موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


الحديدة.. إصابة طفل بانفجار في الدريهمي - وحدة الصف الوطني.. الحصن المنيع لمواجهة المشاريع الاستعمارية - 43846 شهيداً منذ بدء العدوان على غزة - 6364 مهاجر أفريقي وصلوا اليمن في شهر - الرئيس/ علي ناصر يعزّي بوفاة النائب البرلماني الدكتور عبدالباري دغيش - تدشين خطة الانتشار الإسعافي على الطرق السريعة - النواب يجدد الثقة بالإجماع لهيئة رئاسته لفترة قادمة - صنعاء: انطلاق حملة للتبرع لمرضى الثلاسيميا - ارتفاع عدد شهداء غزة إلى 43 ألفاً و799 - مع غزة ولبنان.. مسيرة مليونية بصنعاء -
مقالات
الميثاق نت -

الثلاثاء, 02-أبريل-2024
أحمد الشاوش -
في ريعان الشباب عِشنا حياتنا المتواضعة والمتدفقة بالحب والعطاء والسعادة وكان الأمل بلاحدود والطموح يعانق السماء، فالمدارس والمعاهد والجامعات الحكومية ممتلئة بالطلاب والطالبات كخلية نحل، والدراسة مجانية، ومخرجات التعليم في كافة مجالات الحياة..



كانت فرص العمل متوافرة والحركة الاقتصادية نشطة والأسعار رخيصة والمرتبات والحوافز تُصرف بانتظام، وتحويلات المغتربين كبيرة تدعم البنك المركزي، وسعر الدولار بـ 4,5 ريال وسعر الريال السعودي بريال وربع يمني، وسعر الكيلو الموز الأمريكي بثلاثة ريالات، والكيلو البرتقال اللبناني أبوسرة بخمسة ريالات، والشوكلاتة الماكنوتوش البريطاني الكبير بـ 15 ريالاً، والمواد الغذائية رخيصة وفي متناوَل الناس، والغني يعطف على الفقير، والميسور يساعد جاره، ولا تجد فارقاً بين الغني والفقير إلا في الشيء البسيط..



كان شارع علي عبدالمغني بصنعاء عنواناً للمعارض الأنيقة التي تبيع الملابس والمنتجات الإنجليزية والفرنسية والإيطالية قبل أن تدخل الصين وتايوان على خط التجارة وقبل أن يحتال تجار اليمن على المستهلِك في زمن حماية المستهلِك ويستوردون ملابس مثل مناديل الكيلينكس وصنادل يمشي بها المستهلِك مدة عشرة أيام وجزمات تتمزق خلال الشهر !!



كنا نشتري القميص الفرنسي والبدلة الإنجليزية أو الفنلة الإيطالي وتحتفظ بجودتها سنوات دون أن يتغير لونها أو يقع لها لوقان وشد عضلي أو تمتط مثل الشلك الأمريكي لأنها كانت من أجود أنواع القطن وأعرق المصانع التي كانت تحافظ على الثقة والسمعة.. حتى الجزمات والصنادل الجلدية كان لها جاذبيتها وقوتها ومنها التشيكي..



كان هناك معرض "الفصول الأربعة" الشهير أمام متجر غزة ، لصاحبه الرجل الوديع مقبل الفقيه وأخيه الأنيق عبدالرقيب ، كان أحد معالم شارع عبدالمغني في بيع الملبوسات والماركات العالمية بأسعار معقولة ..



كان هناك عبير الزهور والخرباش ومحل محمد علي سيف الخامري وكان هناك الشركة الإيطالية لبيع سيارات فوكس واجن، ومعرض القاسم لساعات سيكو، ومستودع الشرق الأوسط للالكترونيات لصاحبه أحمد عبدالله الدالي وفي نهاية الركن المتجر العربي لبيع الأدوات الرياضية مقابل للبريد اليوم ..وكان هناك المستودع اليمني وصيدلية أنيقة وغيرها من المعارض وقبل ذلك معرض سيناء لمواد البناء والكهرباء وبقالة الظاهري وبيت سنهوب الذي بجواره اليوم حلويات العدني ، وكان هناك معرض غزة لمواد البناء وغسالة سيكو...



