عبد السلام الدباء - كم نحن بحاجة ماسة اليوم وكل يوم إلى التصرف بإيجابية في شتى أمور حياتنا والنظر بشكل متفائل إلى كل ما هو حولنا مهما كانت المشاكل والصعوبات التي تواجهنا.. لأن ماعدا ذلك لن يجلب لنا سوى المزيد من المتاعب والإحباط واستنزاف الجهد والطاقة في غير محلها..
وللتأكيد على ماسبق فإن من المفيد في هذا السياق أن أروي لكم هذه القصة المعبّرة والمفيدة..
يُقال إنه في يوم من الأيام دخل كلب إلى متحفٍ مليئ بالمرايا؛ وقد كان ذلك المتحف فريدًا من نوعه، فالجدران والسقف والأبواب وحتّى الأرضيات كانت كلّها مصنوعة من المرايا..
وبمجرّد أن دخل الكلب ورأى انعكاساته في المرايا، أصيب بصدمة كبيرة لأنه رأى أمامه فجأة قطيعاً كاملاً من الكلاب التي تحيط به من كلّ مكان، وهنا كشّر الكلب عن أنيابه وبدأ بالنباح، فردّت عليه الكلاب الأخرى التي لم تكن سوى انعكاس له بالمثل..
فراح الكلب يقفز جِيئة وذهاباً محاولاً إخافة الكلاب المحيطة به فيجدها وقد قفزت هي الأخرى مثله مقلّدةً إياه، وهكذا استمرّ الكلب المسكين في النباح ومحاولة إخافة الكلاب وإبعادها عن المكان دون جدوى..
في صباح اليوم التالي، عثر حارس المتحف على الكلب البائس ميتاً خالياً من الحياة، وهو مُحاط بمئات الانعكاسات لكلبٍ ميتٍ أيضاً..!
وفي الحقيقة فإنه لم يكن هنالك أي أحد ليقوم بإيذاء الكلب في المتحف، ولكنه في الواقع قد قتل نفسه بنفسه بسبب العراك مع انعكاساته في مرايا المتحف !
وفي الختام.. فإن هذه القصة يمكن أن نستخلص منها العديد من الدلالات والعِبَر المفيدة لنا في شتى جوانب الحياة العامة، ولعل أبرزها أن العالم حولنا قد لا يجلب لنا الخير أو الشرّ من تلقاء نفسه لان كلّ شيء قد يحدث من حولنا قد يكون ما هو إلاّ انعكاس لأفكارنا ومشاعرنا وأمانينا وأفعالنا..
وبذلك فإن العالم من حولنا ما هو إلا انعكاس لصورنا عبر مِرآة الحياة الكبيرة لأفعالنا..
ولذلك ينبغي علينا أن نحسِن الوقوف أمامها؛
وأن ندرك بوعي كل ما هو حولنا ونتعامل معه بمعرفة وحلم وحكمة وإيجابية تنعكس على حياتنا خيراً وسلاماً وسعادة. |