|
|
|
الميثاق نت: - *في الـ 8 من شهر فبراير المبارك 1968م، تمكّنت القوات الجمهورية المرابطة في بني مطر والقوات القادمة من الحُديدة من الالتحام في منطقة بوعان بين الحَيْمَة وبني مطر، معلنةً فتح طريق الحُديدة-صنعاء بعد سبعين يوماً من إغلاقه وإغلاق كلّ المنافذ المؤدِّية إلى العاصمة من جهة الجنوب (نقيل يسلح)، والشمال طريق عمران وأرحب، وشرقاً طريق مأرب (الجبل الطويل)، حيث تمركزت القوات الملكية بعتادها الحديث، وصَلَتِ العاصمة بألوف القذائف العشوائية التي سقطت في الأسواق والأحياء السكنية، وراح ضحيتها مئات الأبرياء.
* كان لصمود القوات المسلحة الجمهورية الأسطوري، والمسنودة بالمقاومة الشعبية وسكان العاصمة، الدورَ الأبرز في تماسك الجبهة الداخلية للجمهوريين، رغم الإشاعات القوية التي كانت تبثّ في المدينة بقرب سقوطها بعدما أعلن الملكيّون عن خطة الجنادل لإسقاط المدينة بواسطة سبعين ألف مقاتل يتمركزون في حَدّة وسَناع وبيت بَوس وزَبَطان ومناطق سنحان والجبل الطويل، بقيادة محمد بن الحسين حميد الدين- نائب الإمام البدر، وقادة ميدانيين، مثل: ناجي الغادر وقاسم منصر وغيرهم؛ لأنّهم كانوا يدركون أنّه بسقوط صنعاء سيسقط النظام الجمهوري، ثم اليمن بأسرها. #agrfaisal
"كان عدد المُحاصِرين المسلحين بالأسلحة الحديثة أكثر بكثير من عدد جنود الجيش في المدينة، وكان الجزء الأكبر من سلاح المدرعات غير صالح للعمل، وحتى اللواء العاشر لم يزل في طور التكوين، أمّا الصاعقة والمظلات والمدفعية جلّها يقف على طريق صنعاء والحُديدة، ومنذ أول رمضان أي أواخر نوفمبر 1967م، بدأت الرجعية اليمنية في صنعاء تبشّر بعودة الملكيين في السابع من رمضان، وعلى رأسهم المدعو بـ"الإمام البدر"(1).
*تم فتح طريق الحُديدة، وهو الطريق الحيويّ الهامّ الذي يربط العاصمة بميناء الحُديدة، كان له فعل السحر في سقوط أنساق القوات الملكية في جبل عيبان الذي يحتضن العاصمة من الجهة الغربية الجنوبية، قبل أن تتوالى سقوط الجبهات والمواقع، ليس في صنعاء وحدها، بل في محافظات حَجّة والجوف وصعدة التي كانت معاقل يديرها الملكيون.
*لهذا "يعتبر يوم 8 فبراير 1968م، أعظم الأيام في تاريخ اليمن المعاصر؛ لأسباب جوهرية، فقد كان الامتحان الحقيقي عن مدى تمسك الشعب اليمني بالثورة والجمهورية، وكان أيضًا حدثًا تاريخيًّا، قدَّم للدنيا كلَّها أقوى الأدلة على شرعية الثورة ومشروعية النظام الجمهوري"(2).
*يقول القاضي عبدالرحمن الإرياني- رئيس المجلس الجمهوري الأسبق، في مذكراته:
"في الثامن من فبراير للعام 1968م، تم فتح الطريق وفك الحصار عن صنعاء، وكان أول ما فعلناه أن حشرنا سيارات النقل من كل لواء لنقل التموين إلى صنعاء، خشية أن يعاود الأعداء الكرة في إقفال الطريق.
*وفي اليوم التالي، وصل إلى الحُديدة الفريق حسن العمري- رئيس الوزراء والقائد العام، وقد استقبلناه استقبال الفاتحين وكان جديرًا بذلك"(3).
*يقول الشيخ أحمد علي المطري- شيخ قبائل بني مطر، وقت الحصار:
*"لقد قام أبطال القوات المسلحة وإخوانهم من الجيش الشعبي، بقيادة المقدم عبود مهدي، والنقيب عبدالرقيب عبدالوهاب، والشيخ صالح علي المطري وآخرون، بالهجوم على جبل عيبان في الموعد المحدّد، وكتب الله لهم النصر؛ فكبّدوا الأعداءَ خسائر جسيمة في الأرواح، وطهروا ذلك الجبل الأشم، واستولوا على كل الأسلحة والذخائر التي كانت مع العدو في عيبان، وقد أدّى الجنود الذين أرسلتهم قبل المعركة للانخراط في صفوف العدو واجبهم بشرف وأمانة وكانوا أوفياء للجمهورية..."(4).
