الميثاق نت -
أثار مستوى تدني الغذاء العالمي و ارتفاع أسعار المواد الغذائية موجة غضب عارمة وهيجان الشعوب الفقيرة،الأمر الذي ينبئ بقدوم ثورة للجياع تشهدها أرجاء المعمورة وتعمل على زعزعة الأمن والاستقرار العالميين،بل ان المخاوف اعتبرتها كارثة عالمية اخرى تشبه كارثة “تسونامي” اقتصادي وانساني،ونتيجة تزايد تكاليف المعيشة ما أصبحت اليوم قضية أزمة الغذاء قضية عالمية فرضت نفسها بقوة على رأس أجندة الأعمال الدولي ،خصوصا وأنها قد أخذت تثير مظاهرات احتجاج و اضطرا بات في بعض مناطق العالم.
بوادر أزمة الغذاء وتدني مستوى إنتاج المحصول قاد إلى أحدث المظاهرات مشاركة تونسيين في احتجاجات على ارتفاع الأسعار في مدينة رديف، حيث تحولت إلى اشتباك بين الشرطة والمحتجين، وذكرت المصادر: إن الشرطة اعتقلت أكثر من 20 شخصاً ثم أفرجت عن بعضهم. وتحدثت هذه المصادر ل “رويترز” قائلة إن المظاهرات جرت على مدى ثلاثة أيام، كما جرت تظاهرات مماثلة منذ أيام في مصر، ومثلها في الصومال، فيما تعم الشكوى معظم الدول العربية تقريباً، وغيرها من دول العالم.
وفي الدوحة، حذر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، منسق الإغاثة الإنسانية الطارئة جون هولمز أمس من ان ارتفاع أسعار الغذاء عالمياً بدأ في التأثير على الاحتياجات الإنسانية المتزايدة، وفي بعض الأحيان أدى إلى القلاقل، بينما أدت تغيرات المناخ إلى زيادة في عدد وشدة الكوارث الطبيعية.
ووجه هولمز دعوة إلى دول الخليج العربية للعمل مع الأمم المتحدة والأطراف الدولية الأخرى لمواجهة الأزمات الإنسانية المنفردة، والتحديات الدولية المعقدة المتعلقة بارتفاع أسعار الغذاء وتأثيرات تغير المناخ.
وقال هولمز خلال اليوم الأخير من زيارته للمنطقة التي تضمنت الكويت والإمارات والسعودية: ان الأوضاع الانسانية المتدهورة في مناطق مثل الأراضي الفلسطينية المحتلة والعراق والصومال وكينيا ودارفور، والعواقب الإنسانية لارتفاع أسعار الغذاء وتغير المناخ بحاجة إلى استجابة عالمية منسقة وشاملة.
وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية تقريراً في باريس حول “مظاهرات الجوع”، جاء فيه:
تتكثف النداءات الداعية إلى مبادرات من الدول الغنية لمساعدة الدول الفقيرة على مواجهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الوقت الذي يشهد فيه العالم تظاهرات ضد الجوع وغلاء الأسعار في العالم وتجتاح حالياً هايتي. ودعا رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون في رسالة إلى نظيره الياباني ياسو فركودا الذي تترأس بلاده مجموعة الثماني، إلى بحث اثر المحروقات على أسعار المواد الغذائية، وذلك خلال قمة مجموعة الدول الثماني الأكثر تصنيعاً في العالم التي ستعقد في يوليو/ تموز في اليابان. وجاء في الرسالة “ان ارتفاع أسعار المواد الغذائية يهدد بالغاء التقدم الذي حققناه في السنوات الماضية في مجال التنمية. ولأول مرة منذ عقود يسجل عدد الناس الذين يعانون من الجوع ارتفاعاً”.
ودعت وزيرة الدولة الفرنسية لحقوق الإنسان راما ياد الدول المانحة إلى “الاستجابة العاجلة” لنداء برنامج الأغذية العالمي لتخصيص 500 مليون دولار لمكافحة النقص في الغذاء. وقالت ياد لاذاعة فرنسا الدولية “نحن الفرنسيين نشعر بقلق كبير ازاء تظاهرات الجوع. يجب تصحيح مسار العولمة”.
وفي هايتي دعا الرئيس ريني بريفال إلى الهدوء بعد أن هزت الجزيرة الأربعاء تظاهرات جديدة بسبب ارتفاع حاد لأسعار المواد الأساسية. وقتل خمسة أشخاص على الأقل منذ بداية هذه الأزمة قبل اسبوع وأصيب 60 آخرون بجروح، بحسب حصيلة غير رسمية.
ودعا رئيس البنك الدولي روبرت زوليك في مطلع ابريل/ نيسان إلى عقد غذائي جديد على المستوى العالمي لمواجهة ارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية. وأوضح في مقابلة نشرتها الخميس صحيفة “لوموند” الفرنسية ان “هذا العقد الجديد يستهدف في الآن ذاته الأمور الطارئة في مجال الغذاء والتنمية اللازمة على الأمد البعيد للقطاع الزراعي”.
وشهدت دول عديدة خصوصاً افريقية منها موريتانيا وجزر القمر وساحل العاج وبوركينا فاسو والسنغال والكاميرون، في الأشهر الأخيرة تظاهرات ضد الجوع. وشهدت بوركينا فاسو اضراباً عاماً الثلاثاء والأربعاء للاحتجاج على ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمطالبة برفع الأجور. وقالت النقابات إن نسبة المشاركة في الاضراب بلغت ما بين 70 و90 في المائة في حين قالت السلطات انها أقل من 20 في المائة.
وحذرت منظمة الأمم المتحدة للزراعة والأغذية (فاو) من تدهور الوضع الغذائي السيئ أصلاً في زيمبابوي وذلك بسبب “استمرار الجفاف الشديد مسيطراً على عدة مناطق من البلاد”.
غير ان افريقيا ليست وحدها المعنية بالأمر، فقد تظاهر آلاف الأشخاص الخميس في شمال غرب العاصمة الرومانية بوخارست للمطالبة بتحسين الأجور.
وحذر المفوض الأوروبي للتنمية لوي ميشال الثلاثاء من أن “صدمة غذائية آخذة في الارتسام في الأفق وهي أقل وضوحاً من الصدمة النفطية، غير ان أثرها المحتمل سيشكل تسونامي اقتصادياً وانسانياً حقيقياً في إفريقيا”.
ويجد قادة آسيا أنفسهم تحت الضغط بسبب ارتفاع أسعار الأرز في الوقت الذي تتضاعف فيه الاضرابات للمطالبة بزيادات في الرواتب لمواجهة ارتفاع تكلفة العيش.
وزاد النمو الكبير للاقتصاديات الصاعدة مثل الصين والهند والبرازيل الطلب على المواد الغذائية.
وزاد من تفاقم هذه الظاهرة سوء الأحوال المناخية في الدول المنتجة مثل استراليا والمضاربة المالية والطلب على الحبوب لإنتاج الوقود الحيوي غير الملوث.