د. عبدالوهاب الروحاني - ما يجري بحق الغزيين في رمضان وقبل رمضان وبعد رمضان لا يُصدق.. أي بشر نحن؟! وأي حكومات تدَّعي انتماء لعروبة أو دين، أو إنسانية، وشعب غزة ينزف دماً، ويموت جوعاً..؟!!
أكثر من مليونين ونصف مليون غزي يعانون من حصار قاتل منذ ستة عشر عاماً.. وفي رمضاننا هذا يواجهون مجاعة حقيقية.. أطفال ونساء وشيوخ غزة يتضورون جوعاً، ممنوعون من الغذاء والماء والدواء.. لا أحد في هذا العالم يأبه بهم أو يعنيه أمرهم..
في رمضان لم تعد للغزيين فوانيس تزيّن لهم حارة أو تضيئ لهم طريقاً أو مسجداً، لأن النازية الجديدة قد دمرت كل الطرقات وكل الحارات وكل المساجد، دمروا ألف مسجد ومسجد، وأحرقوا المصاحف، ودنَّسوا المنابر، وسمموا الهواء والأرض والسماء..
طَبًِل يا مُسَحَّراتي
دَقْدِقْ كل البِيبان
صَحّي كل النفوس
تسمع صوت الأذان
طَبّل يا مُسَحَّراتي
دَقْدِقْ كل البِيبان
توقف الزمن في غزة، وتكسرت كل البِيبان، وخيَّم الموتُ وصُمًت آذان الأهل والجيران، ونامت النفوس وماتت كل الضمائر ..
*أفلام ومسرحيات
حينما فشلوا في كسر روح غزة ومقاومة الغزيين لجأوا لمحاصرتها وتجويعها، ألقوا أكثر من 70 ألف طن من المتفجرات وقتلوا 28 ألفاً، وأصابوا أكثر من 70 ألفاً، وأغلب من قتلوا وأصابوا من النساء والأطفال.. والعالم كله يتفرج !!
إنه عالم ظالم ومتوحش يقاتل شعباً أعزل خذله أهله .. تركه إخوته في الدم والأرض والدين واللغة، فريسة لبرارة العصر .. تركوه يموت قتلاً وتشريداً وتجويعاً إلا من أفلام "اكشن" وبراشوتات مضحكة مخجلة، ظهروا فيها بنَيَاشين ونظارات يستعرضون بطولات خرقاء جوفاء أقل ما يمكن أن يقال عنها انها مضحكة مبكية، وهم يتابعون تَدافُع الجوعى وجريهم وراء سراب وموت تسقطه طائراتهم..
اليوم يتهيأ الرئيس بايدن لعرض مسرحية هزلية سمجة عن إنشاء ميناء في غزة لإيصال المساعدات إلى أهل غزة، وهو وإدارته جزء أصيل من حرب الإبادة الجماعية، وحرب التجويع التي تُرتكب ضد الغزيين منذ أكثر من 160 يوماً..
*فهمنا ولم نفهم
فهمنا أن الصمت العربي والإسلامي كان للقضاء على حركة المقاومة، وسلاح المقاومة، وتدمير الأنفاق، لكننا لم نفهم سر الموافقة على الإبادة الجماعية والتدمير الشامل لغزة وقتل أطفالها ونسائها..!!
فهمنا أنكم شركاء في حصار غزة وتجويع أبناء غزة ومنع الغذاء والماء والدواء عن أطفال غزة، لكن ما لم نفهمه هو حرصكم لا بل استماتتكم لمد الجسور البرية والجوية والبحرية لتزويد السوق الإسرائيلية بالمؤن والاحتياجات، بينما أطفال ونساء غزة (أطفالكم واخواتكم وآباؤكم) يتضورون جوعاً وهم يبحثون عن كسرة خبز تنقذهم من موت محقق..؟!
فهمنا أن أمريكا جبارة وبيدها قوة مدمرة، وبيدها قدر ومصير قادتنا العِظام في المنطقة العربية والإسلامية، وفهمنا أنها اشترت ضمائرهم بثمن بخس وبمقابل وعود بالحفاظ على كراسيهم.. لكن ما لم نفهمه هو، لماذا هكذا أنتم على خصام مع شعوبكم، ولماذ هكذا أنتم على انفصام مع كرامتكم ؟! ولماذا هكذا أصبحتم ؟!
أي إنسان ما يزال به خيط من ضمير لا يمكن أن يرى أطفال غزة يعيشون نزيفاً يومياً، ويموتون جوعى إلا وتجتاحه نوبة من حياء، وذرة من نخوة..!!
فهل لا تزال بكم حبة من حياء أو ذرة من نخوة.. ؟!!
|