د.عبدالمجيد سعيد الخليدي - الحملة الانتخابية التنافسية التي تشهدها اليمن هذه الايام ، يعتبرها الكثير من رجال السياسية والاعلام، وبشهادة المنظمات الاقليمية والدولية ومراكز الدراسات والبحوث المختصة، المعنية بحقوق الانسان والمجتمع المدني والممارسة للديمقراطية في العالم والبلدان النامية، بأنها من ابرز واهم الاحداث السياسية الديمقراطية في المنطقة خلال العقود الثلاثة المنصرمة، وتجسد في الوقت ذاته السمات النوعية المتميزة للتجربة الديمقراطية في بلادنا، والتي تجلت في مستوى تطور الوعي والممارسة الشعبية الديمقراطية، وعبرت بجلاء عن الحيوية السياسية للمواطن اليمني وقوة ارادته واصراره على التغيير والتحديث، واستيعابه للمتغيرات الكونية من حوله وقدرته على التعاطي الايجابي والمثمر معها وبما يتلاءم وامكانات وظروف وسمات الواقع اليمني وضمن السياق الذي يخدم هذا الواقع ويساعد على تطوره ويعزز من حصانته وامنه واستقراره.
تعيش اليمن هذه الايام عرسها الديمقراطي المهيب الذي يتجلى في اسطع صوره امام الرأي العام المحلي والخارجي بما تشهده الساحة الوطنية من تفاعل وحراك سياسي جماهيري غير مسبوق حيث تزدان الساحات العامة بصور المتنافسين الخمسة على كرسي الرئاسة، الذين يواصلون حملاتهم الانتخابية عبر وسائل الاعلام والمهرجانات الخطابية التي تنظم في عواصم المحافظات في ظل تغطية إعلامية رسمية مفتوحة ومتكافئة، وفي حملات اعلامية سياسية دعائية شرسة ومفتوحة ما فتئ لهيبها يتصاعد يوماً عن يوم بين مختلف الاحزاب والقوى السياسية الاجتماعية، التي سخرت كل امكاناتها وطاقاتها المادية والذاتية، وخبراتها العملية والسياسية والدعائية لدعم مرشحيها الى الانتخابات الرئاسية والمحلية، مستخدمة مختلف الوسائل والمنابر السياسية الاعلامية المتاحة، ومبتدعة الكثير من الاساليب الفاعلة المرئية وغير المرئية للوصول الى عقل الناخب من مختلف الشرائح الاجتماعية والعمرية في كل مكان وزمان للتأثير على مواقفه وخياراته الانتخابية، من خلال خطاب اعلامي سياسي حر، متجاوزاً في مضامينه، ومفرداته اللغوية، واستهدافاته وملفاته الدعائية بشقيها الايجابي والسلبي جميع حدود الحريات الديمقراطية، والمعايير الاخلاقية المسموح بها في المجتمعات الديمقراطية المتقدمة في مثل هكذا ظروف ومراحل استثنائية.
الحقيقة التي تحاول احزاب المشترك تغييبها
هذا العرس الوطني السياسي الجماهيري انما يعبر في مضامينه واشكاله ووسائله وقواه المحركة عن حقيقة انتصار الديمقراطية في اليمن وبلوغها مستوىً رفيعاً من التطور النوعي الشامل على المحورين الرأسي والافقي وعلى صعيد البناء المؤسسي والتشريعي والوعي والممارسة الشعبية، الامر الذي أهلها تجاوز مرحلة الطفولية السياسية، وتجاوز واقع التراجع او الانتكاسة، لتصبح وباعتراف العدو قبل الصديق احد اعظم الوسائل الوطنية الشعبية للتغيير والتحديث والبناء.. وهنا بالذات تتحد احد اعظم الانتصارات والانجازات الوطنية المضافة الى الرصيد الشخصي للاخ الرئيس علي عبدالله صالح.
الانتصار والانجاز الديمقراطي للاخ الرئيس يتجلى اليوم وفي لحظات العنفوان والزخم الانتخابي، في حقيقتين تربطهما علاقات جدلية تبادلية تكاملية.
الحقيقة الأولى
تتجسد في الديمقراطية اليمنية ذاتها وهي ساطعة كالشمس امام العالم والشعب اليمني كانجاز تاريخي تفرد الرئيس علي عبدالله صالح بدورها بزراعة في الواقع اليمني البكر وعني دون غيره برعايتها وتنميتها وحمايتها، وخلق كافة الشروط والضمانات اللازمة لاستمراريتها ونجاحها، مدارياً عنها كل امراضها ومخاطرها الداخلية، وكافة تآمرات القوى الداخلية والخارجية التي حاولت مراراً وءدها، او تشويه مضامينها ومبادئها ووسائلها، او حرف مسارها وافراغها من اهدافها الوطنية.
