حوار/ جمال الورد - لا نرى براءة تلحق الاختراع من غير براعة تسبق الإبداع؛ فذاك من ذاك.. لقد بات الابتكار العلمي الذي يعكس براعة العلماء والباحثين يمثل مدخـلاً لمزيد من التقدم والتطور المستمرين، إذ إن هناك اتفاقاً بشرياً على أنه لا يمكن للمجتمعات أن تنمو وتستقر ما لم تحقق الاكتفاء الذاتي في إنتاجها المحلي النابع من إبداعاتها العلمية وابتكاراتها المتجددة من داخل عمقها الحضاري.
لقد باتت براءات الاختراع وسيلة نبيلة للنهضة التكنولوجية ومؤشراً حضارياً على التطور التكنولوجي والتنافس التقني بين الدول؛ ومع ذلك فإن الاختراع شيء والحصول على البراءة شيء آخر.. ولا يحصل الجمع بين البراءة والاختراع إلا إذا كان الاختراع يضيف إلى إنجازات المجتمع العلمي الدولي.
ولا شك أن الملكية الفكرية تجلب منافع كثيرة لاقتصاد بلد ما؛ وغيابها أو عدم الحصول عليها يُبقي البلدان في مواقع متأخرة بحيث لا تنفع نفسها ولا ينتفع بها غيرها، وفي هذا الصدد التقت صحيفة »الميثاق«، المهندس بازل رمضان مسئول المبدعين والمبتكرين في الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، للوقوف على المعوقات التي تواجه المبتكر اليمني وكذلك ضرورة التوعية القانونية بحقوق الملكية وتسجيل النتاج الفكري والإبداعي، بالإضافة إلى عدد من القضايا المتعلقة بذلك تجدونها طي الحوار التالي:
* هل بالإمكان أن تعطينا لمحة تعريفية عن الهيئة وأعمالها؟
- أنشئت الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار بقرار جمهوري عام 2020م لتوفير بيئة حاضنة للعلماء والباحثين والمبدعين والمبتكرين من أجل المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية حيث تركّز رؤية الهيئة على استلهام الحكمة اليمانية للابتكار بمنظومة وطنية حاضنة للعلوم والتكنولوجيا تحقق التنمية المستديمة لليمن.
إن الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار تؤدي دوراً مهما في تحقيق التنمية المستديمة والازدهار الاقتصادي من خلال احتضان ورعاية العلماء والباحثين المتميزين والمخترعين والمبتكرين وتوظيف قدراتهم في بناء اقتصاد وطني قائم على المعرفة إضافة إلى ذلك فإن الهيئة تعمل على تهيئة بيئة محفزة للإبداع والتميز والابتكار في مختلف مجالات العلوم والتكنولوجيا.
لقد عملت الهيئة خلال السنوات الثلاث الماضية على تنفيذ عدد من المشاريع الاستراتيجية والمهمة منها مشروع الخارطة البحثية الذي يهدف إلى تحديد الأولويات الوطنية في عدد من القطاعات المختلفة لتوجيه الأبحاث نحوها ، ومن المشاريع الأخرى المسابقة الوطنية لرواد المشاريع الإبداعية والابتكارية التي تُعد مشروعًا وطنيًا مهماً يهدف إلى اكتشاف المواهب والإمكانيات الإبداعية، وتشجع شبابنا الطموح في جميع أنحاء الوطن لتحويل أفكارهم المبتكرة إلى مشاريع حقيقية تساهم في تحسين حياتنا وتعزّز مكانة بلدنا العزيز في المنطقة والعالم ،ولقد حرصت الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار من خلال مشاريعها المختلفة على فتح آفاق واسعة للتطوّر والتقدُّم في مختلف مجالات العلوم والتكنولوجيا .
* ما أوجه الدعم الفني والاستشاري والتحفيز الذي يمكن للهيئة تقديمه للمبدعين والمبتكرين؟
- لقد عملت الهيئة على إعداد البرامج التدريبية التي تطور مهارات وقدرات الشباب وتحفزهم على تحويل أفكارهم ونماذجهم الأولية إلى مشاريع واقعية وناجحة، وذلك من خلال ما توفره الهيئة من جوائز تشجيعية وفرص تدريبية ودعم ومساندة لكافة المبدعين والمبتكرين إضافة إلى ذلك فان الهيئة تعمل على التنسيق والتعاون مع الجهات المختلفة لتقديم التسهيلات لأصحاب المشاريع بما يساهم في دعمهم وتشجيعهم من أجل تحويل مشاريعهم إلى مشاريع ريادية في السوق المحلية .
*هناك دول رائدة في دعم وتشجيع المبدعين والمبتكرين.. كيف تم الاستفادة منها؟
- تحرص الهيئة على أن تستفيد من تجارب الدول الرائدة في دعم المبدعين والمبتكرين وذلك من خلال دراسة هذه التجارب وتكييفها بما يتناسب مع البيئة اليمنية والهوية الإيمانية فنحن لا نبدأ من الصفر بل نستمر من حيث انتهى الآخرون.
