عبدالسلام الدباء * - في ظل التسارع المستمر للتقدم التكنولوجي وتزايد تأثيره على حياتنا اليومية، يتساءل الكثيرون عن مدى تأثير الأيديولوجيات الفكرية على هذا التطور، وما إذا كان بإمكان الأيديولوجيا الانتصار في مواجهة التكنولوجيا أو العكس..
فهل نحن أمام صراع حتمي بين الطرفين، أم أن العلاقة بينهما تكاملية تتغير مع الزمن؟
عندما نناقش العلاقة بين الأيديولوجيا والتكنولوجيا، نجد أن التفوق والانتصار بينهما يعتمد إلى حد كبير على السياق والظروف المحيطة، فالتكنولوجيا التي تعتمد على العلم والتطوير، تُعد أداة قوية وفعالة وتقدم حلولاً عملية وتُحدِث تغييرات ملموسة في الحياة اليومية، سواءً على مستوى الأفراد أو المجتمعات، ولقد شهدنا عبر التاريخ كيف استطاعت التكنولوجيا إحداث ثورات في مجالات متعددة مثل الاتصالات والصناعة والطب، مما جعلها في موقع قوة وتأثير مباشر على أنماط الحياة والاقتصادات العالمية..
في المقابل فإن الأيديولوجيا التي تمثل الإطار الفكري والقِيَمي الذي يوجّه سلوك الأفراد والمجتمعات، تلعب دوراً رئيسياً في توجيه كيفية استخدام التكنولوجيا، وذلك لأن الأيديولوجيات قد تشكّل مصدر إلهام للتغييرات الاجتماعية والسياسية، وقد تكون القوة الدافعة خلف كيفية استغلال التكنولوجيا لتحقيق أهداف وأفكار معينة، وفي بعض الحالات قد تسيطر الأيديولوجيا على العقول وتوجّه استخدام التكنولوجيا بما يخدم غاياتها، وسواءً أكانت هذه الغايات ذات طابع أخلاقي أو سياسي أو اقتصادي..
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو : من الذي ينتصر في نهاية المطاف؟.. والحقيقة أن العلاقة بين الأيديولوجيا والتكنولوجيا ليست بالضرورة علاقة صراع، بل يمكن أن تكون تكاملية.. فالتكنولوجيا قد تكون الأداة التي تستخدمها الأيديولوجيات لتحقيق أهدافها، في حين أن الأيديولوجيا قد تكون هي القوة التي تعيد تشكيل استخدامات التكنولوجيا وتوجهها نحو غايات محددة..
وفي النهاية، لا يمكن الفصل بين تأثير التكنولوجيا وتأثير الأيديولوجيا بشكل حاسم، إذ أن كل منهما يعتمد على الآخر في الكثير من الأحيان، فالتكنولوجيا هي الوسيلة، والأيديولوجيا هي التي تحدد كيف يمكن لهذه الوسيلة أن تستخدم وما هي الغايات التي تسعى إلى تحقيقها..
*مستشار وزارة الشباب والرياضة اليمنية
|