علي أحمد مثنى -
تعريف الثورة :
هي ثقافة في حد ذاتها وتنطلق من فلسفة الهدم الرشيد والواعي الى حكمة البناء الصحيح المتميز في إطار التحلي والالتزام بالأخلاقيات الإنسانية السامية والإدراك الحقيقي للفعل الثوري ومسئولياته بتوجيهة نحو الاتجاه المناسب والراقي الذي يضمن تحقيق النجاح المنشود وشمولية فائدته..
يقول فقهاء السياسة إن الثورة فعل حتمي تستدعيها مقتضيات وضرورات التجديد والتغيير والتطور للقضاء على الإرث الاستبدادي والفساد وانعدام العدالة والتنمية، المواطنة وسيادة القانون، وفقدان المؤسسات لدورها ومهامها وتعطيل القيم الدينية والاجتماعية والوطنية .
الثورة لا يمكن أن يكون لها معنى مالم يكن لها مقصد واضح ومحدد .
شروط نجاح الثورة:
1- قادة وطنيون وطلائع من المفكرين والحكماء يحملون مشاعل الوطنية ، تاريخهم ناصع بالنضال والفكر التحرري ، سجل ماضيهم خالٍ من الفساد او التضليل او تمجيد ومداهنة ومشاركة الحكام..
2- قادة يعتمدون على رافعة من الإيمان والمبادئ الرفيعة والإنسانية وتأييد بأغلبية شعبية..
3- قادة يمتلكون استراتيجية واضحة المعالم تتضمن رؤية زمنية لمشروع واضح يحدد معالم المستقبل والأهداف والبدائل المناسبة في ادارة مؤسسات الدولة بما يحقق اهدافها.. الخ، وبدون ما تمت الاشارة اليه ستصبح الثورة مدخلاً لحرب أهلية ومدمرة وخصبة بالاستبداد والمظالم والفشل التام والكامل بفوضى عارمة يتعذر سرعة معالجتها وتتحول البلد الى باب مفتوح لكل المتربصين والقراصنة من الداخل والخارج...
الخطر على الثورة :
يأتي عبر تحويلها من مسارها الشعبي والمجتمعي لمصلحة فئات او شخصيات سياسية وحزبية وجهوية وعصابات تقطُّع وارتزاق تحت شعارات جوفاء في حالة تمكَّن تيار من المتنافسين، الامر الذي سيؤدي تعرض البلد والمجتمع للوقوع في هاوية الصراع والكراهية والتمايز بين أبناء المجتمع الواحد فتهدم الطموحات ولاخلاقيات والعدالة والحرية والمساواة والمساءلة.
إن منطلق ومنطق الثورة يعني الرفض لمنظومة ديكتاتورية استبدادية سلطوية معينة تسببت بعدد من الترديات والمظالم والفساد بكل مستوياته وانواعه..
أنواع الثورات :
يقول ثعلب السياسة الأمريكية هنري كيسنجر هناك نوعان من الثورات :
1- ثورة وطنية ديمقراطية ذات رؤية استراتيجية واضحة الأهداف والوسائل والتحالفات الداخلية والإقليمية والدولية .
2- ثورة عفوية عمياء صاخبة على الفضائيات ومواقع التواصل الأجتماعي لم تحقق الا تغير النظام استفاد منها تيار الاسلام السياسي بتحالف انتهازي مع اصحاب الرتب والمناصب الرسمية والاجتماعية.. بدون خطة واضحة لما بعد الثورة، ومثل هذه الثورة لا تنتج الا الدمار والصراع الداخلي.
وهذا فعلاً ماحصل للبلدان التي أُصيبت بهذا النوع من الثورات .
هل يَصدق العقلاء بأن ثورة تكون اهدافها مجهولة يخطفها الأربعة والأربعون حوتاً ازرق من أفذاذ حملة رايات مافيا الفساد والإفساد بخديعة ماكرة أن يوصلوا الشباب لمستقبل آمن بأمانة شرف الثورة ووعودها بشعارات تدغدغ عواطف الشعب والشباب المتطلعين للتغير وتحقيق طموحاتهم المشروعة على ايدي قادة يحملون ضغائن الثأر وتصفية حسابات خفية لبعضهم البعض، بعد ان استلموا القيمة مقدماً ، والخسارة الاكبر على البلد والشعب والامن والاستقرار والتدمير التام.
وهل يؤُتمن الأسد على رعاية وحراسة وسلامة القطيع؟! يقول المرحوم الأخطل الصغير أمير شعراء الشباب
وهل يلام الذئب على عدوانه...
