عارف الشرجبي - جرت العادة خلال الفترة الماضية عندما نحتفي بذكرى تأسيس المؤتمر الشعبي العام أن نتحدث عن منجزاته التي شملت مختلف مجالات الحياة (السياسية والديمقراطية والاقتصادية والتنموية والثقافية والتعليمية والامنية والعسكرية) وغيرها من المنجزات التي تحققت ليمننا الحبيب في ظل حكومات المؤتمر المتعاقبة ، ولاشك أنها منجزات حقيقية ماثلة للعيان لاتخطئها عين، ولاينكرها او يقلل منها إلا حاقد او اعمى البصيرة والبصر.
ولذا فإنني في هذه التناولة سوف اتحدث فقط عن مسيرة المؤتمر الشعبي العام الذي شهد ومازال يشهد تناميا واتساعا في انتشاره وقوته رغم كل الظروف الاستثنائية الصعبة والتحديات الكبيرة التي واجهت مسيرته في محطات متعددة منذ بدء رحلة عطائه الوطني وحتى الآن .
لقد اثبتت الاحداث خلال 41 عاما من عمر المؤتمر الشعبي العام انه التنظيم السياسي الاكثر عددا والاوسع انتشارا وجماهيريا ، والاقوى تماسكا رغم المؤامرات التي كانت ومازالت تحاك ضده وضد قياداته في محطات مختلفة والتي لاشك انها قد فشلت فشلا ذريعا في النيل من هذا التنظيم الذي تراهن عليه مختلف الاوساط المحلية والاقليمية والدولية باعتباره عنوان الوسطية والاعتدال وشوكة الميزان وقطب الرحى في تحقيق الامن والاستقرار والتوازن المطلوب لاستمرار العملية السياسية وتطبيع الاوضاع في بلادنا ومحيطها الاقليمي والدولي .
إن من اهم مقومات ومزايا المؤتمر الشعبي العام أنه وُلد من رحم الشعب اليمني فجاء معبرا عن تطلعاته وآماله في العيش الكريم بعيدا عن الايديولوجيات والافكار المستوردة التي لاتتوافق مع الواقع اليمني ومع المزاج العام لشعبِ انهكته الحروب والصراعات والمغامرات الطائشة الناتجة عن تطرف وتشدد احزاب اليسار بشقيها الاممي والقومي التي لم تأتِ إلا بالمآسي والويلات والمذابح والانقلابات الدموية بحثا عن السلطة او الاستئثار بها ، او تلك الاحزاب والمكونات اليمينية التي تدعي احتكار الدين والوصاية عليه والمتاجرة به للوصول الى السلطة مهما كان الثمن باهظا .
ولأن المؤتمر الشعبي العام نشأ على الوسطية والاعتدال والقبول بالرأي والرأي الآخر فقد كان هو الخيار الافضل الذي راهن اليمنيون عليه ليعيشوا بأمن وسلام واستقرار لاسيما وقد شهدت اليمن قبل نشأة المؤتمر حالة من الانقسامات والاغتيالات والحروب الاهلية التي كانت تحدث بين شطريها قبل إعادة تحقيق الوحدة او تلك الاعمال التخريبية في المناطق الوسطى وغيرها من المناطق والمحافظات والتي توقفت في عهد المؤتمر الذي كان ثمرة من ثمار الحوار الوطني الذي قاده مؤسس المؤتمر الرئيس السابق علي عبدالله صالح ومعه المئات من شرفاء المؤتمر ومنهم الشيخ المناضل صادق بن امين ابو راس -رئيس المؤتمر الشعبي العام- في المعترك الراهن .
لقد شَكًلَ ميلاد المؤتمر في تلك المرحلة(24 أغسطس 1982م) قطرات غيث في ارض عطشاء مجدبة وبارقة أمل عريضة للشعب ولكل الوان الطيف السياسي التي كانت تعمل في الظلام خشية القمع ودهاليز السجون التي عرفوها في ظل الانظمة العسكرية القمعية السابقة التي حرمت الحزبية وحلت البرلمان والغت العمل بالدستور ، وكان الحوار الوطني الذي عقد اول اجتماع له في 21 يونيو 1980م للإعداد لمشروع الميثاق الوطني الدليل الفكري والنظري للمؤتمر الشعبي العام اولى خطوات النهج الديمقراطي بمشاركة الكثير من الشخصيات الاجتماعية واصحاب الفكر قادة الاحزاب والتنظيمات السياسية التي مارست نشاطها تحت مظلة المؤتمر حتى قيام الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م وبدء النظام التعددي فظن بعض قيادات تلك الاحزاب أن الوقت قد حان لتحقيق الحلم في الوصول الى السلطة وإن كان عن طريق الكيد السياسي والكذب والتدليس والذهاب الى السفارات لعرض بضاعتهم الفاسدة وطلب الدعم في مؤامراتهم على الوطن وإسقاط المؤتمر من صهوة جواده لاسيما بعد ان خسروا الانتخابات البرلمانية التي جرت بعد قيام الوحدة اليمنية عام 1993م وماتلاها من انتخابات متتالية(محلية وبرلمانية ورئاسية) والتي سقطت فيها احزاب الشعارات البالية (الاممية والقومية والليبرالية وشعار الاسلام هو الحل) سقوطا مدويا فاشتدت المؤامرات على المؤتمر وارتفعت وتيرة العمالة للخارج بشكل علني حتى جاءت مؤامرة الربيع العبري التي ظن المتآمرون ان الوقت قد حان لاسقاط المؤتمر غير أن تلك المؤامرات وتلك الشعارات لم تكن إلا الحبل الذي التف حول رقاب قيادات تلك الاحزاب فذهبوا واحزابهم ادراج الرياح واصبحو اثرا بعد عين يتسكعون في عواصم تلك الدول المتآمرة في الوقت الذي ظل المؤتمر شامخا متعاظما في قوته وثباته ورسوخه في وجدان الشعب حتى الآن وسيظل كذلك بقيادة رئيسه المناضل الجسور الشيخ صادق بن امين ابوراس الذي استطاع ان يضمد جراح المؤتمر ويحافظ عليه من التمزق والشتات وتمكن من العبور بسفينة المؤتمر إلى بر الامان رغم ضراوة المؤامرة التي لم يسبق لها مثيل من قبل ..
قال تعالى (فأما الزبد فيذهب جفاءََ وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال) صدق الله العظيم.
|