يحيى علي نوري - تمثل اللقاءات بين المؤتمر الشعبي العام وجماعة أنصار الله أهمية بالغة تتطلبها كافة المعطيات والتحولات التي تشهدها الساحة الوطنية لتعزيز موقفهما إزاء كل ذلك بالمزيد من النقاش الجاد المتعمق في هذه التحولات واستشراف القادم بالصورة التي تعمل على إحداث نقلات نوعية لموقفهما..
كما تمثل حالة الانقطاع في عقد هذه اللقاءات مؤشراً يلتقطه المراقبون والمتابعون كإشارة كاشفة لضعف العلاقات بين الطرفين وهو مؤشر يقود اصحابه إلى تحليلات وتفسيرات عدة يبنون عليها تصوراتهم ورؤاهم التي تخلص إلى نتائج سلبية لا تتفق مع عظمة ما يقال من وقت لآخر عن تحالف المؤتمر وأنصار الله الذي يوصف من قبلهما بالاستراتيجي..
ولكون هذا الانقطاع يُعد تعبيراً عن عجز في الإدارة وعدم القدرة على السير باتجاه اظهار التحالف بالحيوي والفاعل فإن استمرار هذا الضعف الاتصالي بين المتحالفين أصبح يصنف كحالة اخفاق لدى المتابعين أو نتاج لعدم رغبة الحليفين في السير باتجاه تطوير وتحديث وتعميق كافة الجوانب المرتبطة بعلاقتيهما .. الخ من الاستنتاجات التي تساعد للأسف الشديد في اظهار المشهد بين الحليفين بالضبابي أو إظهار الأمر بعدم رغبة احدهما في تحقيق ذلك واعتباره حالة سياسية لا تتفق مع عظمة التحديات الكبرى التي تواجه الوطن والتي طالما يصفها الجانبان بهذا الوصف في معرض تصريحات وتأكيدات القيادات العليا لهما..
ولاريب أن هذا الانقطاع في التواصل المستمر وعدم وجود برامج مزمنة بينهما لعقد اللقاءات من وقت لآخر يعد قضية تستحق الاطلالة هنا من منطلق الحرص الشديد على تحريك المياه الآسنة والتعرف عن كثب على الاسباب التي تؤدي إلى هذا الفتور التواصلي علّ ذلك يسهم في لفت انتباه قيادات الجانبين إلى مدى الحاجة الماسة التي تمثلها هذه اللقاءات وما يشكله غيابها من اعتوارات تشوب المشهد وما تحدثه من تأويلات تنعكس لدى الرأي العام كمعطيات مسلَّم بها تقر بوجود خلافات واختناقات تحول دون هذا التواصل..
ولكون الاجتماع الذي عُقد مؤخراً بين المؤتمر وأنصار الله قد مثل استجابة مهمة لمتطلبات تعزيز التواصل والاتصال بين الطرفين إلا أنه وبالرغم من اهميته قد فتح الباب أمام العديد لمناقشات مستفيضة عن أسباب انقطاع مثل هذه الاجتماعات التي تتطلب أن تكون لقاءات دورية مزمنة وكذا الوقوف أمام ما يستجد من قضايا وأحداث تفرضها المتغيرات والتحولات المتسارعة التي تشهدها الساحة الوطنية..
كما أن عملية التغطية لهذا الخبر اخذت هي الأخرى اهتماماً خاصاً وأنه - أي الخبر - كان يحتاج إلى المزيد من العرض والتحليل من قبل وسائل إعلام الطرفين بدلاً من قراءته بصورة سريعة وحتى يأخذ حقه الكامل عرضاً وتحليلاً وبما يشد انتباه الرأي العام لأهمية القضايا والموضوعات التي كان له أن وقف أمامها والنتائج التي خرج بها وما تمثله من تأثير على مجريات الأحداث..
وبالعودة هنا لمضامين القضايا التي وقف أمامها اللقاء المذكور سنلمس مطالبته بضرورة إيلاء الجبهة الداخلية الاهتمام الاكبر باعتبارها القضية القوية والصلبة التي تمكن شعبنا وكل قناة من مواجهة التحديات الكبرى من خلال تفعيل التنسيق بين المؤتمر وأنصار الله ومعهم مختلف القوى على الساحة الوطنية لرفع مستوى الانشطة والفعاليات الوطنية التي تصب جميعها في بوتقة تعزيز الوحدة الوطنية وترسيخها وتجذيرها..
ولاشك أن هذا المطلب للقاء يعكس مدى ما تركه انقطاع اللقاءات بينهما من فراغ يتزايد من وقت لآخر ، خاصة وان هذا المطلب من البدهيات التي لا تحتاج إلى تأكيد بعد 8 أعوام من الصمود والتصدي للعدوان والحصار وهي فترة تاريخية ملحمية كان لتواصل اللقاءات المزمنة أن يجعل الاجتماع المتواصل يكرس لمناقشة آليات وأدوات جديدة تعزز من حالة الصمود، وبما يتفق مع المتغيرات المتسارعة وهي متغيرات تتطلب رؤى جديدة تتفق مع معطيات اليوم وتعزز من الانتصارات التي أمكن لشعبنا تحقيقها في مواجهة العدوان..
