أحمد الزبيري - هدنة الأربعة أيام بين المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس وكيان العدو الصهيوني الغاصب المجرم العنصري لم تكن في أجندته عندما أعلن حرباً وحشية على قطاع غزة بشراكة أمريكية وغربية جعلته يضع أهدافاً ذات سقف عالٍ منها تدمير حماس والمقاومة في غزة، واستعادة الأسرى وذهب مع الأمريكي إلى تحديد مصير غزة ما بعد حماس والمقاومة والشعب الفلسطيني في هذه الأرض التي لا تتجاوز مساحتها 360 كيلومتراً مربعاًا، وكل هذه الأهداف لم تتحقق رغم أطنان القنابل والصواريخ والقذائف التي تصل الى ما يساوي ثلاث قنابل ذرية أمريكية من النوع الذي ضرب في نهاية الحرب العالمية الثانية على هيروشيما في اليابان .
طوال ما يقارب الخمسين يوماً كل ما استطاع هذا الكيان فعله هو التعبير عن حقيقته الإجرامية بقتله آلاف الأبرياء من سكان غزة غالبيتهم من الأطفال والنساء، إلى درجة أن ما كان مخفياً ومضللاً على الرأي العام في العالم أصبح مكشوفاً وواضحاً ويزداد انكشافاً مع مرور أيام العدوان لتكون الليلة الأخيرة قبيل تنفيذ الهدنة هي الأكثر تصعيداً، وهذا حاله في كل حروبه العدوانية على الشعب الفلسطيني والعرب ولكن الفارق أن الإعلام الغربي كان يعطي صورةً معاكسة ومضللة خاصةً للشعب الأمريكي والأوروبي بعد أن صار في وسائل التواصل الاجتماعي غير ممكن اخفاء الحقيقة وهذا ما يجعل التطور في وسائل الاتصال وتقنية المعلومات سيفاً ذا حدين .
وهذه المرة رغم محاولات التعتيم الذي تمارسه التقنيات الأمريكية، إسرائيل جثت على ركبتيها وقبلت بالهدنة وهذا ما يعترف به قادة هذا الكيان خاصةً عتاة المجرمين في حكومته لكنهم لم يعوا أن شلال الدم الفلسطيني وأشلاء الأطفال والنساء في غزة لن تصنع لهم نصراً بل هزيمة مدوية، وأن السلوك الإرهابي الانتقامي يكشف اقتراب ساعة زوال هذا الكيان وهو ما شعر به اليهود في الغرب وخاصةً الولايات المتحدة والذين خرجوا في مظاهرات تدعو إلى وقف هذا الإجرام على أبناء الشعب الفلسطيني مدفوعين بشعور أن ما يقوم به هذا الكيان الصهيوني سينعكس على اليهود في كل العالم، وذاكرتهم التاريخية حية في هذا المنحى بسبب سلوك البعض منهم، وهذا لا ينفي البعد الإنساني لديهم وهم يشاهدون تلك المجازر المروعة التي حتى النازيين لم يكونوا في مستوى هذه الفظاعات.
الهدنة لأربعة أيام من أجل إطلاق خمسين أسيراً من المدنيين وصغار السن الصهاينة مقابل 150 امرأة وطفل فلسطيني، وإيصال بعض المشتقات النفطية والمواد الغذائية، ويقتضي تنفيذ الاتفاق منع تحليق الطيران في شمال غزة لمدة ست ساعات وفي جنوبها طوال أيام الهدنة.
بطبيعة الحال الكيان الصهيوني لا عهد ولا ميثاق له، والمقاومة الفلسطينية تعي ذلك جيداً واتخذت احتياطاتها وضماناتها وهي مستعدة وجاهزة ويقظة لأي إخلال بشروط الهدنة، مع أن الوسطاء حاولوا تقديم ضمانات لكنها قد تكون جزءاً من الخداع المجرب في فترات سابقة.
الشريك الأمريكي ومعه الغرب بدأ يدرك بعد أكثر من شهر ونصف لهذا العدوان أن الأمور لا تسير في صالح هذا الكيان الذي يمثل قاعدة متقدمة في منطقتنا لحماية المصالح الأمريكية، ووصول الجرائم التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني إلى كل العالم والتي أصبحت أصابع الاتهام تشير إلى الإدارة الأمريكية وبايدن أكثر مما تشير إلى نتنياهو وحكومته المتطرفة، لهذا كانت هذه الهدنة التي بدون شك سيحاول الإسرائيلي عسكرياً واستخباراتياً استعادة زمام المبادرة لمواصلة عدوانه وتحقيق صورة نصر ولكن هذا لن يكون، وما يحققه العدو بكل ما يملك من قوة وأسلحة ومشاركة ودعم أمريكي وغربي لن يحققه في أربعة أيام، والمقاومة الفلسطينية تفهم طبيعته أكثر مما هو يفهم نفسه، وسيكون لهذه الهدنة انعكاسات ستؤدي في محصلتها إلى تمديدها تحت ذريعة إطلاق المزيد من الأسرى مع إدراكنا أن هذا الكيان المجرم سيحاول العمل على تحقيق غايتهِ في نكبة جديدة بإخراج الفلسطينيين إلى سيناء عبر المزيد من التوحش غير مدركٍ أن النتيجة ستؤدي إلى نهايته وتحرير فلسطين من النهر إلى البحر، وما بُني على باطل فهو باطل، والقوة تكشفه وتسرع من النهاية.
|