وهذه الحقيقة يستحيل بمكان على اي جاحد التنكر لها، او تزييفها بعد ان ترسخت في الوعي والقناعات الشعبية.
الحقيقة الثانية:
تتجسد فيما يعتمل اليوم على الساحة الوطنية من حراك ديمقراطي ومنافسة انتخابية شديدة هي الأولى من نوعها على الساحة الوطنية والعربية من حيث اهميتها، وقوة فعلها وتفاعل الشعب معها، ومن حيث وسائلها وادواتها السياسية هذه الحقيقة تمثل ايضاً احد انجازات الرئيس الديمقراطية، ومثلت نتاجاً حتمياً لثمرة جهوده وعطائه القيادي المتواصل على اثراء وتطوير المكونات والبنى الاساسية للتجربة الديمقراطية وحرصه على استكمال عناصر بنيانها ومكونات فعلها وتطويره ليس فقط على الصعيد النظري التشريعي المؤسسي، ولكن ايضاً وهذا هو الاهم على صعيد مكونها الاجتماعي والسياسي، باعتبار الديمقراطية عملية سياسية ذات شقين تكامليين وتبادليين في مكونهما وفعلهما، يشترط وجود احدهما بالآخر، وهما السلطة المنتخبة ديمقراطياً والمعارضة العلنية.
فمنذ الارهاصات الاولى للعملية الديمقراطية كان الرئيس على يقين مطلق ان لا حرية ولا ديمقراطية حقيقية دون معارضة قوية وفاعلة، ومن هذا المنطلق عمل على تهيئة العوامل والشروط المواتية لظهور معارضة وطنية سياسية قوية وجادة بدأها بتفكيك رواسب السلوك والثقافة السياسية المبنية على ارهاب الدولة وتخويف المواطن واستئصال جذورها المترسخة في الوعي والوجدان الشعبي وحكمت وتحكمت في سلوك الشعب خلال عقود طويلة من سيطرة وحكم الانظمة الشمولية الديكتاتورية، وتحرير الشعب من عقد الخوف التي كبلت حريته وشلت من فاعليته وقدرته على المعارضة، والعمل في الوقت ذاته على تفكيك اجهزة الامن والقمع الرسمية الموروثة ورفع يدها عن الشعب، فالتشريعات الدستورية والقانونية حول الحقوق والحريات وحدها لا تكفي ان لم يتم خلق الوعي بها وتوفير آليات ووسائل ممارستها وضمانات حمايتها.
المعارضة مثل الديمقراطية، كانت هي الاخرى بحاجة الى من يساعدها على الخروج من اقبيتها السرية تحت الارض، ويحررها من جمهودها الفكري والعقائدي ووسائلها العملية الرتيبة وبنائها التنظيمي المبني على السرية.
وحده الرئيس استطاع ان يمد يد العون الى المعارضة وينتشلها من جمودها وسلبيتها ويوفر لها شروط الفعل الوطني الايجابي ويحررها من تبعيتها وولائها المشبوه لقوى خارج الحدود، ويجمع شتات جزرها المتنافرة والمتناقضة عقائدياً وفكرياً وسياسياً وتنظيمياً وولاء، ويضعها على طاولة الحوار الوطني طالباً منها العمل على صياغة برنامج وطني مشترك لبناء وتنمية اليمن، وفي ضوء هذا البرنامج »الميثاق الوطني« عمل على خلق الآلية الوطنية الشعبية التي تضطلع بمهمة انجاز هذا المشروع الوطني التنموي الذي جسده الميثاق الوطني، وكان ان تمخض هذا الجهد بتأسيس المؤتمر الشعبي العام الذي ضم كل التيارات والتنظيمات السياسية والحزبية على الساحة وصهر تناقضاتها الفكرية والسياسية وولاءاتها الحزبية الضيقة في بوتقة وطنية واحدة.. قبل ان ينتقل الى الخطوة الديمقراطية الاكثر اهمية والمتمثلة في الانتخابات الشعبية الحرة والمباشرة للسلطة التشريعية »مجلس الشورى« وانتخابات قيادة المؤتمر الشعبي العام كسلطة تنفيذية سياسية.