*يقول المقدّم يحيى المتوكل- عضو مجلس الدفاع الأعلى، وقت الحصار:
"جاءت الأنباء بتحيرير جبل النبي شعيب »من قبل القوات التي قادها الشيخ أحمد علي المطري المرابطة في الحيمة وبني مطر والقوات القادمة من الحديدة بقيادة الشيخ أحمد عبدربه العواضي«، والمناطق المجاورة، فتحرك الفريق حسن العمري، وأنا معه على رأس قوة إلى منطقة المساجد، وكانت تعتبر من مناطق الملكيين، فدخلناها بدون مقاومة، وواصلنا التحرك إلى الأمام حينها فوجئنا بظهور طلائع القوة القادمة من الحديدة، وكان يومًا تاريخيًّا لا يُنسى، فسالت الدموع من الفرح وانقلب الموقف من الترقب والخوف، إلى انشراح وفرح طافح"(5).
* يقول المقدم عبود مهدي - قائد المحور الغربي (قائد اللواء العاشر)، في فترة الحصار:
"وصل الشيخ أحمد علي المطري من طرف القوات المتقدّمة »إلى المساجد حيث يرابط عبود بقواته«، وأبلغنا أنّ القوة بقيادة العواضي ستصل وقد طرد العدو، وما كان مني إلّا التحرك إلى صنعاء لمقابلة الفريق العمري وأخبرته بذلك. وطلبت منه أن يبلغ العواضي أن يلتقي وقواته في مواقع خارج العاصمة حتى يتم الترتيب لهجوم على جبل عيبان.
*في اليوم الثاني، بدأ الهجوم على عيبان. العواضي مسؤول عن قبائله باحتلال عيبان، ونحن أي المقدم عبود مهدي مسؤول عن القوة الثقيلة، وبدأنا بالهجوم، وتم احتلال عيبان، وبهذا تم لنا النصر وانتهى الحصار"(6).#agrfaisal
*يقول المقدّم عبدالله حسين بركات*- وزير الداخلية الاسبق، في فترة الحصار:
"لا أنسى أول يوم فكّ فيه حصار صنعاء، فهو في ذهنيّ كأول يوم الحصار، ولقد التقيت مع ضباطي وجنودي الذين خرجوا معي من مَتْنَة إلى صنعاء؛ لنلتقي بالأخ المناضل عبداللطيف ضيف الله، وأحمد العواضي الذي قاد الحملة من الحُديدة في اتجاه صنعاء، وكان قد التقى بهم معنا المناضل أحمد المطري، وكل هذا إيذان بانتهاء الحصار، وفتح طريق الحُديدة الذي يعتبر الثغر لتغذية الجمهورية، واستمرار حياتها، وأشعلت صنعاء النيران -التنصيرة- لا للملكية، ولكن للجمهورية إلى الأبد"(7).
*يقول الرائد علي محمد هاشم، نائب رئيس هيئة الأركان، في فترة الحصار:
"يوم الثامن من فبراير 1968م، كان نهاية الحصار الذي ضربه الملكيون على العاصمة، وكسره بفتح طريق الحُديدة صنعاء. الحصار لم يكن يستهدف العاصمة فقط، وإنّما يستهدف النظام الجمهوري وثورته وإسقاطهما بدرجة رئيسة، لهذا كان كل اهتمام جماهير الشعب اليمني ومكونات سلطته الفعلية والرمزية (المجلس الجمهوري، ومجلس الوزراء، والقوات المسلحة، والمقاومة الشعبية) في الانتصار للنظام الجمهوري، ولهذا جنّدت نفسها وتابعت عملية كسر الحصار وهزيمة العدوان الذي استهدف اليمن لأكثر من خمس سنوات، وكان على رأس هؤلاء رئيس المجلس الجمهوري القاضي عبدالرحمن الإرياني، ورئيس مجلس الوزراء الفريق حسن العمري، ورئيس هيئة الأركان قائد قوات الصاعقة عبدالرقيب عبدالوهاب نعمان.
*كان قائد حملة فك الحصار الشيخ الجمهوري أحمد عبدربه العواضي رحمه الله، الذي قام بحشد قبائل البيضاء ورداع وإب وتعز وصولاً إلى الحُديدة، وتم إسناد الحملة بقيادات عسكرية مجربة، منهم: عبداللطيف ضيف الله، وأحمد المتوكل، ووصلت الحملة إلى الحيمة ثم بني مطر، حيث التحمت بالمجاميع التي قادها الشيخ أحمد علي المطري.