* الابتكار وبراءات الاختراع مصطلحان لا يميز الكثيرون الفرق بينهما.. هل لك أن توضح لنا بشكل أكثر.. وأيضاً كيف يتم تسجيل الابتكارات لديكم؟
- في ما يخص الابتكار والاختراع هناك العديد من المشاريع المتقدمة إلينا هي عبارة عن مشاريع نقل تكنولوجيا بمعنى أن هذا المشروع موجود منذ فترة في بعض دول العالم، وبغرض الاستفادة منه يتم إنتاجه محلياً، ويمكن لأصحاب هذه المشاريع أن يستفيدوا منها في حال أصبحت جاهزة للتسويق وفق المواصفات والمقاييس المحددة فيمكن أن يتم تسجيلها كنماذج منفعة حيث يمكن لصاحب المشروع أن يستفيد من الفترة التي تجعل المنتج حصرياً عليه لعدد من السنين كما هو محدد في القوانين واللوائح الخاصة حيث إن اليمن مشارك في اتفاقيات دولية للملكية الفكرية ويشترط في المشاريع التي نطلق عليها ابتكاراً أو اختراعاً الجدة والأصالة وقابلية المنتج للتطبيق الصناعي حيث تخضع كافة طلبات الحصول على براءة الاختراع التي يتم تقديمها للإدارة العامة للملكية الفكرية للفحص في قاعدة البيانات الدولية قبل أن يتم إصدار شهادة البراءة.
* ما الضمانات التي يكفلها القانون اليمني في مجال الحق الفكري للمخترع أو المبتكر؟
- قانون رقم (2) لسنة 2011م بشأن براءة الاختراع ونماذج المنفعة ، تصميمات الدوائر المتكاملة، المعلومات غير المفصح عنها هو القانون الرئيسي الذي يختص ببراءات الاختراع في اليمن، ويشمل الحماية لحقوق المؤلفين والمخترعين وحقوق المنتجات الصناعية والتجارية.. ويتضمن هذا القانون ضوابط وإجراءات تحكم في إدارة حقوق الملكية الفكرية وحمايتها، بما في ذلك براءات الاختراع.
* برأيك ما الطرق والأساليب الكفيلة للحفاظ على حقوق المبتكر والمخترع؟
- تسجيل مشاريعهم وابتكاراتهم لدى الجهات المعنية وفقاً لقانون رقم 2 لسنة 2011م..
* هناك مبدعون ومبتكرون يعرضون ابتكاراتهم عبر وسائل الإعلام -ما رايكم في هذا، أليس المعمول به عالمياً أن تقدم هذه الابتكارات أولاً للجهات المعنية قبل الإعلان عنها؟
- يبرز دور الإعلام بشكل كبير في نشر ثقافة الإبداع والابتكار ويساهم في الترويج لمشاريع المبدعين والمبتكرين وكما ذكرنا لك سابقا أن غالبية المشاريع المشاركة في المسابقة هي مشاريع نقل تكنولوجيا، وبالنسبة للاختراعات الجديدة فلا يتم عرضها إلا بعد مرورها بإجراءات التسجيل والتوثيق بعد ذلك يتم التنسيق مع الإعلام للترويج لمشاريعهم وتعريف المجتمع بأن هناك منتجات محلية.
* من وجهة نظرك.. أليس هناك حاجة ماسة لنشر الوعي القانوني في صفوف المبتكرين حتى يتمكنوا من التعامل مع القانون المعني بما يحفظ حقوقهم؟
- نحن نعمل في الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار على توعية المبدعين والمبتكرين بأهمية الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية وأهمية توثيق المشاريع الخاصة بهم التي تنطبق عليها شروط ومعايير الابتكار ، بما يضمن حقهم الفكري ويوفر لهم فترة استفادة من هذه المشاريع وسيكون إن شاء الله خلال الأشهر القادمة برنامج للتوعية بالملكية الفكرية وكيفية حماية الأفكار والمشاريع.
* كلمة أخيرة ؟
- أشكركم في صحيفة »الميثاق« لاهتمامكم بهذه الجوانب العلمية والإبداعية وتسليط الضوء عليها، ونود من خلالكم أن نؤكد لأبناء شعبنا خصوصاً المبدعين وذوي الابتكار والفكر الإبداعي بأن الهيئة تعمل وفق خطط مدروسة في دعم ورعاية المبدعين والمبتكرين وتساهم بشكل فعال في تطوير مشاريع المبدعين والمبتكرين حتى تصبح منتجات بمواصفات عالية نستطيع ان نفتخر بأن يكون عليها »صُنع في اليمن«.
|