موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


189 صحفياً فلسطينياً استشهدوا في غزة - أبو عبيدة يعلن مقتل أسيرة في شمال غزة - زوارق حربية إماراتية في ساحل حضرموت - ارتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 44176 - 17 شهيداً في قصف إسرائيلي على غزة - مجلس النواب يدين الفيتو الأمريكي - المستشار الغفاري يبارك نجاح بطولة العالم للفنون القتالية بمشاركة اليمن - الحديدة.. إصابة طفل بانفجار في الدريهمي - وحدة الصف الوطني.. الحصن المنيع لمواجهة المشاريع الاستعمارية - 43846 شهيداً منذ بدء العدوان على غزة -
مقالات
الميثاق نت -

الإثنين, 29-أبريل-2024
عبدالرحمن بجاش -
برغم أن الحجر كان ثقيلاً إلا أنه استطاع حلحلته من مكانه ..
ما أن فعل ذلك حتى نظر الشيخ :
كيف تشوف ؟
ابتسم الشيخ :
ماسموك عنتر إلا وهم داريين !!
لقب " عنتر" كان يرضيه، يعبّر به عن اعتزاز بالنفس وذلك سِر من أسرار العم عبدالله مهيوب.. وأسرار مُجايِليه..
ذلك الرجل النبيل ككل الذين أشرفوا على أفق عدن وذهبوا إلى البحر..
ترك قريته ذات فجر وذهب مع الذاهبين وشقيقه هزاع بمعيته..
ظلا يلفتان وراءهما ذلك الصباح حتى غابت دورها.. أيقنا لحظتها أنهم انحدروا في نقيل "الجواجب" صعب التضاريس ومن يعرف أسرار البشر الذين مروا في طريقه الملتوي بحِدَّة والهابط نحو الأسفل بقسوة !!
لا يحس الإنسان بانحدار الطريق وخطورتها، باله هناك يكون في عدن حيث الخير..
المُصلى مكان مقدس لكثيرين جداً، كان مجرد ذكره يشيع الأمل عند الجميع، أبٌ ينتظر الرزق، وأُمٌّ تريد أن ترى ابنها عريساً.. وأطفال يتوزعون على القرى المتناثرة بين الخضرة ينتظرون "الجعالة" وآه من الجعالة وذكرياتها وطعمها..
العم هزاع كان أكثر الرجال في قريتنا أناقة، لا يزال شكله العام يحتل مساحة كبيرة من خيالي:
مَشَدة رشوان صغيرة أنيقة نظيفة حوافها..
كوت بزرقة السماء؛ وقميص أبيض نظيف؛ وجزمة شيكي كلما حرك رجليه سمعنا "مُزايطتها"*.. وحكاية الجزمات التشيكي حكاية تُروى.. ابتسامة العم هزاع مهيوب ودودة، وصوته خفيض، هو الوحيد في القرية ذو صوت أنيق ..
في الدار الأسفل "هكذا يسمى"، وبالمناسبة هناك "الدار الأعلى" وهو أول دار في قرية الجد علي مقبل وقد أتى الجيل الذي سبقه من جبل "غُراف" قرب المخا، وقد توزع من أتى بين قرية"جُبران" الجبل الذي تسكنه الصقور و"الهجوم" قرب المُصلى حيث ذكريات "البواببر الدوش" حتى اللحظة، ومنهم من صعد إلى قرية "الوَجْد"؛ وانظر ما أجمل الاسم ربما الأصل "الوُجد" وإلى قرية أصغر"القُحيفة" ثم ارتفعوا قليلاً إلى حيث دار علي مقبل وديوانه الوقف الذي تقع أمام بابه مساحة مطلية بـ "النُورة"، هناك كان يبكر غبش الفجر يرشها بالحبوب للعصافير أو كما نسمّيها "العناصر".. قالت جدتي نعمة وحلفت:
"يا ابني والله العظيم يوم ما أخرجوا جنازة علي مقبل وقت الشمس، غطت سحابة صغيرة من العصافير على الجنازة حتى المقبرة.. "وحلفت جدتي تأكيداً لما قالته لي.. لا تزال تلك الباحة الصغيرة لم تندثر إلى اليوم "نورة وحصى"..
في الدار الأسفل وهو إلى جانب الدار الجديد ثالث دار تميزت بهم قريتي.. وفي الجديد سكن حاجب نعمان صاحب الغزالي عكفي الإمام..
كان الناس يتشاركون السكنى أيام أن كانت أنفسهم بخضرة الكدرة، ولعب الفقر دوره..
غرفة للعم هزاع و"شَنِين" أحد أجمل نساء القرية نفساً.. وبجانبه شقيقه عبدالله مهيوب أو"عنتر أبو الجلن" !!، وكمعظم الناس ذهبا إلى عدن حيث البحر والرزق، وفي " المِجراد "* اشتغل عبدالله مع الإنجليز وكسب بضعة كلمات من القاموس الإنجليزي كانا "يَرطِنان" بها أمامنا فنُصاب بالذهول، بعضنا يقسم أن معهم جِناً !!!
لكي تصل إلى الطابق الأول في الدار "الأسفل" عليك أن تمر بالـ"سَفِل"*، لو طلب أحد مني أن أمر الآن لن أجرؤ!!! ، كيف كنا نمر آمنين ؟ هي الطفولة لها متطلباتها وعدم إدراكك أحياناً بما ينتظرك !! ربما ..
وهناك لطالما لعبنا "الغُمَيّاني" أو الاستغماية بالنحوي..
في الطابق الأول ثمة غرفة للعم هزاع، وفي السنوات الأخيرة وقبل أن يسقط جزء من الدار بسبب الإهمال، كنا ندخل لنزور من تبقَّى، كنت أتوقف طويلاً أمام الغرفة التي سكنها اليباب بعد رحيلهما.. يا الله أي شجن يتولاك وأنت تتخيل ما كان هناك..
الطابق الثالث والرابع كان يسكنهما العم محمد نعمان من لا تزال صورة بطاقته الزرقاء عندي وهي التي كانت تُعطى للوافدين من الشمال إلى عدن.. محمد نعمان شقيقه الجد محمد نعمان، كان يُلقب في الشيخ عثمان "الورّاد"، كان يزوّد البيوت والمطاعم بالماء النظيف..
في فترة لاحقة بنى العم عبدالله مهيوب بيته المستقل، الغريب أنه أصر على ألا يفتح ولو نافذة واحدة في البيت كله !!! ، قد يكون "الجلن" هو السبب، والجلن حكاية قائمة لوحدها، تهمس النساء أن "عنتر" ظل محتفظاً بجلن "جاز" من أيام الإنجليز، وقد همست عمتي ذات مساء في أذني:
ياباني يقوم كل يوم الصباح يشم الجاز قبل أن يخرج !!!
قالتها بلهجتنا "يتْنَهّكه" *
ظلت بريطانيا في أذهان أولئك الرجال حميمة عليهم، ببساطة لأن من جاء بعدها لم يكن بمستوى حلم الناس، ظلت بريطانيا القبيحة ترسل معاش التقاعد كل شهر إلى بنك الشرق الأوسط بتعز ومن هناك عبر بنت هزاع إحدى أجمل النساء روحاً "عَلَمَان" يستلمه نجلها وترسله إلى القرية..
عندما تُوفي كانت زوجته في عدن عند بنتها..
مات وحيداً إلا بوجود الجلن الأزرق !!!
بعد أن دُفن قال أحدهم:
وجدنا أشياء كثيرة من آثار أيام العز عدن..
وعلى مُحَياه ارتسمت علائم الإحساس العالي بالكرامة والاعتزاز بالنفس..
كان جيلهم جيلاً عظيماً صنع حياة كاملة وظل معتزاً بنفسه..
"""""""""""""""


