أحمد الزبيري - انتصار الشعب الفلسطيني ومقاومته في معركة طوفان الأقصى هو بكل تأكيد انتصار للشعوب العربية وحتى للأنظمة التي تتماهى في السر والعلن وتتآمر على الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة، والتي أقنعها الأمريكي والصهيوني أن بقاءها كأنظمة مرهون ببقاء كيان العدو الصهيوني وتصفية القضية الفلسطينية، وبالتالي موقف بعضها أكثر طرفاً في هذا الاتجاه من بن غفير وسموتريتس، والبعض الآخر يدركون أن شرعيتهم مستمدة من رضا الأمريكي وليس من شعوبهم، لذلك يتواطأون ويتآمرون غير مبالين بمصالح شعوبهم التي هي في خطر إذا ما انتصرت إسرائيل واستطاعت تفكيك وتصفية المقاومة الفلسطينية وتهجير ما تبقى من الفلسطينيين إلى الدول العربية المجاورة وبدرجة أساسية مصر والأردن.
هنا لا نحتاج إلى إثبات أن الأنظمة العربية تمتلك الكثير من الأوراق على الأقل لتتمكن من المواءمة بين مصالح شعوبها وارتباطهم بالأمريكي والغرب الاستعماري عموماً، فهم يجدون في المقاومة الفلسطينية وحركات المقاومة المساندة لها في المنطقة فاضحة لهم وأن هذا الكيان ومعه الأمريكي ليس بالصورة التي قدموها لنا عبر عقود منذ أن نشأ هذا الكيان وحتى اليوم، ولولا أمريكا والغرب ما كان استمر لهذه الفترة الزمنية الطويلة.
اليمن الذي يتعرض لعدوان وحصار للعام التاسع على التوالي يقدم الإثبات بما يقوم به نصرةً للشعب الفلسطيني في مضيق باب المندب والبحر الأحمر ووصول صواريخه وطائراته المُسيَّرة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة أن إسرائيل وأمريكا والغرب ليسوا أقوياء إلى ذلك الحد الذي صوَّرته لنا هذه الأنظمة بل ما أعطاهم هذه القوة عمالتهم وخيانتهم وتواطؤهم مع أعداء شعوبهم وأمتهم..
وفي هذا السياق لابد من الإشارة إلى قرارات القمة العربية التي عُقدت بعد 35 يوماً من حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني في الرياض والتي في منطوقها تتضمن دعوات لوقف إطلاق النار وإيجاد حل سلمي للقضية الفلسطينية وإدخال المواد الإنسانية والإغاثة إلى غزة، وها هو أكثر من شهر يمر والإبادة مستمرة ومن لم يمت بصواريخ وقنابل الكيان -الأمريكية والغربية الصنع- يموت من الجوع والعطش وعدم تلقّي الدواء..
مما سبق نصل إلى حقيقة أن غالبية الأنظمة العربية تعيش حالة تناقض مع شعوبها ومصالحها لصالح البقاء تحت الرعاية والحماية الأمريكية والتي كانت على وشك أن تدخل باتفاقيات التطبيع الحماية الإسرائيلية لانشغال أمريكا بأزمات وصراعات وتوترات أكبر في العالم.. انتصار المقاومة هو أيضاً انتصار يمتد لكل الدول والشعوب التي عانت وتعاني من المؤامرات الأمريكية وفي مقدمتهما الصين وروسيا والتي تحظى مواقفهما بتقدير كبير من الشعوب العربية لكنها حتى الآن لا ترقى إلى مستوى اعتبار ما يواجهه الفلسطينيون والعرب هو ذاته التي تواجهه هذه الدول، وهذا الملمح يكفي لتأكيد أن تضحيات الشعب الفلسطيني وانتصاره هو انتصار للإنسانية وللعدالة في هذا العالم الذي أثبت نظامه الدولي أنه بحاجة إلى تغيير يحقق توازناً يُنهي كل هذا الظلم والنفاق والإجرام الذي تتعرض له البشرية وعلى امتداد القارات الخمس. |