عبدالجليل أحمد ناجي - لقد تضمنت مقدمة الميثاق الوطني تفنيداً مفصلاً عن كيفية استخلاص الحقائق الخمس متبعة خطوات البحث العلمي في العلوم الإنسانية الحديثة حيث استهلت المقدمة بالإشارة إلى المرجعيات الدينية والتأريخية والوطنية ثم قدمت الخطوة الثانية وهي تشخيص الواقع في كل مرحلة من مراحل تاريخ شعبنا اليمني سلباً وايجاباً وتفنيد عوامل القوة والاستقرار أسبابها ومسبباتها ونتائجها وكذلك عوامل الضعف والتفكك وغياب الاستقرار اسبابها ومسبباتها ونتائجها ومن ثم انتقلت إلى خطوة تقرير النتائج وأُطلق عليها الحقائق الخمس انطلاقاً من ثقة فريق الحوار الوطني بصوابية هذه النتائج، فالحقيقة تعني أن درجة صحتها عالية جداً وهي أقوى من النظرية التي قد تتغير مع مرور الوقت لظهور معطيات جديدة وهذا ما أثبتته الأحداث اليوم في اليمن..
لقد مثلت الحقائق الخمس في الميثاق الوطني رؤية علمية وسياسية عميقة ومعاصرة تم البناء عليها في صياغة نظرية العمل الوطني للمؤتمر الشعبي العام »الميثاق الوطني« فكل فقرة فيه تمثل انعكاساً مرئياً لإحدى الحقائق وقد كان للميثاق الوطني تأثير كبير وواضح في تحقيق استقرار سياسي واجتماعي وتطور نوعي في مختلف المجالات، وبالتالي فإن من الخطأ جداً القفز على هذه المرحلة وغيرها من المراحل، فقد سئم شعبنا هذه الطريقة الغوغائية لأن فيها إهداراً للجهود الفكرية والسياسية والإنجازات ، فهدم انجازات مرحلة، وإعادة البناء على أسس مغايرة-فقط- لدواعي خصومات مع الماضي أمر غير منطقي، وهذا يعني اننا سنبقى في خصام مع الماضي بسلبياته وإيجابياته ، وستبقى الخصومات تدور رحاها داخل المجتمع يضعف بعضها بعضاً، وكلما تقوى خصم فتك بالآخر وهدم انجازاته، والصواب أن تبقى التجارب والإنجازات الوطنية بعيدة عن الخصومات السياسية ، فلن يقبل شعبنا اليمني أن يكون على طول الخط ضحية الخصومات السياسية والصراعات المتعاقبة..
ولذلك فإن اي حوارات أو مصالحة وطنية مستقبلية لاتنطلق من الثوابت الوطنية وتجاربنا السياسية والتأريخية شمالاً وجنوباً قديماً وحديثاً كمرجعية لم ولن يُكتب لها النجاح ولن تستطيع تحقيق استقرار سياسي واجتماعي دائم في اليمن..
|