محمود ياسين - أسوأ ماقد يترتب على انتصاركم ضد قرارات البنك المركزي ، هو ان يأخذ شكل الانتصار الشخصي وامتلاككم الاحساس ان لا أحد يمكنه ان يضغط علينا بعد ،تسترخوا فوق ماانتم مسترخون ولا تعودوا تلزمون انفسكم بشيء تجاه حاجات الناس وحقوقهم ومتاعبهم..
تغمغمون هكذا : لن نغلب بعد اليوم .
يجب ان ينتقل الضغط والتهديدات من خارجكم وخارج نطاق سلطتكم لداخلكم انتم ،لتشكل حالة من المسؤولية والاحساس بثقلها وثقل حياة الناس بدلا من هذا التخفف الذي انتم عليه والذي قدمه لكم ضعف الخصوم وفقدانهم للمسؤولية ايضا ، هذا التخفف الذي انتم عليه وهذه الطمأنينة خطرة للغاية ، طمأنينة وتخفف الذي " دخل جنته وهو ظالم لنفسه قال مااظن ان تبيد هذه ابدا " ، هذا التخفف الذي سيتحول لخفة ،خفة مع الناس واستخفاف بحياتهم ومطالبهم ، خفة مع السلطة ومع المال العام ، خفة واستخفاف بالذات يدمغ اعظم التجارب والتحديات بشيئ من لا مبالاة المحظوظ ، المحظوظ الذي يتعاطى مع كل تحد بمزبج من المجازفة وعدم الاكتراث للعواقب .
انا واحد من الذين رفضوا اجراءات البنك خوفا على مصالح الناس ، وانا واحد من الذين تحمسوا لصواريخكم ومسيراتكم انتصارا لمظلومية غزة ، لكن لا يمكنني مباركة تحويل توقف اجراءات البنك المركزي لضمانة بأيديكم واعفاء من اي تدابير اقتصادية وانفاق في رواتب الناس ومصالحهم وطرقهم ومستشفياتهم ومدارسهم ، وان لا تتحول المسيرة التي اطلقتموها في قلب عدو الأمة لرصاصة مشروعة في قلب كل حق يمني متهمون بمصادرته والاستئثار به .
هي هكذا تحدث الأمور ،وتقدم الأيام والظروف لقوة صاعدة فرصا متتالية ، هذه هي النقطة الاساسية ،انكم قوة صاعدة وكل نخب السياسة والقبيلة والعسكر والحزبية في طريقها للذهاب والغياب .
حدث هذا مرارا وتكرارا في تجارب معظم الشعوب ، لا سيما عقب انهيارات الدول ، شيئ له علاقة بالفيزياء او مايعرف بالفيروتا ،والفيروتا هذه اصطلاح يتم استخدامه لتعريف صعود بعض القوى على ان الفيروتا هذه هي " تفاعل غامض بين القدر والحظ " .
يعني مقبلة معاكم
حقوق الناس لا تسقط بغباء من يتحدثون عن حقوقهم ولا بخيانتهم لتلك الحقوق او رهنها بتصرف عدو خارجي ، الحقوق التي لا تسقطها اي معركة خارجية مهما كانت قدسية هذه المعركة..
وما لم يتمكن أعداؤكم الأكثر احتداماً وضغينة وعمى من خارج ماانتم ربما يأخذ طريقه للتحول لإشارات نزيهة ومسؤولة يرسلها لكم خصومكم الاكثر عقلانية والتزاما تجاه وطن يجب ان يبقى ويتسع للجميع ،ومسؤولية هؤلاء الخصوم العقلاء تجاه حقوق الناس وحتى تجاهكم بوصفكم القدر الذي يريدون ان تكتنفه ألطاف الله، والسعي لإقناع مايراه الآخرون ضرراً، وإقناعه ان بوسعه ان يكون ضرورة .
مالم تقدر عليه قوة خصومكم الأشد ستقوم به نقطة ضعفكم الداخلية الأكثر فتكاً والمتمثلة في ثنائية:
النرجسية والجشع . |