أحمد الزبيري - ليس ما تعرضنا له في الماضي البعيد والقريب وما نتعرض له اليوم من أزمات وصراعات وحروب وفتن طائفية ومذهبية ومناطقية وجهوية يفسَّر بنظرية المؤامرة، ومع ذلك المؤامرات الخارجية الإقليمية والدولية كانت حاضرة في كل ما جرى .
ووجود هذه الازدواجية في القراءة نابعة من حقيقة ان هذا الوجود متحقق لكل متتبع لسياقات الاحداث .. فالجهل والتخلف الاقتصادي وتغييب الوعي لصالح التفكير السياسي لما قبل الدولة الوطنية هو ما سهَّل جعلنا موضوعاً لمؤامرات القوى الاستعمارية وأدواتها من الأنظمة النفطية الوظيفية في منطقة الجزيرة العربية والخليج..
بكل تأكيد مؤامرات إضعاف البلدان العربية وتقسيمها عُمل عليه منذ أمد ليس ببعيد مستغلين الإرث التاريخي من النزعات الدينية المذهبية والطائفية وكذلك القبلية والعشائرية والتي جميعها تسعى إلى الحكم بالغلبة وليس لتحقيق مشاريع بناء أوطان ودول حقيقية ..
وبدلاً من التعلم من تجاربنا والبناء على ما كان قد تحقق في خمسينيات وستينيات القرن الماضي عدنا إلى صراعات تمتد إلى قرون ، كما أننا لم نتعلم مما تعرضت له دول عربية من مؤامرات، والعراق وسوريا أمثلة واضحة في هذا المنحى وحصلت أمام ناظرينا ومع ذلك كررنا وبأسوأ الاشكال ما استهدفوا به وهذا يرجع إلى ان النخب والقوى والأطراف السياسية الفاعلة سخرت نفسها لتكون أداة ولا فرق بين الإسلامي والعلماني واليساري فجميعهم بوعي أو بدون وعي سخر نفسه لتدمير اليمن وتقسيمه، وحتى حديث بعض الأطراف عن انتصاره للجمهورية والوحدة فقط للاستهلاك السياسي خاصة وانه في الماضي القريب لطالما ناصبها العداء، وحزب الإصلاح الإخواني مثال على ذلك، أما ما يسمى بالحراك الانتقالي فهذا ينفذ الاجندة التمزيقية حتى وهي لا تحقق له ما يرفعه من شعارات للتجييش تحقيقاً لمصلحة القوى المعادية لشعبنا وعلى رأسها السعودية ودويلة الإمارات وجميعهم محكومون بمنطق عدمي متوهمين انه يحقق مصالح شخصية للبعض ومصالح حزبية للبعض الآخر ممن لا يستطيعون العيش إلا في مستنقع العمالة والخيانة والارتزاق ولا يهمهم أنفسهم ولا الطوفان الذي سيجرفهم..
الشعب اليمني بأرثه الحضاري يستعيد وعيه لاسيما في المحافظات المحتلة بعد أن اكتشف من المعاناة ان لا خيار إلا مواجهة الغزاة والمحتلين ومرتزقتهم والانتصار لوحدته.. وعلى كل القوى الوحدوية إدراك أن العودة إلى التفكير بطريقة الماضي لم يعد ممكناً وان الوحدة الثابتة والراسخة تتحقق بحوار يضع كل قضايا اليمنيين على الطاولة ومناقشتها بصدق وموضوعية لحلها والتوجه إلى بناء دولة تؤدي إلى وطن لكل أبنائه وبدون ذلك لن نخرج من الحلقة المفرغة.
|