بقلم/ يحيى علي الراعي* - تتواصل أفراح شعبنا بأعياد ثورته (26 سبتمبر و14 أكتوبر و30 نوفمبر)، ويصادف اليوم الإثنين الذكرى الـ"61" للثورة الوطنية اليمنية التحررية من الاستعمار البريطاني في الـ14 من أكتوبر 1963م، والتي جاءت نِتاج نضالات وتضحيات اليمنيين وحركتهم الوطنية على امتداد فترة الغزو والاحتلال البريطاني طِيلة 129 عاماً، والتي بدأت تثمر مع كفاح الشعب اليمني ضد الاستبداد والاستعمار، وهذه المرحلة كانت مرتبطة بحراك سياسي تحرري وطني وإقليمي ودولي لعبت فيه الحركات السياسية والتحركات الشعبية ضد الاستعمار البريطاني الذي شهدته عدن دوراً في إنضاج الوعي الوطني التحرري، لتشكّل في هذا السياق ثورة 26 سبتمبر 1962م الأرضية الصلبة لانطلاقة الثورة اليمنية 14 أكتوبر ضد الاستعمار..
أكثر من 6 عقود مرت واجه فيها الوطن اليمني وثورته تحديات وصعوبات ومخاطر ومؤامرات خارجية وداخلية أدت في الكثير من الأحيان إلى انعطافات لم تكن بالاتجاه الذي يتطلع إليه شعبنا، وهُنا يمكننا سرد الكثير من الأحداث وإعطاء الكثير من الأمثلة، ولكن ليس هذا المهم، وتقييم كل ذلك متروك للتاريخ والمؤرخين المتخصصين..
في هذا السياق لا بد من الإشارة إلى أن الوحدة اليمنية كانت هي الهاجس والقضية التي يصطف حولها كل اليمنيين في فترة النظامين الشطريين، ولم تفلح مؤامرات الخارج الإقليمي والدولي بإبعاد اليمنيين عن استعادة وحدة وطنهم التي تحققت في لحظة تاريخية من التحوُّل الدولي في الثاني والعشرين من مايو 1990م، والذي لم يكن إيجابياً لبناء دولة يمنية موحدة تحقق العدالة والمواطنة المتساوية بمعناها الحقيقي، وحتى نكون منصفين كانت الخلافات الداخلية مدخلاً تلعب من خلاله القوى الخارجية المعادية في الساحة اليمنية، والتفاصيل معروفة، وهي التي أوصلتنا إلى ما تعرَّضنا له وما نحن فيه من عدوان خارجي وانقسامات تضعنا أمام تحديات لا تقل خطورتها عما واجهناه قبل انتصار الثورة اليمنية وبعدها، وبدلاً من أن يكون هناك ارتقاء وسُمُو في الوعي الوطني إلى مستوى منجز الوحدة، نجد اليوم بين أبناء المناضلين والثوار الذين خاضوا معركة التحرير مَنْ يتحدث عن أن بريطانيا كانت شريكاً ولم تكن مستعمراً متجبراً ومتغطرساً عمل على فُرقة وتمزُّق اليمنيين ليسهل عليه السيطرة والهيمنة بنظرة استعمارية عنصرية مُورست بخُبث لطالما عُرفت بها الامبراطورية الاستعمارية البريطانية..
اليوم علينا أن نستلهم من الثورة اليمنية تلك الروح الوطنية التحررية في مواجهة الأطماع الخارجية التي هي أكثر مكراً وخُبثاً مما كانت عليه قبل 61 عاماً.. وعلى القوى السياسية اليمنية التي يهمها سيادة ووحدة واستقلال اليمن أن تخرج من المسارات الخاطئة وتلتقي على حقيقة أننا جميعاً مستهدَفون، وأن حاضرنا ومستقبلنا مرهون بتغيير حساباتنا وخياراتنا الخاطئة، لا سيما وأن المخاطر شاخصة أمامنا وهي بكل تأكيد لا تقتصر على اليمن بل المنطقة كلها.. والحرب العدوانية الإجرامية التي نتعرض لها ويتعرض لها اليوم الشعبان الفلسطيني واللبناني، تجعلنا نستلهم الدورس من ثورة الرابع عشر من أكتوبر، وإدراك أن لا وجود لنا إلا بالوقوف في وجه أعداء الأمة والمتمثلين في الصهيونية والقوى الاستعمارية التي هي اليوم أكثر شراسةً أمام خوفها من التحولات العالمية..
الـ14 من أكتوبر ثورةٌ تحررية ذات مضامين وطنية وعربية وإسلامية وإنسانية، وينبغي فهمها في سياق أنها جزء من حركة التحرر القومي العربي والعالمي.
* النائب الأول لرئيس المؤتمر الشعبي العام
|