كانت منطقة"التحرير" جميلة وحديثة التخطيط ، لها نكهة خاصة ، وكان لـ "كافتيريا ومنتزه" الدالي "الزجاجي" الجميل والأنيق وسط الحديقة سحر خاص وجاذبية عجيبة تجمع الادباء والشعراء والمثقفين والسياسيين والنُخب الحزبية وغيرهم..



كانت أغاني أم كلثوم وفريد الأطرش وعبدالحليم حافظ وفيروز وألحان السنباطي ومحمد عبدالوهاب وبيرم تونسي تصدح، وقصائد أمير الشعراء أحمد شوقي وأحمد رامي الرقيقة والمشاعر الحساسة هي الروح الفنية التي يرددها العمالقة والمبدعون ورئتهم التي يتنفس بها أولئك الصفوة في الزمن الجميل وقاطرة المستقبل المنشود..



كنت ألاحظ كيف كان صفوة المجتمع اليمني في صنعاء من كل المشارب والتيارات الثقافية والفكرية والسياسية يتجمعون حول كل طاولة ويتناقشون ويستمعون إلى عالم الفن ويتحدثون بأريحية وأحياناً يستخدمون نظام التشفير من استراق السمع ..



كانت كفتيريا الدالي استثماراً جيداً وتجربة يمنية فريدة ونقلة نوعية في مجتمع ثائر ومتحرر خرج من قمقم الجهل والفقر والجوع والمرض يبحث عن الحياة والمستقبل المنشود، وكانت الكافتيريا تقدم سندويتشات الجبنة الكرافت بأقراص الروتي التي مثل البسكويت، والشاي الحليب في فنجان خزفي يُوضع على صحنه الجميل .. وصحون الجبن مع الجام والزبدة الذي لا تشبع من طعمه ولذته ..حتى كان للقرص الروتي مفتول العضلات والمعجون بالحليب والسمن والسكر طعم مثل العسل مع كأس من الشاي ، بينما اليوم كسيح والحموضة نفَّاذة..



والحقيقة أن شباب الزمن الجميل مكافح ومثابر ومُجِد وصابر وأقل إمكانيات ، كان يجمع بين الدراسة والمذاكرة والوظيفة والرياضة ، بينما شباب اليوم يائس ويعاني من حالات نفسية وخوف من المستقبل ، لايريد دراسة وإنْ درس لا يذاكر وإنْ نجح لا يحصل على فرصة عمل ما جعله أسيراً للانزواء ومضغ القات والنوم أو الالتحاق مع هذا التيار الجارف أو ذاك بعد أن تدهور التعليم وفسدت المناهج والأخلاق !!



عشنا عصر البيكم الانجليزي وأشرطة الكاسيت ومسجلات نشلن وراديوهات فليبس والتلفون الثابت والتلفزيون الأبيض والأسود وبطاريات البس وأقلام الباركر والشفر، حتى الالكترونيات كان لها جمال وتقنية وجودة عالية ما زال البعض محتفظاً بها إلى هذه اللحظة كجزء من ذكريات التاريخ الجميل..



كان اليمنيون يذهبون إلى المدارس في صنعاء وتعز وإب وغيرها بالزي المدرسي الرسمي ، بدون سيارات وبدون مرافقين أو دراجات نارية وبدون مسدسات وآليات وجنابي؛ ونقطع مسافات من التحرير إلى مدرسة اللُقية والبعض إلى مدرسة غمدان والأيتام بالميدان، وآخرون إلى مدرسة الشعب في نقم وابن الأمير في الزمر ومدرسة سيف بن ذي يزن وخالد بن الوليد ومدرسة الكويت وجامعة صنعاء القديمة والجديدة مسافة 5 كلم، والبعض يبكّر من الروضة.. وأما في الأرياف فقد تصل المسافة إلى عشرة كيلومترات من أجل التحصيل العلمي ، بينما اليوم الأزمة السياسية دقدقت معنويات الجيل الحاضر ومستقبله ..