بالمقابل، كانت هناك حملة موازية تشكّلت بتوجيهٍ من رئيس هيئة الأركان عبدالرقيب عبدالوهاب وآخرون، انطلقت من صنعاء والتحمت بالقوات القادمة من الحُديدة بمنطقة المساجد ببني مطر، واتجهت كامل القوات لتطهير الجيوب الملكية في المنطقة المحيطة بغرب العاصمة، ليعلن بعدها كسر الحصار من الجهة الغربية لتتساقط بعدها أنساق القوات الملكية في الجنوب والشرق والشمال"..
*يقول المقدم عزالدين المؤذن- قائد سلاح المشاة أثناء الحصار:
"كانت قيادة المقاومة واعية لمسؤولياتها، منظمة لأعمالها؛ فقد عملت على تقسيم العاصمة إلى أحياء، ونظمت الدوريات والحراسة داخل العاصمة مثلها مثل أي وحدة مقاتلة في الجبهة، وكانت تغذّي الجبهات بالمقاتلين، والعاصمة صنعاء بالغذاء و"القاز". وأذكر من هذه القيادة الإخوة: مالك الإرياني، عمر الجاوي، يحيى الشامي، علي الشنواح، عبدالصمد القليسي، محمد السلامي، عبدالله جباري، عبدالكريم أبو طالب، أمين النزيلي، محمد الشيخ، محمد الزبيدي، علي ناصر العنسي، محمد الزرقة، وآخرون، وكان معهم مجموعة من ضبّاط القوّات المسلحة والأمن يعملون جنبًا إلى جنب، وكلٌّ أدّى دوره في موقعه، وكل شخص بذل مجهودًا يُشكر عليه، وأذكر أنّنا التقينا مع قيادة المقاومة في منزل الفريق حسن العمري في ليلة من ليالي رمضان، وكان مطروح فكرة الدولة الإسلامية، وكنّا مجموعة من الضبّاط، وكان القاضي عبدالسلام صبرة موجودًا، وإذا لم تخنِّي الذاكرة كان الدكتور العطار، والدكتور حسن مكي، والأستاذ محسن العيني، وأحمد عبده سعيد، وآخرين، وكانت ليلة حامية الوطيس بالنسبة للنقاش. وأخيرًا، وصلنا إلى إجماع بأنّه لا بديل عن الجمهورية: الجمهورية أو الموت...
*ومن المواقف البطولية الرائعة، أنّ الفتاة اليمنية حملت السلاح إلى جانب أخيها؛ ففي مصنع الغزل والنسيج حمل عمّال وعاملات المصنع السلاح، وانضمّ عددٌ كبير منهم بدعم المواقع الأمامية، والمشاركة في الهجوم على بعض المواقع للعدو، كما اشترك عددٌ كبيرٌ من الموظفين، والذين كانوا يعملون في المؤسسات الحكومية والمختلطة، وكانت جميع هذه المواقف تعطي الإنسان عزمًا وإصرارًا عنيدًا في مواصلة القتال والدفاع المستميت"(9).
المراجع
(1) ينظر: عمر الجاوي، حصار صنعاء - ريبورتاج صحفي حي من أرض الأحداث في حرب السبعين يومًا، مؤسسة صوت العمال، عدن 1975، ص6 وما بعدها.
(2) ينظر: شهادة د. عبدالرحمن يحيى الحداد - اليمن الجديد، العدد الثاني، السنة السابعة عشرة، فبراير 1988م
(3) ينظر: مذكرات الرئيس القاضي عبدالرحمن بن يحيى الإرياني، الجزء الثالث، طبعة 2022، ص90 .
(4) ينظر: كتاب "حصار السبعين"- شهادات تاريخية رواها مجموعة من الشهود، وقادة النصر في حرب السبعين، جمعها وحقّقها وقدّم لها: علي محمد العلفي، كتاب الرأي العام، (5)، طبع بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي - صنعاء، بدون تاريخ وإن كانت خاتمته تشير إلى العام 1996، ص28 وما بعدها.
(5) نفسه، ص331.
(6) نفسه، ص 196.
(7) نفسه، ص122.
شهادة حية سجّلها تليفونيًّا للمحرر (رئيس التحرير)، يوم الإثنين 6 فبراير 2023، وله شهادة في كتاب حصار صنعاء- سابق، ص247 وما بعدها.
(9) كتاب حصار صنعاء- سابق، ص 218-219 .
|
|
|
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
معجب بهذا الخبر |
انشر في فيسبوك |
انشر في تويتر |
|
|
|
|