عبدالرحمن بجاش - لايزال صوت تلك الألمانية يتردد صداه في نفسي قهراً، ومفاده ما قالته أمامي للمسئول الأول عن المدن التاريخية:
أنتم لا تستحقونها !!
وأنا - والكلام لها - لن أعود إلى هذه البلاد لأنكم بلا مشاعر!!!
وتضيف: أعطوني صنعاء القيّمة وسترون كيف أحافظ عليها ..
وخرجت غاضبةً، وصاحبي يتفرج عليها كالأبله !!!!
يومها زَجَّ بي صديق استأجر مكاناً قديماً ليحوّله إلى مكتب سفريات بابه من خشب يشرف على السائلة، لم يقل لي إن المطلوب إقناع الجالس على الكرسي بالموافقة على استبدال الباب الخشبي بالحديد !!!
عندما عرفتُ أنني أتوسط في شيء غلط، قلتُ للمسئول إياه:
رجاءً تحبس البعداني صاحبي وخرجت؛
اكتشفتُ بعدها أنه استطاع فعل كل شيء "بفلوسي"..
هذا الصباح نويتُ الذهاب إلى معشوقتي صنعاء، وبالصدفة أدرتُ مؤشر الراديو على برنامجٍ، أصغيتُ لما كانت إحداهن تتحدث بألم:
بيت فلان سقط ليسقط معه خمس بيوت في صنعاء القديمة، وراحت تتوسع في الحديث عما حصل قبل السقوط:
قبل أربع سنوات بدأوا يرممون بيتهم، جاءت الهيئة منعتهم، طيب اعطونا معايير معتمَدة للترميم ونحن سنلتزم، لا.. ممنوع؛ حتى قُضي الأمر بسقوط البيت جراء أمطار الأسبوع الماضي.. ذهب أصحاب البيت إلى الهيئة وأبلغوهم، كان ردهم لا حول ولا قوة إلا بالله.. طيب ساعدونا نفعل شيئاً، والله ولا ريال في الخزينة !!!
خلاصة الأمر هناك من يريد لصنعاء القديمة أن تسقط كلها، لتتحول إلى دكاكين وفلل !!!
لن يتنبه أحد..
لن يغير أحد حتى الذين ملأوا جيوبهم بالأخضر بفضلها..
إلى ضميرٍ لا أدري أين هو..
إلى عقول تعي ..
إلى ..
إلى ..
الحقوا صنعاء القديمة والتاريخية حسب ما يظل يصرخ في وجهي يحيى سرور، ابنها وعاشقها الأول.. وأنا محبها ومن له علاقةٌ خاصةٌ بها أقول:
الحقوها رجاءً ..
من أكلم ؟
من أخاطب ؟
لا أدري !!!!
ألا هل بلَّغت، اللهم فاشهد.
|