|
|
|
استطلاع/ جمال الورد - الفنان نشوان الحرازي: الدراما اليمنية تظهر في رمضان وتختفي بقية العام!!
الحرازي: تكرار وتنوُّع الأعمال الدرامية يخلُق وعياً كبيراً لدى المشاهد ويعزز فيه حب الخير والأوطان
الفنانة أريج السيد: الجمهور بحاجة إلى أعمال تشبع شغفه وتعبّر عنه وما يعيشه في الحياة اليومية
المذيعة وفاء واصل: الدراما مهمة في معالجة الكثير من المشاكل المجتمعية وفي البناء الثقافي والفكري
وفاء واصل: طغى الصراع السياسي على الدراما اليمنية وهذا ما يلمسه المشاهد
ليس بمقدورنا أن ننصب أنفسنا قضاة لمحاكمة أي شيء في بلادنا بمعيار طبيعي، دون أن نأخذ بالظروف الواقعية التي نعيشها بعين الاعتبار، كما لا يمكن أن تحميل الظروف كل شيء أمر غير مقنع، ومبرر لا يفسّر سبب تردّي الدراما اليمنية، وعدم تمكّنها من تحقيق قفزة في الأداء والتقييم الكلي للإنتاج، بالإضافة الى خلوها من المشاكل الرئيسية التي تعاني منها الدراما اليمنية، سواءً من حيث تقديم صورة نمطية سلبية عن اليمني كشخصية "سخيفة وغريبة الأطوار"، أو الأخطاء الإخراجية كعدم تجانس الشخصيات مع أدوارها، ووجود نوع من الانفصام بين رسالة العمل الدرامي وسياقه الزماني والمكاني..
فجوهر عملية الإبداع يكمن في القدرة على تخطي كل الظروف، مع عدم إغفال تأثيرات الواقع على المستوى العام للإنتاج. غير أن المقصود هنا أن بالإمكان تقديم منتج جيّد، وفقاً لتلك الظروف ذاتها التي أتاحت إنتاج ما هو متوافر الآن.
دراما موسمية.. لا تلبي تطلعات الجمهور
وللوقوف على أحد اهم مشاكل الدراما اليمنية المتمثلة في موسميتها استطلعت »الميثاق« آراء عدد من الفنانين والمهتمين.. يقول الفنان نشوان عبدالعزيز الحرازي، في معرض رده حول موسمية الدراما اليمنية وتأثير ذلك على واقع الثقافة اليمنية: للأسف.. تظل أعمالنا الدرامية اليمنية محتجبة طوال العام، ولا نسمع عنها أو نرى القليل منها إلّا في شهر رمضان، والذي تتسابق القنوات الفضائية اليمنية منها الرسمية التي تنتج عملاً واحداً فقط، بعد ذلك تختفي الدراما المحلية من على شاشاتنا قرابة عام كامل. والسبب في ذلك عدم الاهتمام بالدراما المحلية بحجة تكاليف إنتاجها الباهظة، وقلة الوعي بأهمية الدراما في معالجة قضايا المجتمع، وأهم سبب غياب قطاع الدراما والاهتمام فقط بمسلسلات تراجيدية هشّة مضمونها الترفيه على المشاهد وقت عرضها وانتهاء فاعلية المضمون عند نهاية الحلقة.
وأضاف الفنان نشوان الحرازي: "الدراما المحلية عنصر مهم في حياة المجتمع، فهي التي تعكس واقع مجتمعنا وهمومه وطموحاته وتطلعاته بصورة فنية جميلة (محاكاة للواقع)، وغيابها يؤثر أيضاً على قدراتنا الإبداعية كممثلين وفنانين، فالتوقف الطويل عن الأعمال الدرامية لمدة 11 شهراً يقلل من المهارات الإبداعية للفنانين والمخرجين والفنيين العاملين في مجال الدراما، ويظهر ذلك في أداء الممثلين في اختلاق المواقف المفتعلة في أدوارهم ويظهر مدى ركاكة الأداء التمثيلي المتكلّف والمصطنع".
وحول أثر الدراما على واقع الثقافة اليمنية يؤكد الفنان نشوان الحرازي أن الدراما اليمنية بلا شك تؤثر على المجتمع اليمني إيجاباً في نشر الوعي الاجتماعي والاخلاقي والديني والأمني والوطني من خلال تناول قضايا وموضوعات في ذات شأن ما ذكرته سلفاً لدى الجمهور المشاهد المستهدف.. وتكرار وتنوع الأعمال الدرامية يخلُق وعياً كبيراً لدى المشاهد ويعزز فيه حب الخير للناس وحب الأوطان.
أين نحن من قصصنا العظيمة؟!
