أحمد الشاوش - تطل علينا الذكرى المجيدة للحدث التاريخي الكبير الذي توحدت فيه قلوب ومشاعر وآمال وطموحات وأهداف الشعب اليمني العظيم ، والتقاء الإرادة الشعبية والسياسية التي أزاحت براميل الانفصال وحطمت الحواجز السياسية والأيديولوجية والنفسية بعد عدة حروب عبثية وكفاح ونضال ومفاوضات وحوارات وطنية نابعة من العقل والقلب والحكمة وتغليب المصالح العليا للوطن والشعب، عكست عظمة الاصطفاف الوطني والأهداف السامية والمصالح الشعبية التي تجلت في إعلان الوحدة اليمنية في الـ 22 من مايو 1990م، ذلك الحدث التاريخي البارز الذي أذهل العالم، والزلزال الذي تحطمت عليه المؤامرات الإقليمية والدولية وقلبت الحسابات السياسية وشكلت صدمة كبيرة لبعض الأنظمة التي راهنت كثيراً على اليمن المفكك والمجزأ والمنقسم..
في مثل هذا اليوم المُشرق والدافئ والآمن والمستقر والمنتعش خرج الشعب اليمني للاحتفال بهذه المناسبة العظيمة والحدث الاستثنائي في محافظات ومدن وقرى وساحات اليمن السعيد وعواصم ومدن العالم في حالة أصطفاف وطني يعجز اللسان عن وصف تلك المشاهد والحديث عن شمس الحرية واللُحمة اليمنية التي أعادت الروح واختلطت فيها المشاعر الفياضة التي ارتسمت عليها مشاهد الفرح والدموع عند إعلان الوحدة اليمنية الخالدة ..
وحدة اندماجية انصهرت في دولة جديدة وفتية هي "الجمهورية اليمنية" ذابت فيها كل المصالح الشخصية والقروية والمناطقية والايديولوجيات والنظريات العبثية، ورفرف علمها في كل بقاع العالم معلناً اليمن الجديد..
يدور شريط الذكريات الجميلة ولا تُغادر أو تفوت أفئدة وعقول وعيون الشعب اليمني تلك المشاهد المهيبة والصور العظيمة والجماهير الوفية لذلك اليوم الأغر واللحظة التاريخية العجيبة والمنجز العظيم الذي أرتفعت في سماء الوطن راية الوحدة وعلم الجمهورية اليمنية بيدي الرئيس علي عبدالله صالح والرئيس علي سالم البيض، وكوكبة من الشخصيات السياسية والتشريعية والقضائية والدبلوماسية والعسكرية والأمنية والقانونية والفكرية والثقافية والحزبية والمشائخ بالإعلان عن المولود الوطني يوم 22 مايو 1990م..
لقد مرت الوحدة اليمنية بمحطات عِدة تمثلت في إحداث عمليات التنمية والبناء والإعمار والإنجازات وتحولات كبيرة عكست خيرها على الشعب اليمني من خلال تقديم خدمات الكهرباء والمياه والصحة ومجانية التعليم وبناء المؤسسات والمدارس والجامعات والمعاهد والطرقات وشبكة الاتصالات والانترنت والجسور والأنفاق وإتاحة الفرص والوظائف وصرف المرتبات والحقوق وانتعاش سوق العمل بالإضافة إلى ما صاحب ذلك من سكينة وأمن واستقرار انعكس إيجاباً على المواطن الذي لمس وعايش تلك الخدمات التي عكست عَظَمة "الدولة" والحكومة والمؤسسات التي نقشت في قلوب اليمنيين حُب وتقديس دولة الوحدة..
اليوم يحن اليمنيون إلى الاصطفاف الوطني والحاجة الماسة للمحافظة على الوحدة اليمنية؛ وتتشكل على مدار الساعة قناعة راسخة بأن دولة الوحدة هي السقف الآمن لكل اليمنيين بعد أن تاه اليمنيون في الصراعات العبثية والمشاريع المشبوهة والأموال المدنسة والتضليل والمزايدة وتقاسم الوطن والشعب والثروات والتحول إلى أدوات ضيعت البلاد والعباد، ورغم ذلك السقوط يؤكد الواقع أن تلك المشاريع والشخصيات الكرتونية إلى زوال بعد أن نفد صبر الشعب اليمني ونهش الجوع جسمه ونخر الفساد عظمه في ظل سياسات الإفقار والتجويع وغياب الخدمات وتحويل الشوارع والطرقات إلى براميل ونقاط ودشم لابتزاز المسافر وترويع المواطن..
كل الشواهد تؤكد على أن حُكام اللحظة اليوم في كافة أنحاء اليمن يفضّلون البراميل على السيادة وتمزيق النسيج الاجتماعي وصناعة الأزمات والفقر والجوع والبطالة، ورغم ذلك لم ولن تنجح عقلية البراميل والباروت وسياسة فرّق تسد، لاسيما بعد أن مس الضر المواطن والسيادة وغابت الكثير من الخدمات ورعاية الدولة والمؤسسات من كهرباء وماء ووظائف ومرتبات وطرقات وموانئ وجودة تعليم ومستشفيات وهو ما أعاد التفكير الإيجابي للمواطن وعمل مقارنة سريعة وأوصله إلى قناعة تامة تؤكد أهمية الاصطفاف الوطني وتجديد العهد للوحدة اليمنية واحترام دولة المساواة واصطفاف الشعب اليمني حول دولة الوحدة بعد أن فشلت الحكومات الحالية في كافة مناحي الحياة ..
أخيراً.. سيحتفل اليمنيون اليوم وكل يوم بمختلف مشاربهم السياسية والاجتماعية والفكرية في ربوع اليمن باليوم التاريخي للوحدة اليمنية، باستثناء المنخنقة والمتردية والنطيحة.. وسيحتفل اليمانيون بالجمهورية اليمنية لاسيما بعد أن تعرت جميع الأجندة والمشاريع المشبوهة وسقطت الكثير من القيادات والنُخب والايديولوجيات المنتهية الصلاحية، لأن الشعب عاش المرارة والعلقم وشاهد عيان على كل النعثات والمسرحيات.. وأن يوم 22 مايو 1990م هو يوم مقدس في حياة الشعب اليمني والأمة العربية والعالم الإسلامي والإنسانية ..
سنردد أغنية الفنان محمد سعد عبدالله: "وحدويين".. وحدويين .. ولا في مجتمعنا شاذ .. ولا فينا انفصالي .. وحدويين ولا هذا جنوبي عاد .. ولا هذا شمالي.
|