وهذا يعني أن اللقاء عبّر بموضوعية وصراحة بأن الجانبين ما زالا يتعاملان مع هذا الأمر من نقطة الصفر علاوة على ما ذهب إليه من تأكيد أن عملية التنسيق تتطلب هي الأخرى خططاً وبرامج كفيلة ببلورته للواقع مازالت للاسف الشديد في طور التمني أو المطالبة وهو ما يعني ان تفعيل ذلك مازال امامه وقت طويلاً لتحقيقه شريطة أن تعطي قيادات الجانبين الضوء الاخضر لتكويناتها ذات العلاقة بالانشطة الشعبية والجماهيرية والابداعية والسياسية للبدء في الإعداد لهذه الخطط وبصورة سريعة مزمنة وبمشاركة فاعلة من قبل كفاءات وكوادر الجانبين بالاضافة إلى مشاركة كفاءات الاحزاب والتنظيمات الاخرى المناهضة للعدوان..
إذاً نحن أمام متطلبات لايمكن السير باتجاه تحقيقها مالم تأخذ الإدارة مُثُلها وقيمها في ترجمة كل ما تتم مناقشته على الواقع وفي اطار خطة سياسية واضحة وجلية من حيث متطلباتها واهدافها وبرامجها السياسية والاجتماعية والإعلامية مالم فإن الحديث عن التحالف وما يعبر في ثناياه من آمال وتطلعات سيكون مجرد حديث إعلامي لا يرقى إلى مستوى الهدف والتحدي الراهن..
كما ينطبق على ذلك معطى آخر لا يقل في اهميته عن المعطى الأول حيث نجد الاجتماع أكد على اهمية تعزيز التوافق الوطني والشراكة الوطنية بالصورة التي تمكن مختلف الفعاليات الوطنية من الحفاظ على السيادة الوطنية وحماية الثوابت..
ولاريب أن التوافق يمثل هو الآخر الضمانة الحقيقية التي يستحيل بدونها السير إلى الأمام في مواجهة العدوان والحصار وإلى كونه ايضاً يمثل القاعدة القوية والصلبة في خلق حالة التناغم المستمرة بين مختلف الاطراف في اطار خطط سياسية تستوعب فظاعة التحديات وتكون نتاجاً لقراءة منطقية ومتعمقة للواقع وبما يساعد مختلف القوى على لعب دور فردي وجماعي في التعبير عن إيمانها بالوفاق الوطني كضمانة للحاضر والمستقبل..
وهنا ينبغي أن نؤكد أن أي تفاعلات سياسية أو حزبية لا تستند إلى الوفاق والتنسيق المستمر بين مختلف القوى لاتعدو عن كونها مجرد شعارات سرعان ما ستتلاشى ويجد الجميع أنفسهم قد اضاعوا الوقت واهدروا الامكانات دون تحقيق أداء تاريخي يتفق مع عظمة التحديات أو حتى على الاقل الاقتراب منها..
كما ان التأكيد هنا على عمق العلاقات بين المؤتمر وأنصار الله وفي كل مناسبة أو لقاء أو فعالية يظهر أمام الرأي العام بأنه تأكيد يهدف إلى الرد على التقولات والشطحات التي يقع فيها البعض نتيجة أحلامهم بتصدع هذه العلاقات وهذا يعني أن التأكيد الأمثل والأروع هو ذلك الذي يكون نتاجاً لتفاعلات مستمرة بين الجانبين أساسها الوفاق والتنسيق المشترك لا التصريحات الاعلامية..
كما أن الإقرار بأهمية استمرار عقد اللقاءات يعكس هو الآخر أن الجانبين مازالا حبيسي نقطة البداية فلو أن هذا الانعقاد مستمر لوجدناهما قد حققا قفزة نوعية في البحث عن وسائل وطرق جديدة للتعبير عن مواقفهما السياسية والاجتماعية وهي مواقف كانت وما زالت تستحق المزيد من التجديد والتطوير خاصة وأن وطننا وشعبنا اليوم يستعد للاحتفاء بدخول العام التاسع على صموده في وجه العدوان وإبراز كل ذلك من خلال توافق وتنسيق مستمر يدلل على أن الجميع يواصل مسيرة النضال بروح متجددة متحررة من مختلف الشوائب والاعتوارات التي تنتج من وقت لآخر نتيجة الانقطاع عن عقد اللقاءات والتي يعد عدم استمرارها بمثابة تهميش لعظمة تضحيات اليمنيين.
|