من جانبها اشارت الفنانة اليمنية أريج السيد في ردها حول ماذا يريده الجمهور من الأعمال الدرامية، وموسمية الدراما اليمنية، بقولها: "هذا أهم سؤال فعلاً، ولابد من طرقه كثيراً والحديث عنه لأنه يستحق أن نكتشف وننقد ونساهم في معرفة ماذا يريد الجمهور، وقد تكلمت كثيراً في أكثر من منبر بخصوص هذا الموضوع، الحقيقة نحن نملك مواداً خاماً ودسمة في اليمن، والجمهور بحاجة إلى أعمال تشبع شغفه وتنور فكره، وتعبر عنه وعن حضارته وعما يعيشه في الحياة اليومية أيضاً، من مشكلات اجتماعية وتربوية وغيرها لابد أن تطرقها الدراما بشكل ناضج ومعالج أيضاً، ولنا أن نتساءل أين نحن من قصصنا العظيمة مثل الملكة أروى وبلقيس، والكثير من الشخصيات التاريخية اليمنية التي كان لها شأن كبير وأصبحت رمزاً من رموز الحضارة اليمنية، لماذا لا يكون هناك توثيق لكل رواية قديمة وكل شخصية تاريخية سياسية دينية، وكذلك لمراحل التغيير في جميع الحقب التاريخية ومآسي الحروب وتجسيدها في أعمال درامية ومسرحية، علينا أن نتأمل كيف يقوم الإخوة المصريون والعرب في توثيق كل حياتهم اليومية وشخصياتهم التاريخية والسياسية والدينية ويجسدونها في الأفلام والمسلسلات، طبعاً مع الأخذ في الاعتبار الفارق الشاسع بين إمكانات مصر وغيرها من الدول العربية وبين اليمن التي اصبحت فيها الأعمال الدرامية موسمية، وللأسف مازالت ركيكة ، فنحن نفتقد في الحقيقة للنص الخالي من التشويه والعيوب، لذا كم هو واجب الحرص على اكتساب وتجسيد الافكار القيمة المفيدة ، ولعل ما يبشر إننا شاهدنا في الفترة الأخيرة تغيّراً جميلاً رغم الألم ، فاليمن بلد ولاَّدة فيها الكثير من المبدعين الذين خلقوا الأمل رغم كل ألم، كما حدث من تجسيد جميل وعمل مبدع في مسلسل "سد الغريب" في العام السابق والذي كان عملاً رائعاً فعلاً.
السياسة طغت على الدراما!!
الإعلامية اليمنية وفاء واصل - مذيعة في إذاعة صنعاء- تقول إن الدراما مهمة في معالجة الكثير من المشاكل المجتمعية ومهمة أيضاً في البناء الثقافي والفكري في المجتمع وخاصة فيما تشهده اليمن من توترات سياسية تموج به في بحر كالجبال من شد وجذب وجزر ومد، فلنعترف بدايةً أن الأوضاع السياسية غير المستقرة تتحكم بكل تفاصيل المشهد في اليمن، فلا الثقافة ولا الاعلام ولا المسرح ولا حتى التربية والتعليم تستطيع النهوض والمنافسة في بلد متعثر سياسياً وامنياً.
وأضافت: "أننا نعرف الدراما اليمنية منذ نعومة أظفارنا وقد كنا نبتهج كثيراً بالفنانين اليمنيين ونتابع الحلقات بشغف واهتمام كبيرين، وللأمانة لم يكن بإمكاننا استعراض القنوات العربية والأجنبية الأخرى فكانت الدراما اليمنية تحظى بمكانة كبيرة في سمعنا وبصرنا كمسلسل دحباش أنموذجاً، أما اليوم وبعد أن طغى الصراع السياسي على المشهد اليمني فقد بدا ذلك واضحاً لدى المشاهد الكريم ، ولا يفوتنا هنا أن نعرف ان وزارة الثقافة لا تعتمد ميزانيات من الدولة لدعم ورفد الدراما اليمنية وإيصال صورة معاناة المواطن وتحدياته إلى العالم كل العالم ، وإلا فالواقع اليمني هو سلسلة لامتناهية من الصراع بدايةً بصعوبة الحصول على الماء والكهرباء وضعف الإنترنت ونهاية بحقول الألغام المزروعة في السهل والوادي ولا ننسى التاريخ الجغرافيا اليمنية الزاخرة بكل موروث عتيق جميل .
وأشارت المذيعة وفاء واصل الى ضرورة أن تنال الأحداث جديرة حيزاً واسعاً في الدراما اليمنية، فمشهد من مسلسل قد يجذب الملايين لمشاهدته وهو الشيء الذي لا تفعله نشرات الاخبار ولا المواقع الإلكترونية.
ونظراً لأن الدراما اليمنية تخضع بشكل كبير إلى أعمال ونجاحات فردية إلا أنها تفتقر احياناً كثيرة إلى طرح الفكرة التي تؤرق نوم المواطن وتقض مضجعه. ومن المهم ان نزعم او على الاقل أن أزعم انا أن الفكرة النبيلة تجذب الدعم والداعمين والمنح والمانحين فالفكرة العظيمة تمهد الطريق إلى المال بسلاسة.
