يحيى نوري - انتهى زمن بيانات الشجب والتنديد كتعبير عن الوقوف مع مظلومية الشعب الفلسطيني، وفقدت كل ديباجات القمم العربية والإسلامية بريقها ومصداقيتها وتجردت تماماً عن أي ثقة بها، وأصبح الرأي العام العربي ينظر لإصرار النظام العربي على الاستمرار على هذا المنوال بمثابة شريط مشروخ ملّ سماعه بل ويشعر إزاءه بالخزي والعار..
إنه التحول المهم في الوعي العربي الذي يتمتع به جيل جديد ويتبلور ويتسع من يوم لآخر ويتجاوز أنظمته وأنمطته تفكيرها الباهت بمراحل متعددة بات من الصعوبة بمكان التوفيق بينهما مالم يصحح الحكام العرب مساراتهم تجاه القضايا الاستراتيجية للأمة، ويقرروا اللحاق بوعي جماهيرهم، الذي سيتحول هو الآخر إلى وبالٍ عليهم..
ومع اتساع رقعة التعرية للأنظمة وكشف ما تمارسه من سياسات وتوجهات أضرت بالأمة وحاضرها ومستقبلها، فإن المستقبل القريب سيحفل بالكثير من عوامل التعرية للأنظمة بل ومحاصرتها ومن ثم اقتلاعها كمطلب ملح تفرضه متطلبات النهوض والتحرر من ديكتاتوريات عفى عليها الزمن، وباتت عائقاً أمام السير باتجاه المستقبل، وأدوات طيّعة تعمل لصالح أجندة أعداء الأمة بكل إخلاص وتفانٍ على حساب شعوبها ومقدراتها..
وكل تلك لا ريب مؤشرات ومعطيات كشفت عنها بصورة أكثر وضوحاً أحداث غزة وهي أحداث بطولية لم تُعِد القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام الدولي فحسب، بل إلى استنهاضها لإرادة الشارع العربي وتطلعاته وآماله، وبلورة المزيد من وعيه الذي ظل لفترة طويلة أسيراً لحالة الزيف والشعارات الجوفاء التي لم تحقق له شيئاً سوى المزيد من التواري والانهيار وعدم القدرة على الانتصار لمتطلبات تحقيق سيادته ونهوضه الحضاري..
خلاصةً.. إن الأمة اليوم أمام منعطف خطير صنعته ركامات الفشل والاحباط التي مُنيت بها من قبل أنظمتها التي لا همَّ لها سوى الحفاظ على وجودها..
مرحلة لن تنتصر فيها إلا إرادة الشعوب وحقها في بناء دولها المدنية الحديثة القائمة على مشاركة مختلف فعاليات مجتمعاتها المدنية، وبتحقيق هذا النجاح ستكون الأمة في بداية الطريق السليم نحو تحرير فلسطين كل فلسطين.
|