ان يكن الراعي عدو الغنم
قادة فبراير2011م بكذبتهم الكبرى على الشباب والشعب لاتقاس بأي كذبة أو خدعة وخديعة ولا بأدنى مراتب كذبات التاريخ القديم والمعاصر حتى تحولت الاحوال الى معاصر وأعاصير وعاصفة عصرت الدقيق مع الغث والسمين والتغريد مع النهيق، وضاقت الأحوال وتاه الطريق والجميع شارك وساهم بالعقوق الديني ، الوطني ، والقومي بإشعال نيران الفتنة الداخلية في بحر من ظلمات الحلبة وصارت الحبة قبة والبلد من نكبة الى نكسة الى أكبر كارثة على وجه الارض..
بكذبة اول ابريل السنوية الفكاهية تسلى يوم او بعض يوم اما كذبة فبراير2011 م نكبت وابكت 90? من الشعب البائس ودفع الغالي قبل الرخيص مقابل خيال ليس له نهاية او مجال...
مع الأسف طلعت غيث احلام الإسلام السياسي مع بعض من الحلفاء في التيارات الاممية والقومية وبعض اسماء اللجنة الخاصة عسكر وعسس ومدنيين مبرقطين الدقن مرتبي الألسن والعمائم وغيرهم من مختلف كوكتيل المصالح حمران العيون تجار الشتاء والصيف وانتقلت تجارتهم واستثماراتهم من داخل الوطن المنهوب والمسروق عبر القوافل عابرة القارات، شركاء لشركات متعددة الجنسيات..
اشتعلت نيران الثورة بدوافع الاستجابة لأضغاث احلام وحضور الأنبياء والصحابة يحملون البشائر بالنصر المؤزر المبين واعلنت للشباب بدون حياء وخجل، ودجل بالخرافة والتضليل بدون ساتر لتجريف العقول معززة باليمين والقسم الكاذب السخيف قالوها ببلاغة خطب في صلاة الجمعة والجماعة في ساحات المدن العامة والأزقة بحناجر التزوير والحماس اخطر خطباء الأولين والآخرين هم اعظم من سحرة فرعون وهامان وابليس اللعين عليهم غضب الله الى يوم الدين ..
بكذبة فبراير برزت وجوه المهرجين من مختلف الموديلات والأذواق والارتزاق ومن كل فج واعراق وذمم واسعة محمولة بالأعناق تجار الموت من كل المعتقدات والصفات فأزهقت ارواحاً من شباب ابرار ابرياء لايعلمون بفنون الارتزاق تحت شعارات وطنية ، قومية، اممية ،اسلامية ودساميل وكرفتات .. وطبول البرع والرقص اللحجي والصنعاني والدان الحضرمي ديسكو وروك وجاز وتاجر بالبنزين والغاز بجواز لم يجزه الشرع والقانون والاخلاق ، ونصبت الخيام ومقايل مع المداعة والشيش والحشيش حتى اعتصدت التخديرة على المتفرجين ، والدعوة عامه للجميع ،وليعذرنا من نسيناهم وارحبوا حيَّا بهم حيَّا بهم والجميع استجابوا بعفوية الغواية ولبوا الدعوة وحضروا الحفلة من كل فج عميق شقيق وصديق ممثلو مسليمة الكذاب، والاسود العنسي وسجاح وغيرهم من أشهر كذابي التاريخ المشهورين مع فرق الرقص بالطبل والطاسة والمزمار وتجولت الزفة والسهرة بين الشوارع والميادين والسفارات
وكانت محصلة الثورة لقيَّة سود ومتارس وقتال شرس وتدمير المنشآت العامة ومرافق الخدمات المتعددة صحية وتعليمية وجسور وطرق ومئات الآلاف من الشهداء والمصابين وتحولت اليمن من السعيد الى التعيس الى الكارثة الكبرى الى اليمن الحزين تحت وصاية ورقابة دولية لا يعلم احد نتائج فصولها...
في الخارج قادة الثورة وعائلاتهم واصدقاؤهم ينعمون بالخير الوافر في ليالي أسمار واستثمار ورقص في صالات فنادق عالية النجوم والنجيمات.. مع مزامير الاسحار ضيافة وايجار على حساب الخزينة العامة.. والأهبل صدق الكذبة.. وتركوا الشعب يدمع بصمت حسرة حُفاة عراة يتعرض للريح الباردة والحر الشديد هروباً من نيران ومتارس، وضاع موسم الربيع واستمر الحر وبرق الصقيع..
مقطع من قصيدة نحلم وطن لكاتب المقال:
لا تسألوا من اين انت
أنا من بلاد كانت يمن
بعض الرجال قالوا عبارات
شغلوا الميادين والمساحات
جالوا الشوارع والسفارات
خدعوا الشباب نثروا الشعارات
استعاضوا المآذن بالمنصات
صموا الآذان بصدى الخطابات
اقسموا أن النبي مع الصحابة
جاءوا في الأحلام بشارات
نصر مؤزر بالكرامات
| 
خديعة صقيع فبراير