أما أن نقوم بطرح افكار عشوائية او كوميديا لا تخضع لمعايير مقننة نلقي فيها الضوء على تحديات المواطن فغالباً ما تكون مجرد دراما تنتهي بنهاية عرض حلقاتها وتموت بنهاية شهر رمضان ، تعوَّد المواطن اليمني أن القنوات تعرض الدراما في شهر رمضان أو شهر الخير والجود وهو زمن مقارنات الدراما بين القنوات التلفزيونية.
الدراما اليمنية بين معالجة قضايا المجتمع والأعمال المكررة
يقول الفنان نشوان الحرازي أتذكر في فترة بعيدة بعد انتهاء عرض المسلسل المحلي الدرامي (الحب والثأر) والذي كان يعالج قضايا (الثأر - الميراث - القسوة بين الأهل والأقارب)، وكنت في أحد الأماكن العامة وقابلت امرأة كبيرة في السن مع اولادها تلبس ستارة ويبدو أنها من احد ارياف محافظة صنعاء، اوقفتني واثنت على دوري وأبدت إعجابها بشخصية الدور الذي كان يطبق مبدأ العدالة والتسامح ونشر وحب الخير، وقالت: فديتك يا ولدي والدور الجميل الذي قمت به وما اروع المسلسل الذي كانت تتضمن حلقاته قضايا تلامس الواقع في قريتها.. وغيرها مواقف كثيرة مثل ذاك الموقف عند نهاية اي عمل درامي، وهذا ما يدل على أن الدراما فعلاً تُعبّر عن هموم أفراد المجتمع وملامستها لواقعنا، حتى وإن تكررت تلك القضايا في اعمال درامية لكن بقالب مختلف.
وأضاف: "إن التكرار في الأعمال الدرامية التي تتناول مواقف مباشرة من حياتنا اليومية، فإنّها توسع مفهوم الشخصيات ومدلول المواقف، وتبرز قيم التصرفات والأعمال، وبذلك تحقق القدرة على الفهم، وتزيد من الإحساس، وحب الخير وحب الوطن، فتعاون المشاهد على الاتزان عاطفياً، وعلى التعلّم بسهولة، وعلى التعامل مع بقية أفراد مجتمعه بنجاح".
وكان عميد الفنانين اليمنيين الأستاذ علي مقبل الكوكباني قد تحدث لصحيفة »الميثاق« في وقت سابق، حول حالة تذمر المجتمع من الأعمال الدرامية اليمنية وقال: " من حق شعبنا أن يتذمر لما أصاب أعمالنا الدرامية والفنية بمختلف انواعها من الاحباط، فهو يريد ان يشاهد أعمالاً جادة تعالج مشاكلها الاجتماعية من كل الجوانب وتتناول تاريخه المشرق في الماضي والحاضر والمستقبل بشفافية وبدون تزييف، فالتاريخ امانة واذا اردنا دراما صادقة وواعية، فعلينا ان نفتح الابواب للكتاب المستنيرين والمعتدلين ذوي الفكر والأمانة الأدبية والاقتدار الفني، ونحتضن انتاجهم الأدبي والدرامي الذي يقومون بتأليفه بأمانة وصدق وإنصاف، وروح يمنية ثورية سبتمبرية وحدوية، ونقوم بإنتاج الاعمال الجادة وتحويلها إلى دراما حقيقية تواكب الدراما العربية، فلدينا تاريخ غني وخصب اذا صلحت النوايا، ولابد أن ندرك أنه من جد وجد ومن زرع حصد، ومن سار على الدرب وصل ، وحتماً إذا ما توافرت المقومات من قصة وسيناريو ودعم وتشجيع سوف تصل الدراما اليمنية إلى المستوى المطلوب والمنافس بلا شك".
إن استمرار تكوين شخصية البطل الكوميدية بهذه الركاكة يؤثر سلباً على ذائقة المشاهد المحلي خصوصاً ذاك الذي لا يتعامل مع المنتجات العالمية والذي يتأثر بشكل ملحوظ، فنراه يردد تفاهات الشخصيات بدون وعي وقد يقوم بتقليد الحركات غير اللائقة اعتقاداً منه أن هذا هو جوهر الكوميديا. بينما تتمثل الكوميديا الراقية في ذكاء الكلمة وقوة المعنى. كما أن لها هدفاً محدداً، وهو تحسين الذائقة العامة ورفع مستوى المتابع فنياً وثقافياً.
في الأخير، يُجمع النقاد والمهتمون بالدراما اليمنية على حاجة الدراما اليمنية لبنية تحتية يتوافر لها إمكانات تقنية ومادية تُمكّن من استمرار وتواصل الإنتاج في أجواء من الحرية تُتيح لها الاقتراب من قضايا المجتمع وفق رؤية إنتاجية وإخراجية منافسة… انطلاقاً من وعي مؤسسي يولي الفنون أولوية؛ باعتبارها أبرز عوامل صناعة وعي المجتمع وثقافته… حينها ستتجاوز الدراما اليمنية أزمتها.
|
|
|
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
معجب بهذا الخبر |
انشر في فيسبوك |
انشر في تويتر |
|
|
|
|