عبدالجليل أحمد ناجي - لأننا نريد أن نطوي صفحة طويلة من الصراعات تعاقبت عليها القرون ولاتزال، نريد أن نحدث نقلة كبيرة في تفكيرنا، أن نستفيد من التأريخ وصراعات الماضي، أن نفكر في الأسباب التي أدت الى تفاقم دورات الصراع وتكرارها في بلادنا من فترة لأخرى، فكلما وُجدت فترة استقرار ولو نسبية في جزء من اليمن أو في جميع مناطق اليمن الموحد، ظهرت القلاقل والفتن وبدأت دورات الصراعات من جديد، وكأن هنالك مكمن بارود كلما اقتربت منه شرارة الفتنة اشتعل، واختل مركز الدولة وضعف وانهار، وربما تدخلت المغذيات الخارجية لتزيد الطين بلة، واختلط الحابل بالنابل، وتعقدت الأمور، وبدأنا من جديد نبحث عن حلول ومخارج..
كل دول العالم لم تولد منذ اليوم الأول مستقرة ومتطورة، لكنها بحثت عن عوامل الاستقرار والتقدم وأمسكت بناصيتها ، وتحركت نحو التقدم والتطور بثبات مغلبة مصلحة الوطن على ما سواها، إلا نحن في اليمن نقطع الشوط ثم نعود الى الخطوة صفر، وأمام هذه الجزئية نقف محتارين!!
لماذا نحن في اليمن في كل مرة نفقد اتجاه البوصلة ونتوه في المجهول ؟
هل نحن بحاجة إلى إعادة قراءة التأريخ السياسي والاجتماعي لليمن من جديد للوقوف على أهم محطات التقلبات السياسية والاجتماعية أسبابها ومسبباتها ومحاولة سد الفجوة المعرفية من خلال الاستعانة بنظريات علم الاجتماع السياسي الحديثة، وتجارب كثير من الشعوب التي نجحت في خلق بيئة مهيأة للتعايش الاجتماعي والاستقرار السياسي في مجتمعاتها على الرغم من وجود تباينات عرقية ودينية وثقافية، وكيف استطاعت هذه البلدان أن تتحول من قرى ومناطق، وعشائر، وأعراق، وديانات ومذاهب متناثرة الى دول قومية قوية متلاحمة ومستقرة ومتعايشة ومتطورة..
لماذا نحن في اليمن عوامل التفرقة والانقسامات مابرحت تنشب أظافرها في كياننا الاجتماعي والسياسي ، وكلما حاولنا أن نصطف حول ثوابت وقواسم مشتركة، وهدف مشترك يجمع كل اليمنيين مزقتنا سكاكين الصراعات الموروثة من الماضي العتيق..
هل نحن فعلاً كما يقول بعض المفكرين نريد أن نعيش الحاضر بعقليات الماضي ، ولانريد أن نستفيد من الماضي في بناء الحاضر ..أم أن دورات الصراع المستجلبة من عصور العشائر لاتزال مسيطرة على وعينا الباطن وتتحكم بكل تصرفات دورات الصراع وفقا لمعادلة المنتصر والمنهزم، هذه المعادلة التي طالما جعلتنا نحرق المراحل في أوهام كاذبة.
اليمن عبر تاريخها والصراعات تحدث فيها إما على خلفية مذهبية أو سياسية أو مناطقية أو عشائرية ، ومن هذه البؤر تتولد الفتن والحروب وتسيل الدماء وتخرب الديار ...
فما علاقة كلامنا هذا بما ورد في الحقائق الخمس في الميثاق الوطني ...
ولماذا نحن اليوم في أمس الحاجة لإعادة قراءة المرجعيات الفكرية والسياسية لهذه الحقائق .. |