هذه التجربة التي استمر تفاعلها وتطورها لمدة ٢١ عاماً شكلت القاعدة الاساسية المثلى التي قامت عليها التجربة الديمقراطية لدولة الوحدة في العام ٠٩م.. وان كان الواجب يحتم علينا مواصلة اعادة سرد الحقائق في سياق ردنا على الخطاب الاعلامي لاحزاب اللقاء المشترك المبني على نهج تدميري، يستهدف طمس الحقائق او تشويهها، وبالتالي تزييف الوعي الشعبي، الاّ اني اتوقف ليقيني ان حقائق الانجازات الديمقراطية للاخ الرئيس بعد الوحدة حتى اليوم ما زالت راسخة في الوعي الشعبي ويستحيل النيل منها، ولكي اتمكن من العودة للحديث عن الحقيقة الثانية التي ذكرتها آنفاً.
صانع العرس الانتخابي
لولا الرئيس ما كان لهذا العرس الوطني الانتخابي ان يتم بهذه الحلة القشيبة، وبهذا العنفوان الوطني والزخم الجماهيري والتنافس الشديد، هذه الحقيقة التي تحاول احزاب اللقاء المشترك تجاوزها او تغييبها عن الوعي الشعبي، بفعل ما تعانيه في تكوينها الداخلي من عقد نقص وشعور بالعجز تحاول تعويضه بممارسات ميئوسة للتقليل من اهمية ودور ومكانة الاخ الرئيس وانجازاته العظيمة.
منذ وقت مبكر شرع الاخ الرئيس للاعداد لهذا الحدث العظيم »انتخابات العام ٦٠٠٢م، المحلية والرئاسية« ليس فقط من اجل تقديمه بهذا الشكل الجميل الذي يظهر به اليوم، ولكن ايضاً من اجل خلق منافسة حقيقية على السلطة بين الحزب الحاكم واحزاب المعارضة، وتوفير كل الضمانات والشروط والمعايير المحلية والدولية لانتخابات حرة ونزيهة ومتكافئة.
جهود الرئيس
وما يعتمل اليوم على الساحة لت يتأتى من خلال الامنيات او بعصا سحرية، او بفعل نشاط المعارضة وقوة فعلها وثقلها على الساحة، كما يحاول البعض تصويره، وانما تحقق بفعل جهود الرئيس الذي حرص منذ البداية على الاخذ بيد المعارضة ووفر لها كل سبل وسائل الدعم السياسي والمعنوي والمادي التي لن تحظى بمثلها معارضة في اي بلد نامي، وفتح امامها فضاءات غير محدودة من الحريات والحقوق الدستورية لتمارس نشاطها السياسي على الساحة دون ان يسمح لأي من اجهزة الدولة الشرعية والقانونية لممارسة حقها في ضبط المخالفات المرتكبة التي غالباً ما ميزت نشاط هذه المعارضة وخطابها السياسي الاعلامي، قاطعاً امامها كل محاولات الانكفاء ومغادرة الساحة السياسية والجماهيرية تحت مبررات وشعارات زائفة وواهية، وحدها الثوابت الوطنية المتمثلة بالديمقراطية والوحدة والسيادة الوطنية بقيت دون غيرها عند الرئيس خطوطاً حمراء لا يسمح تجاوزها من قبل اي طرف سياسي وطني.
شجع هذه الاحزاب على الحوار الديمقراطي الداخلي والحوار الثنائي فيما بينها، حريصاً في الوقت ذاته على الوصول بهذا الحوار الى ابعد مدى ممكن له، من خلال اسهامه العملي المتواصل في تقريب وجهات النظر وتحطيم الحواجز والفواصل التاريخية والفكرية والعقائدية التي كانت تحول دون تقاربها، ومهد امامها كل السبل للتقارب والعمل المشترك وصولاً الى تأسيس ما يسمى باحزاب اللقاء المشترك، الذي كان الرئيس حريصاً على بقائه واستمراره بين اقطاب متنافرة، تحمل في تكويناتها الفكرية والتنظيمية وتاريخها السياسي من عوامل الصدام والاختلاف اكثر مما تحمله من عوامل الشراكة والتوحد، وكان الرئيس حريصاً في مساعدتهم على تجاوز هذه الخلافات بهدف خلق معارضة قوية، واكساب الشارع السياسي اليمني المزيد من القوة وعوامل الحراك والتطور الديمقراطي.
