محمد اللوزي - 22 مايو يوم يوم ليس كسائر الأيام، إنه انتماء الى هذه الأرض، وافتتاح حياة طالما تاق وناضل من أجلها الإنسان اليمني.. إنه الوعد الذي تجلى والزمن الذي توقف برهة ليصنع نشيد (وحدتي أنت عهد عالق في كل ذمة)، بهذا المعنى الرائع تنادت الجموع، وخفقت الرايات، وصنع الإنسان اليمني ملحمة نضالية متوجة بالنصر.. صحيح أن ثمة اخفاقات واكبت هذا النصر، وأن تداعيات هرمة قد خلقت تناقضات تدخل فيها الخارج عبر قوى داخلية لينال من حلم كل اليمانيين، ولكن المكسب النضالي اكبر من أن ينال منه الطامعون.. لذلك يحتشد اليوم كوعد حق الملايين في نبض واحد وتحت راية واحدة ليقولوا كلمة الفصل الوحدة الوطنية انتصار ابدي لاينبغي أن تنال منه قوى البغي والارتهان.. وإذا كان ثمة تعرجات واخفاقات، فإن ذلك ليس قدراً حتمياً وأن تجاوزه منوط بخلق مناخات ديمقراطية واسعة الارجاء تحقق القدر الذي يجب في الحرية والعدالة، وتجاوز احباطات الماضي وسلبياته، وليس ذلك عصياً أو مستحيلاً، ثمة حلول قابلة لأن تكون وعبر حوار معمق ينبغي ان يشترك فيه الجميع للوصول الى مرتكزات قوية لمواصلة الدرب الوحدوي العظيم، الذي لاينبغي التفريط به بأي شكل من الاشكال بقدر ما هو مواصلة لخوض غمار التحديات لتحقيق أقصى مايصل اليه الحوار من توافقات في مجال الإدارة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ووفق خصوصية وحاجة كل منطقة وبما لايخدش من المعنى العظيم لجوهر الوحدة الوطنية.. وفي هذا المنحى يمكن الاسترشاد بالكثير من التجارب في بلدان اخرى حققت التميز في بقاء الوطن الواحد، ووفق فيدرالية في التشريعات القانونية المناسبة، ومن منظور وطني يرى في الوحدة قوة وانتماء تحقق الامن والاستقرار والسلم الاجتماعي، فاليمن عبر التاريخ لم يشهد نهوضاً حقيقياً إلا عبر وحدة التراب اليمني والرؤية الوطنية الجامعة واحترام التعايش المجتمعي والرأي الآخر، ولم تكن اليمن في سياق تاريخي موغل في القدم إلا ناهضة بالقدر الذي تتسع دائرة المواطنة وترامي الارض اليمنية، ولم تشهد اخفاقات ونزاعات ودماء تسيل وتكتلات ضيقة إلا حينما تتجزأ وتتحول الى سلطنات ومشيخات وادعاءات جوفاء بالتفوق وبرؤية ضيقة تجر الى الدم وإلى احتقانات لا يخرج منها الوطن إلا حينما يتجاوز المعبأ بالأحقاد والكراهية، المنفذ السيئ الذي تدخل منه القوى الخارجية وتتسلل الى مفاصل الدولة لافقاد وافقار الوطن سيادته واستقلاله والسطو على أراضيه.. ما نشاهده اليوم إنموذج قاتم لتدخلات خارجية تستهدف الوطن وتريد انتقاص سيادته وتطمع في اراضيه، وتنال من تميزه كموقع جغرافي فريد في العالم.. اليوم نحن في امس الحاجة الى تجاوز المحبط والمعرقل والانفلات من حبال العمالة والارتهان والخيانة ومراجعة الاخفاقات ومكامن السلبي وتجاوزه، والبناء بروح وطنية صادقة لدولة تعبر عن التنوع في إطار الوحدة، والوحدة في إطار التنوع لتحقيق غايات مُثلى ورسم اتجاهات مستقبلية تكفل للجميع مواطنة متساوية، وتخلق مناخات وئام مبنية على التعددية السياسية والحزبية والانتخابات الديمقراطية والشراكة المجتمعية، واتاحة الفرص وإطلاق الطاقات وتجاوز رهانات الأعداء الخاسرة حتماً والانتصار للوطن بوحدة يرسمها الشعب كما يريد، وفيها يعبر عن هويته وجغرافيته وتنوعه وتشاركه الحياة في ارض واحدة ومصير واحد..
|