أ.د محمد حسين النظاري* - مهما طال الزمن يبقى للثورة رونقها، خاصة عندما تكون ضد محتل كبريطانيا، التي كانت تسمى بالإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، نظراً لاحتلالها دولاً في شتى القارات مما جعل الشمس ساطعة دوماً في الدول التي تحتلها..
تلك الشمس غيبها اليمنيون في الـ١٤ من أكتوبر ١٩٦٣م، عندما ثار اليمنيون على احتلال بريطانيا لجنوب اليمن..
استلم ثوار أكتوبر من إخوانهم في ثورة سبتمبر فكرة تقرير المصير، فكان لهم ما أرادوا، ليرحل آخر جندي في الـ٣٠ من نوفمبر المجيد عام ١٩٦٧م..
الاحتلال هو هو وإن تغيرت الطرق والوسائل، فأصبح المحتل الجديد يسيطر على السيادة ويحرك القادة عن بعد، وبذلك لا يخسر حتى جندي واحد..
لم يعد المحتل يحتاج في العصر الحديث إلى توجيه أساطيله والدفع بجنوده مما يعرضهم للخطر، فبدون ذلك أصبح له من أهل البلد نفسه، أشباه رجال يعملون لخدمته على حساب مصلحة بلدهم..
الثورات اليمنية التي كانت من اوائل ثورات المنطقة العربية، دافعا ومحركاً لتواليها في الاقطار العربية، لتكون اليمن كما هي دوماً مثالاً للدول الأخرى..
ها هي الذكرى الـ ٦١ من عمر ثورة أكتوبر تتجدد، وها هم اليمنيون يستعدون لاحيائها في كل مدينة يمنية، مستذكرين قيام أبنائهم وأجدادهم بالثورة على أعتى محتل في العالم، تمكن حتى من احتلال أمريكا، قائدة الاحتلال الجديد في العالم..
ونحن نحتفل بالثورة على المحتل البريطاني، نرى ونشاهد ما يقوم به المجاهدون في فلسطين المحتلة من بطولات ضد المحتل الصهيوني الذي يقوم بما لم يقم به أي محتل في العالم، من اغتصاب للمقدسات وتسوية المباني بالأرض ودفن الشهداء تحت انقاض بيوتهم في ظل صمت عالمي مخزٍ، وسط دعم من أمريكا وبريطانيا وتواطؤ غربي
وعربي كبير..
إن صمود مجاهدي حركات المقاومة الفلسطينية دليل على أن الاحتلال لا بقاء له وإن استخدم كل آلات القتل والدمار، كون قضية الوطن أقوى منها..
اليمنيون هم في طليعة المساندين للقضية الفلسطينية، وسلاحهم يقصف دولة الكيان الصهيوني بالصواريخ والمسيرات، كما أنهم يفرضون حصاراً بحرياً مطبقاً يكلف العدو خسائر يومية ضخمة..
إن جهاد اليمنيين نايع من إيمانهم بعدالة قضيتهم المركزية، وكون تحرير الأقصى هو مسؤولية جميع المسلمين..
الموقف اليمني هو الأشجع ومتقدم بكثير عن بقية الدول، وتأثيره المباشر والمباغت، أذهل العدو وأثر فيه، وهنا يكمن قوة المساندة اليمنية..
ونحن نحتفل بذكرى ثورتنا المجيدة يؤلمنا ما يحدث لإخواننا في لبنان، وجهاد اللبنانيين ضد العدو الإسرائيلي ينبغي دعمه، كونه جبهة مباشرة مع جنود العدو، وحتى لا يتكرر الاحتلال الإسرائيلي للبنان مجدداً..
نسأل الله تعالى الرحمة لشهداء الثورات اليمنية وللشهداء في فلسطين ولبنان، والشفاء للجرحى والنصر القريب على العدو، الذي لا يفرق بين المسلمين، فهو يقتل متعمداً دون تقريق، مما يستوجب مواجهته جماعياً دون تفريق.
* عميد مركز التدريب وخدمة المجتمع بجامعة البيضاء
|