علي أحمد مثنى - يُعرف الربيع مناخياً بأنه فصل التحول بين الشتاء والصيف ويسمى فصل الجمال والورد وعبق الأزهار....
—تعرضت عدد من الأقطار العربية لعواصف هوجاء في فصل سُمي إعلامياً بالربيع العربي بتصميم وإخراج غربي استعماري معروف تاريخياً بتميزه بصناعة علب السم بأغلفة العسل وتصدره للشعوب المستهدف تخريبها بالذات الأقطار العربية وتحت وعود الأمل بمستقبل سعيد أفضل يجرع للغبي الأهبل وبتعاون العميل الأنذل والانتهازي الأحقر وبقاعدة أمريكية تقول: ارمِ له الحبل ودعه يخنق نفسه بنفسه والواقع نسج فصولاً من الخراب والدمار والشقاء والتشظّي الوطني والاجتماعي والاقتصادي والإنساني ..الخ، وتخريب ما تم إنجازه في قطاعات التنمية المختلفة رغم تواضعه عند معظم العرب ولا يصل إلى الحد الأدنى مستوى التطلعات الوطنية لكنه خطوة للمزيد ولو ببطء شديد، في عصر الإنجازات التي حققتها معظم دول العالم والعرب في أسفل القائمة على مختلف الجوانب.. نتيجة عدد من السلبيات وأهمها فيروس الفساد والبيروقراطية وتضخم قوى النفوذ..
— مصطلح الربيع السياسي أول موسم ظهر في جمهورية تشيكسلوفاكيا {ربيع براغ} عندما اتخذ الحزب الاشتراكي بقيادة الاكسندر دوبتشك سياسة تحررية ثقافية في 5يناير 1968م وانتهى هذا الربيع في 21 أغسطس من نفس العام بتدخل الجيش الأحمر لحلف وارسو آنذاك وأجهضت المحاولة..
— محاولات النهوض العربي : قال بعض من المفكرين العرب بأن الأمة العربية شهدت عدداً من محاولات النهضة أهمها
– النهضة الأولى : بدأت منذ أواخر الربع الأول من القرن الـ19ببعثة الإمام رفاعة الطهطاوي إلى فرنسا وما صاحبها من التحديث وفتح باب الاجتهاد الديني وإعادة الاعتبار إلى العقل وكان من روادها جمال الدين الافغاني والإمام محمد عبده، وفشلت بسقوط فلسطين بيد الصهاينة عام النكبة العربية 1948م..
– النهضة الثانية بدأت مع ثورة 23 يوليه 1952م القومية العربية التحررية وامتدت حتى وفاة الزعيم جمال عبدالناصر رحمه الله عام 1970م
– النهضة العربية الثالثة انتفاضات شباب وشعوب دول الربيع العربي كان يعتقد أنها محطة تحمل بشائر مشاريع التغيٌُر الإيجابي الذي يلبي طموحات الشعوب في الحياة والتعليم والعمل والعدل والمساواة وتداول سلمي للسلطة ينهي أبديتها تحت أي مسمى ومبررات... ، ولكن مع الأسف كانت انتفاضات عاطفية عمياء لا تحمل مشاريع وخططاً واضحة المعالم لتستقيم الأحوال أو قيادات لإدارة الانتفاضات وتتمتع بالكفاءة العلمية والعملية والنزاهة وليس لها سوابق في الفساد أو المشاركة فيه ،ولم تتوافر هذه الشروط التي تحافظ على البلد ومقدراته والسلم الأهلي والوطني وتمنع عنه التدخل الأجنبي ..الخ، فحصلت الكارثة وزاد الماء على الطحين وخرب العجين وهذا تعبير للمشهد .. وتحول الربيع إلى صقيع ومنتج من منتجات أمريكا وحلفها الأوروبي واليعربي لتنفيذ نظرية الفوضى الهدامة عام 2006م..
— أسباب انتفاضات الشباب العربي يمكن تلخيص ما أشارت إليه بعض الدراسات والبحوث العربية فيما يلي:
1- نفاد صبر الشباب وفقدان الأمل بمستقبل يؤمّن لهم حياة مناسبة من الحرية والكرامة وفرص العمل ...
2– تفوق شخصيات نافذة في أنظمة العالم العربي بما يُعرف في اليمن (بمراكز القوى) تجاوز نفوذها العسكري والقبلي والمالي والحزبي على مؤسسات الدول ، والبعض استقوى بدعم أجهزة دول عربية وأجنبية، ينفذون أجندتها فتغلبت المصالح المشتركة على المصلحة الوطنية العليا
3- الصراعات الخفية بين مسئولي القيادات وجاء هذا الحدث ليفتح العلل ويبرز الخلل لتصفية الحسابات والخلافات المشفرة.
