موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


إغلاق 10 شركات أدوية في صنعاء - إجراءات جديدة للبنوك اليمنية.. وتحذير لمركزي عدن - البرلمان يستعرض تقرير بشأن الموارد المحصلة - وصول 1820 مهاجر أفريقي إلى اليمن في يونيو - “مخاطر الجرائم الإلكترونية على المجتمع اليمني” في ندوة بصنعاء - السعودية تدشّن حرب الموائد على اليمنيين - إيرادات ونفقات صندوق المعلم على طاولة البرلمان - ارتفاع عدد شهداء الدفاع المدني بغزة إلى 79 - ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 38664 - "طوفان الأقصى".. تحوّلات إقليمية ودولية -
مقالات
الميثاق نت -

الثلاثاء, 28-مايو-2024
عبدالجليل احمد ناجي -
كان بين قريتنا وبين الحدود الشطرية حوالي 50 كلم، وكانت تُعتبر مسافة آمنة قياساً بمن هم أقرب منا إلى الحدود إذا قطعتها بالسيارة مع الملاوي والجبال قد تصل إلى 70 كلم، فكلما اقتربت اكثر من الحدود الشطرية ما بين منطقة سناح الضالع الجنوبية ومدينة قعطبة الشمالية زاد جحيم المعاناة، هذه المنطقة الفاصلة والمناطق التي تقع على امتدادها من جهتي الشمال والجنوب كانت تُعتبر بؤرة الصراع الشطري المقيت الذي لن يدرك فداحة كارثيته إلا من عايشه واصطلى بناره.. إذا اشتعلت الحرب بين الشطرين تحولت هذه المنطقة إلى نار موقدة ومواجهات دامية تزهَق فيها الأرواح وتدمر القرى وينزح السكان كما حدث في حرب 1979م، وإنْ توقفت الحرب الثقيلة نشطت الحرب المخابراتية رصد واشتباه واعتقالات وإخفاء قسري متبادَل لكل من تقترب قدمه من الحدود، أو يُشتبَه بضلوعه في نشاط أو تحرك لصالح الشطر الآخر، ونتيجة لذلك شهدت هذه المنطقة قطيعة اجتماعية فظيعة.. أنت في مدينة قعطبة أو في أي قرية شمالية لا تستطيع أن تزور أو حتى تعلم بحال أقاربك وأهلك وأصهارك في قرى الضالع الجنوبية التي لا تبعد عنك سوى مسافة قصيرة.. والعكس صحيح أنت في الضالع لا تستطيع أن تزور أو حتى تعلم بحال اقاربك وأهلك واصهارك في قعطبة القريبة التي لا تفصلك عنها سوى حاجزين عسكريين وفي غيرها من المناطق.. أنا شخصياً لم أزر أو حتى أتعرف على أخوالي الذين كانوا يسكنون في مدينة الضالع منذ ان كنت طفلاً حتى زاروني في صنعاء وأنا طالب بالجامعة عام 1991م عقب إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة عام 1990م . .
أحد أصدقائي كان اسمه أحمد مانع، كانت والدته من قريتنا العذارب التابعة لبعدان محافظة إب في الشمال، ووالده ضالعي، انفصلا وهو طفل وتربى عند والده في الضالع إلى أن صار عمره حوالي 12 سنة؛ وفي هذه السن ازداد شوقه لرؤية والدته فغامر وعبر الحدود الشطرية متخفياً واستطاع اجتياز الحواجز العسكرية الشطرية حتى وصل مدينة قعطبة فتم اكتشافه واعتُقل في الأمن الوطني بمدينة قعطبة؛ وبعد فترة تم إطلاق سراحه واستطاع أن يصل إلى أمه في مديرية بعدان وعاش معها فترة ثم اشتاق لرؤية والده فغامر مرة أخرى واجتاز الحدود الشطرية متخفياً إلى الضالع لكن أمن الدولة في الجنوب قبض عليه وأودعه المعتقل لفترة وتم إطلاق سراحه فعاش مع والده فترة في الضالع؛ وفي كل مرة كان يعالج فقده وشغفه لأحد والديه بركوب المخاطر وعبور الحدود الشطرية العامرة بكل أنواع المخاطر، فمرة ينجو ويعبر، ومرة يتم اعتقاله ويتعرض للتحقيق والتنكيل، وكان التعذيب يترك ندوباً واضحة على جسده، الى أن تم القبض عليه آخر مرة من قِبل حملات التجنيد الإجباري وقُتل بطلق ناري خطأ من قِبل أحد زملائه قبل الوحدة بأشهر..
من يسعون اليوم لإعادة تمزيق اليمن إلى أشطار عِدة ربما بدافع الحقد الكامن في النفوس نتيجة مواقف قديمة أو بدعم وتمويل خارجي له رغبه في تمزيق اليمن لخدمة مصالحه، لايدركون حجم المأساة التي كان يعيشها المواطن اليمني في الشمال والجنوب، والثمن الغالي الذي دفع على مدار عقود نتيجة الصراعات الشطرية وحالة التمزق الروحي والعاطفي التي كانت تعيشها كثير من الأسر اليمنية..
نحن شعب لا نوثّق الأحداث والصراعات الدامية بتفاصيلها وأبعادها الاجتماعية والإنسانية.. قد يكتفي المؤرخون والكُتاب بتدوين جزء من الصراعات العسكرية ويغفلون الآثار الاجتماعية والإنسانية وما تتعرض له الأسر والأشخاص من مآسٍ جمة، وحالة الدمار للبنى الأساسية والموارد الاقتصادية والخدماتية
حتى تكون مصدر إلهام للإجيال القادمة؛ فقصة فرد أو أسرة يمكن أن تتحول من مجرد مادة تأريخية إلى إنجاز روائي وعمل درامي سيكون مصدر إلهام للإجيال القادمة ويشكل وعياً جمعياً ينتقل من جيل إلى جيل..
لأننا في اليمن نشكو من سرعة دوران المصائب والنكبات علينا.. النكبة التي عايشتها وأنت طفل سرعان ما تعود وأنت رجل ناضج أو شيخ كبير ..
حركة التاريخ في اليمن تشهد فوضى مجنونة؛ كلما حاولنا السيطرة على ناصية الأحداث لتبقى على المسار الصحيح والطبيعي فلت الزمام من أيدينا.. ورجعنا إلى دوامة الصراعات والخصومات والعصبيات المناطقية والطائفية والقروية وضيعنا مستقبل البلاد والعباد والجمل بما حمل.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
المستقبل للوحدة
بقلم / صادق بن امين أبو راس- رئيس المؤتمر الشعبي العام

حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
وحدتنا وشراكتنا.. الضمانة الحقيقية
يحيى نوري

العدوان الأميركي - الاقتصادي على اليمن.. ماذا في التداعيات والرد؟
فاطمة فتوني

أيها الباراسي الحضرمي اليماني الوحدوي الصنديد.. وداعاً
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور*

"الإمارات".. الذراع الصهيوأمريكي في الشرق الأوسط.. مصر نموذجاً
محمد علي اللوزي

للصبر حدود
أحمد الزبيري

ماقبل الانفجار
أحمد أمين باشا

صاحب ذاكرة الزمن الجوال في ذمة الله
عبدالباري طاهر

مرض لا يصادق احداً
عبدالرحمن بجاش

الرئيس علي ناصر.. وسلام اليمن
طه العامري

مقال صحراوي يخاطب الضمير الغائب.. “لَصِّي النور يا نور”
عبدالله الصعفاني

فرنسا في مهب المجهول.. فاز اليسار فهل يتركونه يحكم؟
بيار أبي صعب

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)