عبدالله الصعفاني - سمعة الكهرباء في جميع المناطق اليمنية الحارة سيئة كالشتيمة.. ورغم ذلك تسمع من المسؤولين الحكوميين من يبرر للوضع الكهربائي البائس فيقول كل شيء إلا الحقيقة..
* هذا العبث الكلامي يجعلك تتمنى لو كان مخترع الكهرباء المدعو أديسون حيًاً، فتدخل على صفحته في فيسبوك، وتكتب فيها “الكهرباء في اليمن عار على اختراعك يا سيد أديسون.. لقد كنا في ظلام الأزمنة الغابرة أحسن”..
* وحتى لا أتوه في تكعيف سكان المناطق الحارة المزيد من الطاقة السلبية، وهم ينتظرون الطاقة الكهربائية سأتوقف أمام معاناتهم بخلطات كلامية، متنقلاً بين الجد والهزل، المأساة والملهاة.. ولا بأس من الوعظ والإرشاد الديني الخادم للسلطات على طريقة العالم الأزهري الذي اعتبر نار الصيف نعمة للتدبر في جهنم..!
* الصيف بلا كهرباء حكومية منتظمة ورخيصة في مناطق حارة لا قِبَلَ لمواطنيها الفقراء بتكلفة شراء طاقة كهربائية بديلة صار – بلا مبالغة – آية عذاب، وبروفة استباقية، واللهم إننا مؤمنون بقولك الكريم “قُلْ نار جهنم أشد حرَّاً”..
* وكثيراً ما نستشهد بصعوبة الجمع بين عسرين، فكيف هو الحال عندما يجتمع الفقر والحياة المعيشية المعقدة والطقس الحار والإهمال الذي لا يراعي في إخوة لنا حقاً في حياة محفوفة بدرجة معقولة من الرحمة وسط ارتفاع أسعار السلع والخدمات وتكاليف مواجهة الأمراض..
* ولست في وارد فتح صفحة شكاوى ومظالم، لأن الأوجاع في زمن التشظّي والصراع كثيرة وسط اتساع الخُرْق وغياب الراقع، لكن نفثات التوجع من الكهرباء وسنينها وانقطاعاتها وأسواط فواتيرها لا بد أن تبقى معروضة على محكمة الضمير، لعل وعسى يستيقظ ضحايا الخمول الصيفي على تأسيس حكومي لحلول مستقبلية..
* وعلى ذمة بعض الزملاء في عدن والحديدة والمكلا، جاء الصيف هذا العام مبكراً، وفي نيته التطويل شأن أي ضيف ثقيل.. ما يفرض وضع كل مسؤول داخل الزمن والحال الكهربائي التعيس.. كيف لا ونحن شاهدين على صعوبة عيش الملايين في مدن وقرى تعاني من اجتماع الجو الملتهب والكهرباء الغائبة الغالية، وصعوبة تسديد فواتير استهلاك الضوء، فكيف بالمكيفات والمراوح.. فضلاً عن تزامن ذروة الصيف مع موعد استئناف فتح الفصول الدراسية أمام تلاميذ لا يفهمون في الأبعاد السياسية والفلسفية التهريجية.. فهل من سبيل لوعي إنساني بحقيقة أن الصيف في اليمن وحده لا يبتسم، ولا يرحم، وأن الضحك في الصيف ابن ستة وستين، وقليل أدب أيضاً..
* كهرباء لا تكفُّ عن الانقطاع بالساعات كل يوم، وظروف سواحلية وصحراوية مناخية صعبة، وفقر لا يسمح باقتناء الطاقة الشمسية بتكلفتها وتعرضها للإهلاك بثنائية التقاء الحرارة والرطوبة..
* في تهامة الغرب.. الناس فقراء أكثر، يعانون من الدخل المعدوم ومن ملهاة المرتبات الغائبة.. وفي عدن والمكلا ومناطق الصحراء يعانون أيضاً من انهيار القيمة الشرائية للمعاشات التي تتأخر، وعند حضورها تتبعثر داخل دفاتر الديون في الأيام الأولى للقبض، فضلاً عن ثقافة عدم التفكير خارج شرنقة المرتبات..
* وما يعبث بناصيتك، ويخرم سمعك، ويطز نظرك أن أبناء تهامة الطيبين الفقراء يضطرون لعدم استخدام المراوح أو المكيفات إنْ توافرت، خوفاً من التكلفة، أو أن المواطن في المناطق الساخنة يقول لزوجته وهو يتصبب عرقاً في الظلمة: لصِّي النور يا نور، فتطبق معه نظرية الخرس الزوجي..
* ويظهر الاستهتار بالزمن والناس عندما تقرأ خبراً رسمياً غبياٍ من عدن يقول للناس وهم يتصببون عرقاً: “إن التحضيرات الفنية جارية استعداداً لرسو سفينة وقود الديزل بميناء الزيت، وأنه عقب الانتهاء من الاستعداد “داد.. داد.. داد” سيتم ضخ الوقود للخزانات.. ثم سيتم تعبئة الناقلات في مسكب البريقة.. وأن الزيت سينقل تباعاً و ”نباعاً” إلى المحطات المتوقفة كلِّياً على مدار 24 ساعة..
بالذمة هذا كلام..؟
دا كلام يا عبدالمعطي..؟
* الناس يحترقون وأنت منتظر للسفينة، وبعدين تقول للناس: عيب السبوب.. واللعن مش تمام، فيما “اللَّوَك” أمام ضغط الإنهاك الحراري وضربات شمس النهار وكاوي وطاوي الليل حلال زلال..!
* وأما وقد طال الكلام، فاسمحوا لي أن أغلق وأغني مع أيوب طارش “ليت الحزيران في كانون”
أيوه.. باغَنِّي.. باغنِّي.. بأمر الدولة..! |