4- تعميم ظاهرة الفساد وبالذات الفساد الديني والقضائي والمحسوبية والرشوة..الخ .
5- هيمنة بعض القوى على سلطة القانون، لدرجة أن البعض عمل بمقولة الخليفة العباسي السفاح انا الإسلام والإسلام أنا، وعبارة لويس الرابع عشر أنا الدولة والدولة أنا
6-بوادر ظهور فشل إدارة الدول نتيجة الجمود السياسي والتخلف الاقتصادي والتعلمي والعلمي وتخلي الدول عن مسئولية توفير ودعم الخدمات تنفيذاً لسياسة الإصلاحات بوصفات مؤسسات التمويل الدولية وفساد عملية الخصصة وبيع ممتلكات القطاع العام بالبخس ومانتج عنه من اعباء على المواطن محدود الدخل
7-تدخل سفراء الدول الكبرى وبعض الدول العربية التابعة ذات النفوذ المالي في اتخاذ القرارات حتى وصل الأمر إلى اختيار أسماء الشخصيات لمختلف المسئوليات ومنها السيادية دون مراعاة القدرة والكفاءة والولاء الوطني مما اوجد كتائب من الانتهازيين يتسابقون إلى تقديم الولاء للأجنبي مع إهمال البلد ومصالحه..
8–فشل بعض الأنظمة العربية في تحقيق الاندماجات الوطنية التي تعلي من قيم الانتماء للوطن على غيرها من الانتماءات القبلية والمناطقية والمذهبية ..الخ
— نتائج الكارثية على اليمن في الموسم
الاستاذ المرحوم محمد حسنين هيكل وهو يتابع الانتفاضات في اليمن لخصها بخبرته وقال: حال اليمن (ماضي أبى أن يذهب وحاضر أبى أن يتغير ومستقبل أبى أن يأتي وقال ايضا الذي يجري في اليمن هو عبارة عن قبيلة تبحث عن دولة
- نتيجة لتفكك مؤسسات الدولة وتوزع قيادات البلد على منابر الاستقطاب الخارجي هيَّأ الفرصة لتنفيذ مخطط العدوان لما سمي تحالف عاصفة الحزم غربي/ عربي غايته الأساسية تجربة أحدث الأسلحة لتدمير مقدرات البلد العسكرية والأمنية والمنشآت العامة والخاصة وتمزيق الوحده الوطنية والجغرافية وقُتل وتشريد مئات الآلاف من الأبرياء وما ترتب على هذا العدوان من كوارث متعددة لم تنجُ من سلبياته منطقة أو عائلة إلا وأصيبت بضرر وخسائر بشرية ومادية، حتى وصفت حال اليمن مستشارة ألمانيا السابقة ميركل بأسوأ كارثة إنسانية على وجه الأرض وهذا معنى شامل للكارثة...
2- فرض عقوبات متعددة الجوانب بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ومنها الحصار بكل مجالاته السياسية والاقتصادية والإنسانية
3- انتزاع السيادة الوطنية ونقلها الى الوصاية المنظمات الدولية
4- تحولت اليمن إلى إقطاعيات لسلطات متعددة الولاءات والاستقطابات الخارجية وساحة حروب بالوكالة.
5- هروب رؤوس الأموال وتهريب العملات الصعبة وتعطلت البنوك وخدماتها المصرفية المهمة والضرورية والمتاجرة بالخدمات، ونسبة كبيرة من السكان تحت خط الفقر، وتسرب أكثر من مليوني طالب من التعليم بمختلف مراحله، وتعاظمت البطالة بمعدلات قياسية ، وأصبح من ثاروا وتربعوا منابر الساحات من كل الأطراف والأطياف المتنافسة هم الفسدة واللصوص يعيشون ترفاً معيشياً بسفه، باستثمارات في جميع القارات على حساب الغالبية العظمى من الشعب البائس الفقير المظلوم المعدم..
— ختاماً نقول: لن يستقيم قدم للاستقرار مالم يكن مرتكزاً على قاعدة العدل والمواطنة المتساوية بتنمية متوازنة، ومكافحة الفساد وإعلاء شأن القانون واستقلال القرار السياسي ، والوطن يتسع للجميع
— يقول المرحوم عبدالله البردوني
- سل الدرب كيف التفت حولنا
ذئاب من الناس لاترحمُ
- يعيثون فينا كجيش المغول .. وأدنى إذا لوح المغنمُ
- فهم يقتنون ألف الألوف
ويعطيهم الرشوة المعدمُ
- ويبنون دوراً بأنقاض ما
أبادوا من الشعب أو هدموا
- أقاموا قصوراً مداميكها.
لحوم الجماهير والاعظمُ
- قصوراً من الظلم جدرانها
جراحاتنا أبيض فيها الدم |