كان المجتمع اليمني أكثر محافظةً على القِيم السامية ومكارم الأخلاق من صِدق وأمانة ووفاء وإيثار ونخوة وتكافل وتراحم والوقوف إلى جانب المظلوم ، وكان إذا ما رأى الطالب الأستاذ ماشياً في طريق الحي توارى عن الأنظار بعيداً من هيبة الأستاذ وهروباً من السؤال الطبيعي ماذا تفعل..ليش ماتذاكر ؟



كان الكاتب الكبير الأستاذ محمد المساح ، يُعَنْوِن عموده اليومي في صحيفة الثورة "لحظة يازمن"، وكنا نستغرب ليش ابن المساح في صراع مع الزمن ويومياً ماسك البريك لنكتشف ذكاءه وفراسته ومعرفته بأن القادم أسوأ والمستقبل ضبابي في ظل طيور الجنة والجلابيب السوداء..



يجري قطار العمر بسرعة الصوت ونعد الساعات والأيام والسنين ونتذكر الماضي الجميل بمعالمه وأماكنه وأركانه وزواياه ومحلاته وشوارعه وأسواقه العريقة وشخصياته وعمالقته في الأدب والشعر والفن والإعلام والصحافة والسياسة والثقافة والفكر..



حتى مساجد صنعاء كان لها جمال ونورانية والصلاة فيها لها طعم ثاني في الجامع الكبير وباب النهرين وقبة المتوكل والمهدي والبكيرية وغيرها؛ وكان للقاضي الرقيحي والقاضي أحمد سلامة وحمود عباس المؤيد ، وخطباء الأزهر الشريف وَقْعٌ خاص في قلوب وعقول اليمنيين لخطابهم المعتدل..



كنا نبكّر صباح يوم الجمعة من الساعة الحادية عشرة للصلاة في الجامع الكبير وقراءة القرآن الكريم وكلنا شوق للخطبة، قال الله .. قال رسوله .. قال الصحابة .. بينما اليوم تغيَّر كل شيء وصرنا نحضر الخمس الدقائق الأخيرة من صلاة الجمعة مثل لاعب كرة القدم الاحتياط الذي يدخّلوه في الوقت الضائع !!؟.



أخيراً.. بصراحة.. شباب اليوم تائه ومحبَط ومظلوم وبحاجة إلى من ينتشله من الضياع، وربنا يعينه على الحاضر والمستقبل الملغوم.. قال تعالى "إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ " الرعد 11.

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
في زيارتي للوطن.. انطباعات عن صمود واصطفاف ملحمي
اياد فاضل*

هم ونحن ..!!
د. عبد الوهاب الروحاني

اليمن يُغيّر مفهوم القوة
أحمد الزبيري

مسلمون قبل نزول القرآن الكريم.. فقه أهل اليمن القديم
الباحث/ عبدالله محسن

الأقلام الحُرة تنقل أوجاع الناس
عبدالسلام الدباء *

30 نوفمبر عيد الاستقلال المجيد: معنى ومفهوم الاستقلال الحقيقي
عبدالله صالح الحاج

دماء العرب.. وديمقراطية الغرب؟!
طه العامري

ترامب – نتنياهو ما المتوقَّع من هذه العلاقة؟!
ليلى نقولا*

أين هو الغرب من الأطفال الفلسطينيين السجناء وهو يتشدَّق دوماً بحقّ الطفل؟
بثينة شعبان*

صراع النملة مع الإنسان ولا توجد فرص أخرى للانتصار!!
د. أيوب الحمادي

دغيش.. البرلماني الذي انتصر للوحدة حتى المَنِـيـَّة
خالد قيرمان

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)