أحمد سلطان السامعي - أواخر شهر مارس من هذه السنة أصدرت السلطة في صنعاء قانون منع التعاملات الربوية في البنوك اليمنية وتمت الموافقة عليه في مجلس النواب، وانقسم الناس بين مؤيد ومعارض، فالمؤيد يرى أن منع التعاملات الربوية يعد قراراً صائباً وأن التعامل بالربا يحرمه ديننا الحنيف، وآخر عدّ القرار شعبوياً ويصيب عصب الاقتصاد بالشلل، ويرى أن القرار يستهدف المودع بشكل سلبي ويضر بالاستثمار والمستثمرين ،لا سيما في القطاع المالي وقد يؤدي إلى انهيار البنوك.
مهتمون وباحثون بالشأن الاقتصادي أكدوا أن الفائدة ليست ربا لأن البنوك تستثمر في أذون الخزانة العامة التي بدورها تستثمرها في مشروعات تنموية، والبنوك جميعها الإسلامية منها والتجارية تتعامل بالفوائد أو الأرباح بطريقة أو بأخرى وهذا أساس عمل البنوك، فمثلاً يقوم مواطن بإيداع مبلغ معين في بنك معين على أن يتلقى المواطن مبلغاً من المال كفائدة، هذه الفائدة تحددها سلطة البنك المركزي. أو أن يأخذ المواطن قرضاً من البنك ويرد المبلغ على أقساط في مدة زمنية معينة مع فائدة ربحية متفق عليها سلفا.
صدور القرار كان صادماً لجاري الحاج مبخوت حيث استوقفني وتحدث إليّ بحرقة عن أمواله المودعة في أحد البنوك بقصد الأرباح، هذه الأرباح على الرغم من قلتها إلا أنها كانت تساعده في إعالة أسرته ويعيش مستور الحال لا يحتاج إلى أحد.
الحاج مبخوت طاعن في السن من محافظة الحديدة كان في يوم ما تاجر ولكن مع تقدمه في السن ولا يوجد من يقف بجانبه قرر بيع كل ما يتاجر به ووضع كل أمواله في البنك مستفيداً من أرباحها، لكن بعد صدور قرار منع التعاملات الربوية تم قطع تلك الأرباح التي اعتادها.
يقول الحاج مبخوت بعد هذا القرار : إذا كانت الفوائد حراماً فليعطونا فلوسنا الحلال نستثمرها في مصر أو أشتري لي باص أطلب الله فيه، أما كذا لا حلال ولا حرام، يقصد بالحلال فلوسه المودعة في البنك والحرام الفوائد التي منعتها الدولة عنهم.
القرار هذا لم يطل العم مبخوت فقط، بل الآلاف وربما مئات الآلاف من أمثاله الذين يعتاشون على فوائد أموالهم التي جنوها طيلة أعمارهم وأحتفظوا بها كي تساعدهم على ما تبقى من أعمارهم دون الحاجة لأحد، وحتى يتجنبوا مواقف الذل والإذلال أمام المنظمات والجمعيات الخيرية.
اليمنيون يعرفون الدِين جيداً ولا يحتاجون إلى أحد يخبرهم بالحلال والحرام، هم فقط لجأوا إلى البنوك لضرورة الحصول على مبلغ يؤمن لهم عيشة محترمة، والضرورة تبيح المحظورات، وجميعنا يعرف أن الدولة لم تستطع إعالة مواطنيها في أعز فترات استقرارها فكيف تستطيع الآن، فلا ضمان اجتماعي كفيل بعيش لائق ولا رواتب تقاعدية محترمة، ولا رواتب أصلاً لمن يعملون وأن وجدت فنصف راتب كل ستة اشهر!.
حسب اقتصاديون : الحكومة اتخذت قراراً مجحفاً بحق المودعين والبنوك على حد سواء فلا كان القرار مدروساً ولا أوجدت الحكومة بدائل فورية لتجنب ما قد يحصل من كارثة، والأسوأ أنه ليس بمقدور البنوك دفع أموال المودعين خاصة ودائع قبل ٢٠١٥م ولن تستطيع البنوك إيجاد بدائل استثمارية لأن الوضع الحالي غير مستقر وغير مشجع للاستثمارات الأخري ما قد يدفع البنوك إلى الإغلاق والإنتقال إلى عدن.
يتساءل المودعون : هل بمقدور السلطة اليوم إعادة أموالهم المودعة أو إيجاد حل لعودة الأرباح بطريقة تراها صحيحة؟ أم أنه "لا حلال ولا حرام" كما قال الحاج مبخوت؟
وهل تضمن استقرار البنوك التجارية والإسلامية وإيجاد بدائل استثمارية لها تجنبها الإغلاق ومغادرتها العاصمة صنعاء؟ |