أحمد أمين باشا - عندما تحذّر وزارة النقل الأمريكية السفن من الملاحة بشكل عام وكامل في البحر الأحمر، وفي ذات الوقت يعلن الجيش اليمني أن حرية الملاحة في البحر الأحمر مُتاحة وآمنة لجميع السفن عدا تلك المتجهة لإسرائيل.. هنا نتوقف قليلاً لنفهم أبعاد المشهد وخفاياه لندرك وضاعة الدور الأمريكي في شيطنة مايسميه الأمريكان بالحوثيين بهدف التحكم بمسار التجارة الدولية عبر البحار بين الشرق (الصين تحديداً) وأوروبا الذي يمر عبر باب المندب
كإحدى جولات الصراع الماراثوني بين واشنطن وبكين..
وعندما يتحدث رئيس هيئة قناة السويس أن الانخفاض في عدد السفن المارَّة في القناة هو أمر طارئ ولايؤثر بشكل كبير على حركة الملاحة في القناة فهذا يعني فشل إحدى خطط الشيطان الأمريكي الذي أراد إقحام مِصر في صراع مباشر مع صنعاء، ولكن المصريين كانوا أكثر نباهةً وفطنةً ولا تمر عليهم مثل تلك الخدع الأمريكية.. بمعنى آخر مِصر تؤكد من جديد أنه ليس لها أي خلافات مع الدولة في صنعاء..
وزاد الطين بِلَّةً عند الأمريكان، موقف معظم الدول العربية الرافض المشاركة في تحالف حارس الازدهار التي أنشأته واشنطن تحت ذريعة حماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر من هجمات الحوثيين..
كل تلك المشاهد كان يراقبها عن كَثَب الاتحاد الأوروبي باستثناء بريطانيا التي وضعت نفسها تحت عِصمة واشنطن..
حيث إن الاوروبيين شعروا بأن واشنطن استغلت أحداث غزة وموقف اليمن من هذه الأحداث فهُرعت إلى تجييش سفنها ومدمراتها الحربية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب تحت ذريعة حماية السفن المتجهة لإسرائيل وإنْ كان ذلك صحيحاً لكنه لم يكن الهدف الاستراتيجي لواشنطن وهذا ما أدركته مؤخراً دول الاتحاد الأوروبي وشعرت من خلاله بخطر تواجد واشنطن في مضيق باب المندب وأهدافه الحقيقية المتمثلة في خَنْق الواردات من البضائع الصينية المختلفة إلى أوروبا بسبب شعور واشنطن بأن بكين اتسعت سوقها التجارية مع دول أوروبا على حسابها مما أدى إلى انكماش الصادرات الأمريكية إلى أوروبا..
ومن هنا لاحت لأمريكا فرصة استغلال أحداث غزة ودور صنعاء فيها لتقوم بما قامت في البحر الأحمر، ولهذا كان قرار الاتحاد الأوروبي بتشكيل أسطول عسكري بحري موحد تكون وجهته إلى البحر الأحمر لحماية مصالحها الاقتصادية التي تحاول واشنطن الإخلال بموازينها..
نعم.. مايحصل في باب المندب هي حرب اقتصادية كبرى بين واشنطن وبريطانيا من جهة وبين الاتحاد الأوروبي والصين من الجهه المقابلة، وليس لليمن وجيشها أي صلة بما تخطط له كل الأطراف بقدر ماهو شعور بالواجب الديني والعروبي تجاه أبناء غزة، وهذا ماحدده الجيش اليمني بوضوح للعالم أجمع.. ولذلك على دول الاتحاد الأوروبي أن تدرك أن اليمن وجيشه هم صمام أمان لحرية الملاحة في المضيق والبحرين الأحمر والعربي، وتقف بوجه واشنطن التي كشفت عن حقيقة نواياها عندما أعلنت أن مضيق باب المندب مغلق أمام مختلف السفن التجارية، وكذلك يجب أن يعي الأوروبيون أن أهداف ونوايا واشنطن وتل أبيب في شيطنة اليمن وجيشها بدأت تتداعى وتنهار أمام الإرادة القوية والصادقة للقيادة اليمنية في هذا الشأن، ولهذا فإن وصول أي أساطيل أوروبية إلى البحر الأحمر سيضاعف المشكلة لا حلها..
ومهما قصفت أمريكا وبريطانيا اليمن، ومهما أدخلتها واشنطن في تصنيفها الهزلي الخاص بالإرهاب الذي لا يخشاه إلا ذوو النفوس الضعيفة، فلن يُثْنِيَ اليمن ذلك عن القيام بواجباتها الوطنية والإنسانية.. وأعتقد أن الإنذار الأخير الذي أطلقته القيادة اليمنية تجاه أمريكا وبريطانيا بضرورة مغادرة أساطيلهم من المنطقة المحيطة باليمن كان رسالة واضحة وصريحة لهم لا لَبْسَ فيها أو تأويل..
وعليهم تحمُّل عواقب ما سيلي تلك الرسالة.. |