هائل المذابي - عندما فشلت منظمة التحرير الفلسطينية "فتح" سبعينيات القرن الماضي في إثبات وجودها وتحقيق ذاتها كان عليها أن تفعل شيئا يلفت الأنظار إليها ويتم بموجبه الاعتراف بسيادتها فكان لها تنظيم سري هو "أيلول الأسود" الذي ولد بعد أحداث أيلول الأسود في المملكة الأردنية وكان أول الأمر أن رفض اتحاد الفيفا الدولي مشاركة فلسطين في الألعاب الأولمبية التي كان مقررا أن تقام في ألمانيا وبالمقابل فقد أعلن عن مشاركة إسرائيل في هذا الأولمبياد وهنا تحركت فتح بذراع منظمة أيلول الأسود للقيام برد فعل موازٍ رافضاً لذلك وكان من المفترض أن يختطف الفريق الرياضي الإسرائيلي والمساومة به لاطلاق جميع الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجون الاحتلال لكن ونتيجة للمقاومة فقد تم قتل اثنين من منفذي المهمة الثمانية برصاص قناصين ألمان وقتل الفريق الرياضي الإسرائيلي كاملاً 11 شخصاً مع مدربيهم يومها كدفاع عن النفس أثناء الاشتباك ثم هرب الستة الباقين ورغم عمليات التصفية والاغتيالات التي قام بها الموساد لاحقا كرد على الحادثة تلك إلا أن العالم بأسره التفت إلى القضية الفلسطينية وتم الاعتراف بفتح ورئيسها ياسر عرفات وتمت دعوة فلسطين للمشاركة في الأولمبياد ..
لكن قبل ذلك كانت أيلول الأسود قد نفذت في 20 أكتوبر 1974م عملية الدار البيضاء في المغرب أثناء انعقاد مؤتمر القمة العربية، وهي العملية التي أدت إلى الاعتراف العربي بمنظمة التحرير الفلسطينية رسميا، وبعدها بأسبوعين تقريبا استقبلت الأمم المتحدة ياسر عرفات وتم الاعتراف العالمي بمنظمة التحرير، وإعطائها صفة (مراقب) في الأمم المتحدة في سابقة هي الأولى في التاريخ أن تعطي حركة تحرر وطني هذه الصفة ويتم قبولها عضواً في هذا التجمع العالمي.
وتعتبر عمليتا ميونخ والدار البيضاء من أهم وأكبر العمليات التي قامت بها هذه المنظمة؛ حيث فرضت العملية الأولى الحضور الفلسطيني قوياً ومدوياً من خلال هذا الحدث الرياضي العالمي. أما العملية الثانية فقد استطاعت أن تنتزع الاعتراف العربي والدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيدا للشعب الفلسطيني.
السؤال: هل ما زال هَمّ تحرير فلسطين قائماً لدى حركة "فتح" أم أن هذا الهم زال برحيل ياسر عرفات؟
وهل يجب على حماس أن تسير على نفس خطى أيلول الأسود لاخبار العالم بأن فتح لم تعد تمثل حركة التحرير الفلسطينية وأن السلطة التي تمثلها هي سلطة مشبوهة لا تمثل الإرادة الفلسطينية وإنما تمثل نفسها فقط ومن يريد أن يتفاوض الآن فالتفاوض مع حماس وليس مع السلطة التي صارت مجندة للعدو وأداة من أدواته؟
يقول الشاعر العربي مظفر النواب:
أيلول الأسود ما زال هنا يتربص في الأنحاء..
|