د. عبدالوهاب الروحاني - نحتفل اليوم بالذكرى الـ61 لسبتمبر الثورة التي آفاق بها شعبنا على صبح يمني بهي.. وأمل كبير، وحياة جديدة، واحلام تتوهج في عيون الكبار والصغار.
سبتمبر 1962م جاء ليطوي زمناً طويلاً من الظلام على طريق بناء الدولة، وتحقيق العدل والمساواة، وفتح افاقٍ جديدة للحياة..
جاء سبتمبر بمشروع وطني معاصر بنى به اليمنيون المستشفى بدلاً عن بيوت السحر والشعوذة، وبنوا المدرسة والجامعة والمعهد بدلاً عن الاحراش والكتاتيب، وكبر اليمنيون بسبتمبر وتعلموا علوم العصر وصار فيهم علماء وخبراء كبار في الطب والمهندسة والذرة وعلوم العصر ، وكسروا بسبتمبر طوق العزلة، وتجاوزوا المعاناة والجهل والفقر والمرض الذي جثم على صدورهم اكثر من الف عام.
نحتفي بسبتمبر كل عام ليس فقط كذكرى انتصار ارادة شعب، وانما كحدث غير مجرى حركة التاريخ اليمني، وحمل معه اهدافا انسانية نبيلة صاغتها معاناة اليمنيين، ورسمت طموحاتهم وتوجهاتهم ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، ملخصها :
* نظام جمهوري عادل يحرر الوطن من الوصاية والاستبداد والاستعمار.
* حرية، وعدالة، وديمقراطية ومساواة.
* بناء جيش وطني (لا عائلي ولا قبلي ولا طائفي ولا مذهبي) يذود عن حياض الوطن ويحمي سيادته واستقلاله ومكتسباته.
سبتمبر.. ثورة واهداف غايتها بناء دولة يحكمها النظام والقانون، ولا غير النظام والقانون؛ منذ اندلاعها وشعبنا يقاتل للأمل والحياة.. واجهت الكثير من العثرات والانتكاسات والنكبات؛ فظلت تتأرجح بين إقدامٍ وإحجام.. انجاز واخفاق.. امل وانكسار ، لكنها تظل الحقيقة القائمة في ذاكرة ووجدان كل اليمنيين.
منذ كنا وحتى صرنا
مشاكل البلاد وعثراتها ليست في النظام والمنهج الذي اختاره اليمنيون لانفسهم في سبتمبر 1962م وضحوا لأجله بقوافل من الشهداء، وانما مشكلة اليمن كانت ولا تزال في المشاريع الصغيرة والضيقة.. في التبعية والارتهان للحلول الخارجية.. في ممارسة السمسرة والبغي على حساب القضية الوطنية وقيم الدولة والمجتمع.
وهنا، تعالوا نقرأ رائعة البردوني في ديوانه " لعيني أم بلقيس"، وهو يصف الحال منذ كنا وحتى صرنا:
بلادي من يَدَي طاغٍ
إلى أطغى إلى أجفى
ومن سجن إلى سجن
ومن منفى إلى منفى
ومن مستعمر بادٍ
إلى مستعمر أخفى
ومن وحش إلى وحشين
وهي الناقة العجفا
بلادي في كهوف الموت
لا تفنى ولا تُشفى
تنقر في القبور الخرس
عن ميلادها الأصفى
وعن وعد ربيعي
وراء عيونها أغفى
عن الحلم الذي يأتي
عن الطيف الذي استخفى
فتمضي من دجى ضاف
إلى أدجى، إلى أضفى
بلادي في ديار الغيــر
أو في دارها لهفى
وحتى في أراضيها
تقاسي غربة المنفى
انتصار السلام
سبتمبر عنوان حرية ومسيرة نضالٍ، وعنوان حياة وأمل وسلام.. وفي سبتمبر لابد ان ينتصر السلام.. ذلك لان السلام هو غاية ما يسعى اليه اليمنيون، لكنه لن ينتصر الا بلجم البندقية ومغادرة المتارس.. ووقف الحرب..
ولعل محادثات الرياض خطوة رائدة وفي الطريق الصحيح، فإن أفضت نتائجها حقاً الى سلام شامل يعيد لليمنيين كرامتهم ويحفظ لهم جمهوريتهم وحريتهم ووحدتهم واستقلالهم، فذلك هو الانتصار الحقيقي، وذلك هو السلام الذي ندعو اليه منذ أول طلقة، وصرخنا لأجله بأعلى اصواتنا وقلنا "أوقفوا الحرب انها ظالمة".
وهنا نعود ونقول ان السلام الحقيقي هو في رفع الظلم عن شعبنا، وفي خطوات تبدأ بـ:
* وقف دائم للحرب
*فتح المطارات والطرقات والموانئ
* توحيد حركة وأداء ونشاط البنك المركزي
* صرف مرتبات الموظفين، والمعلم أولاً.
* توحيد ادارة المنافذ، وجباية الرسوم الضريبية والجمركية..
* انسحاب القوات الأجنبية من الاراضي اليمنية.
* وقف التدخلات الخارجية في الشأن اليمني
وتلك هي الغاية.. وذلك هو الانتصار الحقيقي لليمن وللجوار والاقليم..
|