*صوتها المنغم
*المطار
*يتكلمون بالإنجليزي
*الطابق الأرضي
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
في زيارتي للوطن.. انطباعات عن صمود واصطفاف ملحمي
اياد فاضل*

هم ونحن ..!!
د. عبد الوهاب الروحاني

اليمن يُغيّر مفهوم القوة
أحمد الزبيري

مسلمون قبل نزول القرآن الكريم.. فقه أهل اليمن القديم
الباحث/ عبدالله محسن

الأقلام الحُرة تنقل أوجاع الناس
عبدالسلام الدباء *

30 نوفمبر عيد الاستقلال المجيد: معنى ومفهوم الاستقلال الحقيقي
عبدالله صالح الحاج

دماء العرب.. وديمقراطية الغرب؟!
طه العامري

ترامب – نتنياهو ما المتوقَّع من هذه العلاقة؟!
ليلى نقولا*

أين هو الغرب من الأطفال الفلسطينيين السجناء وهو يتشدَّق دوماً بحقّ الطفل؟
بثينة شعبان*

صراع النملة مع الإنسان ولا توجد فرص أخرى للانتصار!!
د. أيوب الحمادي

دغيش.. البرلماني الذي انتصر للوحدة حتى المَنِـيـَّة
خالد قيرمان

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)