتاً لابأس به في إعدادها من قبل سياسيين واكاديميين ومعنيين بالأمن الاستراتيجي والجغرافيا اليمنية - لها أبعاد حساسة على الأمن والسلم الدوليين وستشكل الصورة الكاملة للمشهد الراهن وسبل النجاة من المؤامرات الخارجية..
وعموماً فإن القيادة السياسية اليمنية باهتمامها بهذا المؤتمر والإعداد المتأني له قد قدمت درسا ً يمنياً يتم في مرحلة عربية بالغة الانهيار والتصدع غاب فيها العقل العربي عن التفكير السوي في الدفاع عن قضايا الأمة وتشخيصها.. وسيذكر التاريخ ان هذا المؤتمر وما سيخرج به من نتائج لم يكن في صالح اليمن فحسب بل في صالح الأمن القومي العربي، وسيجد كل مهتم وخبير عربي ان هذه النتائج تمثل مطلباً عربياً يصب في مصلحة الأمن القومي العربي، وان من سيخشى هذه النتائج هم اعداء الأمة المتربصون للسيطرة على مصالحها الاستراتيجية ..
|