د. محمد علي بركات - لقد شكلت الوحدة اليمنية قيماً جديدة في المجتمع اليمني بداية بالنهج الديمقراطي والحراك الاجتماعي ، وتفعيل الحكم الرشيد ، واحترام حقوق الإنسان ، وإنشاء منظمات المجتمع المدني المنتشرة في ربوع السعيدة ..تلك القيم التي كانت نتاجاً طبيعياً للوحدة المباركة مثلت رقماً مهماً وأهمية بالغة على الساحة الدولية لما تمتلكه يمن الوحدة من ثقل اجتماعي وبشري وسياسي ، وموقع استراتيجي ، وعلاقات طيبة مع الدول الشقيقة والصديقة المجاورة والبعيدة ..
ولذلك سيظل الوطن الغالي شامخاً بوحدته ، رغم حقد ثلة الحاقدين ولؤم المرتزقة المشككين الفسدة .. وسيبقى مدى الدهر قوياً بكافة أبناء الشعب حماة منجزاته التنموية ومكتسباته الديمقراطية المتجددة .. ومهما حاول أولئك الخارجون على الدستور والقانون وعلى الإجماع الوطني إثارة القلاقل والفتن هنا وهناك على أرضنا الطيبة الزاخرة بالخيرات الواعدة .. فإن الشعب بكافة فئاته وبمختلف أحزابه وتنظيماته السياسية والجماهيرية واقف بالمرصاد ضد كافة مؤامرات أعداء الوطن ووحدته المباركة ، ولن يمكنهم من تحقيق أغراضهم الدنيئة التي تخالف ما أمر به الله سبحانه وتعالى عباده ..حيث قال في كتابه الكريم (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) ، وذلك أمر محتوم ودعوة واضحة وصريحة إلى الوحدة .. القيمة التي لم يدرك أهميتها وقداستها أولئك المرتدون الذين يحاولون المساس بالثوابت الوطنية ، أصحاب المشروع التخريبي من قوى الرجعية والانفصال والردة ..
وليعلم الجميع هنا وهناك أن إعادة تحقيق وحدة الوطن أحد أهداف الثورة اليمنية وأهم إنجازاتها كان استجابة لأمر الله جل وعلا ، وتجسيداً لإرادة الشعب اليمني وتتويجاً لنضالاته وتضحياته العديدة .. والشعب هو صاحب المصلحة الحقيقة في هذا المنجز العظيم وفي كافة الإنجازات والمكاسب التي تتحقق على الساحة الوطنية بصورة مطردة .. ولأن إرادة الله لا تقهر دوماً وأبداً فالشعب اليمني المناضل بإرادته القوية كفيل بحماية أمنه واستقراره ووحدته الخالدة .. فقد ناضل طويلاً وقدم التضحيات من أجل الانتصار لها لتظل شامخة شموخ جبال اليمن الشماء محمية بقوة تلك الإرادة..
فالوحدة اليمنية بالفعل إنجاز خالد وحقيقة راسخة أعادت لليمن مجدها الحضاري ، وعظمة الوحدة تكمن في كونها عملاً إيمانياً ينبغي تحقيقه تلبية للخطاب الإلهي الذي يدعو المسلمين إلى التوحيد والتوحد وإحقاق الحق والعدل والمساواة وتلك هي مبادئ الإيمان الفريدة ..
ولا خلاف أن هناك ضرورة ملحة لتصحيح بعض الأخطاء والتسريع بوتيرة الإصلاح في شتى المجالات ، وتحقيق ذلك يعتبر واجباً وطنياً ولابد أنه يشكل هدفاً أساسياً في سبيل نجاح مسيرة التنمية وتطورها بصورة جادة .. لكن ذلك يجب أن يتم في إطار الأنظمة والقوانين المتعلقة بالإصلاحات سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية دون المساس بالمصلحة الوطنية ، أو تحقيق مصالح أطراف خارجية ، أو اللجوء إلى استخدام أساليب الابتزاز الرخيصة ، وبث ثقافة الكراهية والضغائن التي تتبناها عادةً العناصر المنبوذة الحاقدة ..
كما يمكن العمل على بلورة رؤية وطنية مبنية على التوافق لإجراء الإصلاحات ومواكبة المتغيرات استناداً إلى مبدأ الولاء والانتماء للوطن والشراكة والمصلحة الوطنية بعيداً عن المكايدة أو المزايدة .. بحيث تظل الثوابت الوطنية وفي مقدمتها الوحدة اليمنية خطوطاً حمراء لا مساس بها أياً كانت الظروف السائدة ..فالوحدة المباركة منجز حضاري ملك لكل اليمنيين وتمثل قدرهم ومصيرهم ، وحمايتها واجب ديني ووطني على كافة أبناء يمن الإيمان والحكمة ، ممن يحاول عبثاً النيل منها ومن منجزات الشعب التي تحققت عبر مسيرة الثورة اليمنية المجيدة ..
ومن المؤكد أن إرادة الشعب دوماً هي المنتصرة على كل من جُبل على التآمر ضد الوطن ووحدته وأمنه واستقراره ، فهلا بادر أولو الأمر ومن ورائهم كافة أبناء الشعب إلى اتخاذ سياسة الحزم والحسم حيال من يحاول المساس بوحدة الوطن والعبث بالمقدرات والمنجزات الوطنية ، والإضرار بمصالح الشعب ، وعرقلة المسيرة التنموية الرائدة ..؟ والعمل بجدية على دعم ثقافة البناء والتنمية ، وترسيخ مبدأ الحوار الوطني في مختلف القضايا الوطنية المتعددة .. والمبادرة بمعالجة تلك القضايا بحكمة وعقلانية دون تباطؤ أو تؤدة..
كل ذلك يمكن أن يتحقق بكافة الأساليب والطرق الممكنة ، لكن الوحدة ستظل قوية وشامخة محمية بإرادة الله والشعب ، وستسقط كل الشعارات الشاذة القديمة الجديدة الانفصالية والرجعية .. وتلك هي القضية .
|