الميثاق نت -
ليس ثمة من يمكن أن يستفيد من ثقافة الكراهية والفوضى والتدمير سوى أعداء الديمقراطية وأعداء الحرية وأعداء التعددية السياسية وأعداء المستقبل، .. وليس ثمَّة من يُعادي المستقبل سوى أولئك الذين لا يثقون بأنّهم قادرون على الإسهام في صناعته وإيجاد مكان يتسع لهم فيه، .. وليس هنالك ما يبرِّر لمن يقنطون بالحاضر والمستقبل سوى عُقمٍ في التفكير، وعجز في الأداء وانهزامية في إرادة الحضور الإيجابي والفعل المثمر والعطاء النبيل.
وفي كل الأحوال فإنّ عُقمٍ وعجز وانهزامية نفر قليل من أفراد المجتمع أمور تخص هؤلاء النفر وحدهم سبباً ونتيجة، وليس ذنب المجتمع والوطن والشعب أن يكون بين أفراده ثلةٌ ممن لم تعد نفوسهم صالحة حتى لاحتضان بذور الأمل.. كما ليس من السهل إصلاح النفوس الخربة من خارجها، أو تغيير ما علق بها من قتامة دون رغبةٍ وإرادة أصحابها، مصداقاً لقول الحق سبحانه : ((إنّ الله لا يُغيِّر ما بقومٍ حتى يغيِّروا ما بأنفسهم)) صدق الله العظيم.
- وإذا كانت الديمقراطية بمفهومها الواسع تعني مجموعة من القيم الإنسانية، أوَّلها التعدد والتنوع والاعتراف بالآخر والحوار المتعدد والمتنوع، في إطار الوحدة والديمقراطية والضوابط والثوابت والمرجعيات التشريعية والأخلاقية التي تجمع الناس وتحمي نسيجهم الاجتماعي الوطني ـ مهما اختلفوا أو تباينوا ـ عند نقطتي ((الحق والواجب))، فإنّ أية محاولة للقفز بإحدى هاتين النقطتين على حساب الأخرى من قبل شركاء العمل الوطني في السلطة أو المعارضة على حد سواء هو انحراف بالديمقراطية وإنكار لقيم العدل والمساواة، وكفر بواح بنواميس التعايش والحياة برمتها، وهو ما ينطوي على كثير من الأضرار والمخاطر التي تمس المصالح العليا للوطن والمجتمع.
وصحيح أنّ ثقافة التطرف والإقصاء والكراهية تتصدر الأخطار المهدِّدة للحياة الديمقراطية، لكن ما هو أخطر منها على أمن وسلامة واستقرار وحاضر ومستقبل الوطن والمجتمع الديمقراطي تلك السلوكيات الرعناء والتصرفات الخارجة على القانون والثوابت والمرجعيات والتشريعات النافذة تحت مزاعم ممارسة شعائر الديمقراطية، وطقوسها التي تبرأ من كل فعلٍ تخريبي ولا تتسق بأي حالٍ من الأحوال مع سلوك متطرف أو ثقافة عدوانية أو تصرف يقود صاحبه باتجاه التصادم المقيت مع الآخر بهدف إقصائه وإلغائه!
- ومما لا شك فيه أنّ الأسوياء من أفراد وجماعات وقوى المجتمع الديمقراطي يأخذون بهذه القيم طواعية، ويتمثلونها في سلوكياتهم وأقوالهم وأفعالهم لتكون أوَّل دليل عملي وقيمي على انتمائهم للحياة الديمقراطية، أمَّا ما عدا أولئك فقد تذهب بهم ظنون السوء ووساوس المكر إلى عكس ذلك تماماً... وهؤلاء بقدر ما يضرُّون أنفسهم فإنّهم أكثر ضرراً على غيرهم من أفراد المجتمع وعلى النسيج الوطني للمجتمع بأسره.. وبالتالي تصبح مسألة تفعيل وإعمال المرجعيات القانونية والتشريعات النافذة بما فيها من روادع وعقوبات ضرورة ملحة لحماية المجتمع من الانحراف.. ولحماية المنحرفين أنفسهم من الانغماس في ما هو أكبر وأخطر من الجرائم التي تهدد المصالح العليا للوطن والمجتمع.
- وأيَّاً كانت ذرائع أو مبررات أو دوافع اقتراف القبح واستهداف السكينة وبث روح الكراهية والإقصاء وإذكاء نوازع التصادم، فإنها لا تكفي لحماية من يشهرها في وجه القانون بعد أن يتجاوزه ويلقي به وراء ظهره...
- في إطار من هذه المنطلقات والأسس والقواعد والقيم جاءت كلمة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية إلى رؤساء وأعضاء مجالس النواب والشورى والوزراء وقادة الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، ومن ثم إلى كل أبناء الشعب اليمني في الداخل والخارج، مجسِّداً وعي الربَّان الماهر لما يمكن أن يفرزه التمادي في أعمال العنف والتخريب والفوضى وثقافة الكراهية والمناطقية من انعكاسات سلبية على الوطن ومسيرة التنمية وسفينة المستقبل التي تحملنا جميعاً.
- بمسؤولية عالية وضع فخامة الأخ الرئيس كل أبناء الشعب وقواه السياسية في الصورة، مما حدث ويحدث، وممَّا يمكن أن يحدث، وقرع جرس التحذير من الفهم الخاطئ للديمقراطية، الذي يتجسَّد في التحريض على العنف، وإحياء المشاريع الصغيرة المدفونة، واستهداف السلم الأهلي ووحدة الوطن وسيادته، وتقزيم المنجزات العظيمة، وتسفيه القيم النبيلة التي آمن بها شعبنا وضحى من أجلها بالغالي والنفيس.
- على ما تقدم يمكن القول إنّ ما طرحه فخامة الرئيس ليس مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي، بل هو محددات رؤية جادة للتعامل مع قضية طال السكوت والتغاضي عنها على أمل في صلاح نفوس أثبتت وتثبت أنها لا تؤمن بالقيم والمرجعيات والمصالح العليا للوطن ولا تلتزم بالقانون، إلا عندما تكون الإجراءات القانونية فوق رؤوس أصحابها، وذلك متطلب متاح ومتيسر.
- وما دامت المسألة كذلك، فالجميع مع القانون وكل أبناء الشعب يقفون خلف فخامة رئيس الجمهورية المنتخب من قبل الشعب لحماية الوطن، وتثبيت دعائم التنمية والاستقرار والوحدة، وردع كل من تسول له نفسه العبث بمصالح الأمة وثوابت الوطن.
((وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون)) صدق الله العظيم
*افتتاحية 14 اكتوبر