الميثاق نت - إعداد / محمد عبده - ثورة الـ14 من أكتوبر المجيدة التي انطلقت شرارتها من جبال ردفان الشمَّاء عام 1963م بقيادة الثائر البطل راجح بن غالب لبوزة، زلزلت الأرض تحت أقدام المستعمرين البريطانيين الذين احتلوا عدن في 19 يناير 1839م وفرضوا سيطرتهم العسكرية على كامل المناطق الجنوبية والشرقية من الوطن والتي كانت عبارة عن مشيخات وسلطنات «23 سلطنة ومشيخة»..
انطلقت ثورة 14 أكتوبر بعد عام و18 يوماً من قيام ثورة الـ26 من سبتمبر 1962م في صنعاء والتي قضت على النظام الملكي الإمامي الكهنوتي الرجعي المتخلف الذي كان جاثماً على المحافظات الشمالية.. وأكدت في الهدف الأول من أهدافها الستة الخالدة على: «التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات»، وبذلك توافرت الظروف الملائمة لانطلاق الثورة المسلحة ضد الاستعمار البريطاني والحكم السلاطيني في المناطق الجنوبية والشرقية ليستكمل الشعب اليمني عملية التحرر من الاستبداد الإمامي والسلاطيني والاستعمار الاجنبي.
حركة القوميين العرب
لم تمضِ سوى خمسة أشهر فقط على قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م حتى سارعت بعض القوى الوطنية في الجنوب للدعوة الى عقد مؤتمر في صنعاء بتاريخ 24 فبراير 1963م بدعوة من حركة القوميين العرب التي كان بعض عناصرها القيادية يتواجدون في شمال الوطن اليمني بعد الثورة، وقد تجمَّع في هذا المؤتمر ما يزيد عن مائة شخصية يمثلون بعض المنظمات الثورية السرية في الجنوب وبعض الشخصيات السياسية، وقد أكد المؤتمرون ضرورة اتّباع أسلوب الكفاح المسلح لتحرير جنوب اليمن المحتل، وصدر عن المؤتمر في ختام أعماله بتاريخ 5 مارس 1963م بيان أعلنوا فيه عن قيام جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل.
دور تعز في الثورة
لا يمكن الحديث عن ثورة 14 أكتوبر ومرحلة النضال والكفاح المسلح في جنوب الوطن، دون ذكر دور محافظة تعز وأبنائها المناضلين الأحرار وفي مقدمتهم مؤسس الحزب الاشتراكي وقائد العمل الفدائي في عدن الشهيد عبدالفتاح إسماعيل والشهيد مهيوب علي غالب الشرعبي «عبود» والشهيد عبدالعزيز عبدالولي ناشر العبسي ومحمد سعيد عبدالله حاجب الشرجبي «محسن» وراشد محمد ثابت وعبدالله احمد الخامري وعبده علي عبدالرحمن الشوافي وإسماعيل محمد شمسان الزريقي وإسماعيل الشيباني وعبدالواسع سلام الشرجبي وعبدالرحمن الصريمي وغيرهم كُـثُر لا يتسع المجال لذكرهم جميعاً..
لقد مثلت تعز أيقونة الثورة وواجهة المتطلعين للحرية والعدالة والحياة الكريمة.. فيها تم الانقلاب على الإمام أحمد بقيادة الشهيد المقدم أحمد الثلايا والذي فشل بسبب عدم الإعداد والتحضير الجيد له.. وفيها تم الإعداد والتحضير لقيام الثورة لإنهاء الحكم الملكي الإمامي والتي كان مقرراً قيامها في مدينة تعز يوم 23 يوليو 1962م بحكم تواجد الإمام أحمد فيها.. ولكن مرض الإمام وتدهور حالته الصحية جعل الثوار يؤجلون موعدها، وبعد موت الإمام في 19 سبتمبر من نفس العام وإعلان ابنه محمد «البدر» إماماً خلفاً لوالده في صنعاء فجَّر الثوار الثورة في صنعاء صبيحة يوم الخميس 26 سبتمبر 1962م.
الجبهة القومية
احتضنت مدينة تعز المناضلين من أبناء جنوب الوطن، ففي مطلع شهر أغسطس 1963م استقبلت تعز ممثلي حركة القوميين العرب فرع الجنوب اليمني القادمين من العاصمة اللبنانية بيروت والذين بدأوا التشاور لتشكيل جبهة الكفاح المسلح فتم الاتفاق على قيام الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل وتم عقد الاجتماع في 19 أغسطس 1963م في مدينة تعز وعقدت الجبهة القومية مؤتمرها الأول بعد عام من تشكيلها في مدينة تعز للفترة من 22-26 نوفمبر 1965م؛ وفي 3 يونيو 1964م تم افتتاح المكتب الرئيسي للجبهة القومية بمدينة تعز بحضور أبرز قادتها وفي مقدمتهم قحطان الشعبي وسالم ربيع علي ومهيوب الشرعبي «عبود».
قاعدة انطلاق الثوار
مثلت مدينة تعز قاعدة رئيسية لانطلاق ثوار 14 أكتوبر وأبطال حرب التحرير في جنوب الوطن لخوض الكفاح المسلح ضد القوات الاستعمارية البريطانية حيث تم فتح معسكرات تدريب للمقاتلين الذين توافدوا إليها من المحافظات الجنوبية ومن أبناء تعز أيضاً.. كما أنها كانت الملاذ الآمن لقادة حرب التحرير وكبار المناضلين المطاردين من قبل أجهزة المخابرات البريطانية في عدن..
لم يقتصر دور تعز على احتضان ثوار 14 أكتوبر وتدريب المقاتلين فحسب بل انطلقت منها شحنات السلاح إلى جبهات القتال في لحج والضالع والى عدن نفسها وكانت أول شحنة تم إرسالها في 9 يونيو 1964م، فيما أرسلت الشحنة الثانية في نوفمبر من نفس العام.
حلقة وصل
شكلت مدينة تعز حلقة وصل بين قيادات ثورة 14 أكتوبر والعالم فقد كان قادة الجبهة القومية وجبهة التحرير يتنقلون عبرها الى مصر والدول الأخرى.
إذاعة تعز.. صوت الثورة
مثلت إذاعة تعز صوت الثورة «14 أكتوبر» وكانت بمثابة الناطق الرسمي لها منذ لحظة انطلاقها في 14 أكتوبر 1963م، وحتى تحقيق الاستقلال الوطني الناجز ورحيل آخر جندي مستعمر من أرض جنوب اليمن في الـ30 من نوفمبر 1967م.
|