انقلاب
قبل الحديث عن الانتخابات الرئاسية القادمة عمل الرئيس على الدفع بالمعارضة بتقديم برنامجها ومشروعها السياسي، واثمر هذا التحريض السياسي عن مشروع اللقاء المشترك للاصلاح السياسي الذي مثل بالنسبة للرئيس خطوة ايجابية جادة نحو الامام، تكمن اهميتها في انها مثلت خطوة منظمة في طريق الشراكة الجادة بين هذه الاحزاب، بغض النظر عن مضمون هذا البرنامج الذي استهدف من خلال المزايدة السياسية بأساليب انتهازية عفنة، ليس فقط في طبيعة الاطروحات غير الواقعية، والتي تستهدف في مضمونها احداث انقلاب سياسي على الدستور والرئيس وحزبه، اكثر مما تستهدف الاصلاح، ولكن ايضاً حين طالب اصحاب هذا المشروع الاخ الرئيس بتبنيها وتحقيقها نيابة عنهم، وكان موقف ونهج الرئيس ازاء هذه الاساليب الاستفزازية متسماً بالحلم والحكمة والحرص على استمرار وتطور تجربة اللقاء المشترك والتعاطي مع اطروحاتها بالمرونة والدفع بهذه الاحزاب الى النضال المشترك وسط الجماهير لتحقيق هذه البرنامج الذي لا يعبر بالضرورة عن قناعات الحزب الحاكم.
تداول السلطة
في ٧١ يوليو ٥٠٠٢م، اعلن الرئيس عدم نيته في ترشيح نفسه للانتخابات، وكان هذا الاعلان بمثابة محاولة لاحداث الحركة والتفاعل السياسي المطلوب وطنياً من قبل هذه الاحزاب، وطالبها في نفس اليوم بإعداد نفسها لتسلم قيادة البلد سلمياً عبر صناديق الاقتراع وترشيح من تجد فيه الكفاءة والاقتدار لتولي قيادة البلد، لقد اتسم رد هذه الاحزاب بالسلبية على مبادرة الرئيس، واتخذت منها مادة اعلامية سياسية للاساءة الى الرئيس، تداري بها حالات عدم الثبات التي اصيبت بها من هول الصدمة لانها لم تكن مؤهلة او مهيأة او قادرة على النهوض بمثل هذه المهمة الوطنية الجسيمة التي أوكلها الرئيس اليهم، وهذا ما صرحت به حينها ولو باستحياء.
وبغض النظر عن ردود الفعل الآنية والمستعجلة من قبل احزاب المعارضة على تصريحات الرئيس، لكن هذا الاعلان وردود فعل قيادات احزاب المشترك عليه كشف عورتها امام الجماهير والرأي العام العالمي، ووضعها امام تحدٍ تاريخي وشعبي عليها ان تهيئ نفسها له، وحتى تتمكن من ان تبرر وجودها واستمرارها على الساحة السياسية وفي اوساط الجماهير، الامر الذي قادها الى تفعيل جهودها واعداد نفسها لمواجهة امتحان عسير وضعها الرئيس فيها، ونتائجه من الخطورة بحيث يقرر مصير ومستقبل عمل هذه الاحزاب ومبررات استمرارها ووجودها.
حاولت هذه الاحزاب ومنذ وقت مبكر ان تهيئ لنفسها سبل الخروج من براثين الازمة التي وجدت نفسها غارقة فيها، وبدأت توجه هجومها الرئيسي صوب الانتخابات القادمة، عمل بالمبدأ القائل: »خير وسيلة للدفاع هي الهجوم« وبدأت تقدم مطالبها واشتراطاتها الكبيرة والكثيرة لضمان مشاركتها في هذه الانتخابات، ملوحة بالمقاطعة التي كانت تمثل اسهل وسائلها المتاحة للهروب نحو الامام ومهددة بنسف التجربة الديمقراطية واغراق البلد في مستنقع الازمات والصراعات الداخلية الخطيرة والمدمرة، وفي الوقت ذاته تحميل المؤتمر الشعبي العام المسئولية عن ذلك، المؤتمر الشعبي العام الذي طالب احزاب اللقاء المشترك بالحوار للوصول الى قواسم عمل وطنية تمهد للانتخابات في ضوء التشريعات الدستورية، رفض من جانبه كل اشكال الابتزاز ومحاولة لي ذراعه.
