د. علي عبدالله أبو حليقة - إعادة الوحدة اليمنية وهي وحدة الأرض والإنسان، تعتبر حدثاً تاريخياً مهماً ليس في تاريخ اليمنيين فحسب بل في تاريخ الأمة العربية جمعاء، وهي لم تأت عبثاً، بل جاءت بعد نضال دؤوب من جميع اليمنيين في شمال اليمن وجنوبه ومن شرقه إلى غربه.
وكل اليمنيين كانوا تواقين لإعادة شمل الأمة اليمنية وتوحيد الأسرة اليمنية في قالب واحد وتحت مسمى واحد، حيث قامت الوحدة اليمنية في وقت تتفرق فيه الشعوب وتتشرذم فيها الدول باستثناء واحد, توحيد الألمانيتين بصورة كانت استثنائية كما كان في اليمن، حيث توافرت عدد من العوامل الدافعة إلى ذلك، وتحققت الوحدة اليمنية رغم التآمر عليها من قبل المستعمر البريطاني وغزو العثمانيين وتدخل الاتحاد السوفييتي في شؤون اليمن بنظريته الهدامة وكذا المؤامرة الأمريكية والبريطانية وقبل ذلك الرومان, و.. و... و.. وهلم جر.. الخ.
مما دفع اليمنيين كل اليمنيين إلى اليقظة الكاملة لتوحيد اليمن أرضا وإنساناً، والمتتابع لنضال اليمنيين سياسيا وعسكريا، بهدف إعادة تحقيق الوحدة اليمنية أرضاً وإنساناً ولم شملهم باعتبارهم ينتمون إلى وطن واحد ودين واحد وهدف واحد.
لكن لم ينج هذا الهدف الأسمى من التآمر عليه بغية تمزيق وتقسيم اليمن إلى عدة دويلات ولا سمح الله الأمر الذي يدفع اليمنيين إلى التنبه واليقظة لتلك المؤامرات من قبل الغزاة والمستعمرين الجدد.
وهذا ما يذكره كل اليمنيين أن هذا الاستعمار الجديد هو نفس الاستعمار القديم الذي جزَّأ اليمن سابقا حتى وان جاء بثوب قشيب وأساليب جديدة مستخدما وللأسف بعضاً من اليمنيين انفسهم وتحت إغراءات جديدة.
هذه الأدوات اليمنية وللأسف والتي مدت يدها إلى أولئك الغزاة تحاول بيع اليمن بهويتها وطمس تاريخها القديم والحديث، لعمل مشين يستنكره كل اليمنيين الشرفاء الغيورين على وطنهم وشعبهم الذي ناضل كل اليمنيين لطرد الغزاة والمستعمرين طول التاريخ القديم والحديث حتى سمي اليمن مقبرة الغزاة أو مقبرة الأناضول.
الجدير بذكر أن إعادة تحقيق الوحدة اليمنية ولم شمل اليمنيين على هدف واحد وعلم واحد وارض واحدة لم يأت بعشية وضحاها أو بفترة زمنية قصيرة بل جاء ذلك عبر نضال طويل ومحطات كثيرة.
منها ثورة 26 من سبتمبر عام 1962م بأهدافها الستة والتي قادها نخبة من الثوار اليمنيين من مختلف نسيجه الاجتماعي في شمال الوطن وجنوبه.
وثورة 14 من أكتوبر عام 1963 م التي انطلقت أولى شراراتها من على جبال ردفان التي أطلقها الثائر بن لبوزة وذلك على المستعمر البريطاني المحتل لجزء من يمننا الحبيب.. ولا ننسى ثورة الـ21 من سبتمبر عام 2021 م بأهدافها الوطنية.
ومن المحطات والمواقف التاريخية والسياسية هناك جهود وحركات مضنية قام بها اليمنيون وذلك من خلال العمل على عقد اللقاءات لأكثر من قمة يمنية في فترات زمنيه متقاربة، توزعت تلك القمم بين تعز وعدن وصنعاء وما تمخض عنها من اتفاقيات حددت الأسس والخطوات الوحدوية.
ولم يقتصر ذلك النشاط عند لقاءات القمة فحسب بل عن طريق لجان وحدوية مختصة ومشَّكلة من كلا شطري اليمن وقد نتج عن ذلك تحديد خطوات محدودة على طريق إعادة الوحدة اليمنية، واذا ما ألقينا نظرة خاطفة إلى حجم اللقاءات وما أسهمت به من تعميق أواصر الثقة والمصداقية بين الشطرين ببعضهما وذلك من عام 1980م إلى 1990م وهو موعد إعلان قيام الوحدة فإننا نجد من خلالها تعميق الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب اليمني الواحد.
واذا نظرنا إلى حجم اللقاءات بين قيادتي شطري الوطن نجد :
أنه تم عقد 17 لقاء قمة على مستوى رئيسي الشطرين.
علاوةً على اللقاءات التي تمت أثناء القمة العربية والتناوب بين صنعاء، وعدن وتعز.
بالإضافة إلى اكثر من 7 لقاءات للجنة الوزارية المشتركة بكامل هيئتها إضافة إلى 3 لقاءات بين القيادتين في عدن سبتمبر 1982م والثاني في عدن أغسطس 1984م وصنعاء وقبل إعلان الوحدة 3 لقاءات في صنعاء وعدن خلال العام 1990م وعدد من اللقاءات الدورية لإقرار الدستور والوثائق الأخرى تمهيداً لاعلان الوحدة ناهيكم عن اللقاءات الخارجية بين قيادة الشطرين في الكويت وفي القاهرة وليبيا.
وقد أشرنا إلى كل تلك اللقاءات التي تمت من بداية الثمانينيات وحتى إعلان قيام الوحدة اليمنية المباركة في عام 1990م كل ذلك مثَّل جهوداً وطنية كبيرة لليمنيين كل اليمنيين بمختلف توجهاتهم السياسية والفكرية والتي مثلت نقطة تحول مهمة على الصعيد الوطني والسياسي والاجتماعي.. والوحدة في الواقع منجز عربي وقومي على طريق تحقيق وحدة عربية شاملة، وهو في الواقع منجز أشاد به العالم كله عربياً وقومياً ودولياً.
لكن من المؤسف حقا أن تلك الجهود الوطنية الكبيرة والمنجز التاريخي المهم في حياة اليمنيين كل اليمنيين في شمال اليمن وجنوبه وشرقه وغربه بات معرضاً لأخطار ومؤامرات دولية وإقليمية على أيدٍ يمنية ضاربين بهويتهم الوطنية والعربية بل والإسلامية عرض الحائط دون اكتراث، وغير حاسبين ماذا ستتحدث عنهم الأجيال اليمنية القادمة عن هدم هذا المنجز اليمني الكبير وتشطير أرضهم وتشتيت اليمنيين دون أي رادع وطني أو ديني.
والواقع الذي لا يجب تجاهله أن الوحدة اليمنية قدر ومصير كل اليمنيين على طول وعرض اليمن الكبير (الجمهورية اليمنية) ولأيمكن بأي حال من الأحوال وفي أي ظرف من الظروف السماح بتشطير اليمن أو التنازل عن جزء منه تحت أي مسمى وذلك حق تاريخي مكتسب لكل اليمنيين والذين سيدافعون عنه بكل ما آتاهم الله من قوة بإذنه تعالى.
بسم الله الرحمن الرحيم
»ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب« آل عمران
صدق الله العظيم
* وزير الدولة لشؤون مجلسي النواب والشورى
عضو اللجنة العامة |