طريق الحوار
ومرة اخرى وحين دخل الحوار بين المؤتمر واحزاب اللقاء المشترك الى طريق مسدود ووصل نقطة اللاعودة، تتجلى عظمة وحكمة الاخ الرئيس وقدرته على التعاطي مع مثل هذه الازمات، التي ادرك من خلالها خطورة المرامي والاهداف البعيدة لاحزاب اللقاء المشترك، التي حاولت الهروب من عجزها ووضعها المأزوم، بتبني مطالب تعجيزية غير مشروعة وغير دستورية، ولكي يقطع الطريق امام محاولات هذه الاحزاب تفجير الوضع الداخلي والاجهاز على التجربة الديمقراطية، بادر الاخ الرئيس على القبول بهذه الشروط وهو على يقين بطبيعة وحجم المخاطر الكبيرة المترتبة اولاً عن حالات القبول وكذلك المخاطر المترتبة عن حالات الرفض ثانياً، حتى وان كانت هذه المخاطر متوازنة في كلا الحالتين، لكن القبول بهذه المطالب والاشتراطات المستحيلة من شأنه ان يضع المسئولية المستقبلية على هذه الاحزاب في حالة الفشل لا سمح الله، وفي الوقت ذاته اوضح للشعب حقيقة مخاطر هذه النوايا والممارسات، لتحمل واجبه الوطني في حماية مكاسبه وحقوقه وأمنه، والوقوف الثابت الى جانب الرئيس للحيلولة دون نجاح هذه القوى في تحقيق اهدافها غير المشروعة.
قبل الرئيس بمطالب احزاب اللقاء المشترك واشرف على توقيع ما يسمى باتفاق المبادئ بين المؤتمر الشعبي العام واحزاب اللقاء المشترك مقدماً تنازلات كبيرة على حساب الشعب وعلى حساب المؤتمر الشعبي العام وعلى حساب الدستور، وهو على يقين ان مثل هذه التنازلات ستتحول في المستقبل الى مكاسب سوف تصب في سجله التاريخي وفي رصيد الوطن وصالح التجربة الديمقراطية.
احزاب اللقاء المشترك التي لم تجد بداً من السير في طريق الانتخابات بعد ان تم قبول كل مطالبها وشروطها للمشاركة، ولكنها في الوقت ذاته تهيئ نفسها لجولة ما بعد الاستحقاق الانتخابي وهذا ما يكشفه بجلا خطابها الاعلامي.. ولكن ما طبيعة هذه الجولة؟ ما وسائلها وادواتها ومطالبها واشتراطاتها؟.. لا احد يعلم ذلك على وجه الدقة ولكنها بالطبع ستكون امتداداً لماضي واساليب هذا التكوين الحزبي وتطلعاته ووسائله غير المشروعة في بلوغ اهدافه الخاصة على حساب مصالح الوطن.. وفي مقابل ذلك كانت الجماهير قد تعلمت وعرفت عنه الكثير وهي اكثر وعياً ويقضة مما كانت عليه في الماضي ويستحيل معها تمرير اي مغالطات جديدة.
حلم.. وكفاءة
هذه هي الحقيقة، وهذه هي انجازات واعمال الرئيس المتواصلة والمضنية في الاعداد لهذا العرس الديمقراطي البهيج، الذي يمثل بكل المقاييس والمظاهر التي يتجلى من خلالها هذا الحراك والتفاعل الشعبي، لبنة نوعية جديدة وقوية تضاف الى مداميك التجربة الديمقراطية الراسخة في اعماق اليمن ارضاً وتاريخاً وانساناً.. وها هي العبقرية القيادية الفذة، وقوة الحكمة، وسعة الحلم، وكفاءة القيادة، ومهارات الربان في قيادة سفينة الوطن نحو الغد الجميل متجازواً حقول الالغام السياسية، ومصائد الازمات، المفتعلة، تتجلى في هذه الفضاءات غير المتناهية للحرية والسلام التي تعمل في رحابها الاحزاب والقوى السياسية والاجتماعية المتنافسة، وساعدت الكثير من هذه الاحزاب الخروج من حالة التقزم السياسية والجماهيرية ومن توابيتها الفكرية الماضوية المحنطة التي تعيش داخلها بعيداً عن الجماهير ومتغيرات واحداث التاريخ والعالم، لتجد في هذه الانتخابات وحملاتها الدعائية الاعلامية فرصتها المواتية للخروج الى دائرة الضوء من خلال الدفع بمرشح مغمور لمنافسة شخصية ذات مكانة عالمية وهامة وطنية وتاريخية مثل الرئيس او من خلا وسائل اعلامها المسخرة للبحث عن دور سياسي مرجو او مقعد صغير على رصيف الشارع السياسي، عبر محاولات ميئوسة للنيل من تاريخ ودور ومكانة حزب جماهير عظيم وعريق مثل المؤتمر الشعبي العام، او من الوطنية التاريخية.. ولا ريب من ان هذه هي الفرصة التاريخية الوحيدة والمناسبة لظهور الاقزام والاعلان عن وجودهم من خلال الوقوف ولو للحظات الى جانب العمالقة والعظماء امام الرأي العام، قبل ان يتواروا في جحورهم بعيداً عن الانظار.
* وكيل وزارة الصحة العامة والسكان لقطاع التخطيط والتنمية..
|